بعد وضع الحرب أوزارها.. مشهدية عالمية جديدة ترقبوا التغيير القادم.. على حساب الكيان المغتصب
كتب مبارك بيضون- مدير “مركز بيروت للأخبار”:
في رؤية استشرافية لمرحلة ما بعد العدوان الصهيوني على غزّة و لبنان، يظهر بوضوح لمَنْ يستبصر ويرى أنّ التغيير وحده النتيجة الطبيعية لكل ما يجري منذ اشتعال فتيل عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، وما تلاها في اليوم التالي من فتح “جبهة الإسناد” في جنوب لبنان، وصولاً إلى عدوان “سهام الشمال” على لبنان، فاستشهاد سماحة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
لذلك، تجزم كل المؤشرات بأنّ التغيير القادم بعد “وضع الحرب أوزارها” سيكون على حساب إسرائيل، والأيام الآتية ستخبرنا بأنّه إما القضاء على الكيان المؤقت أو الذهاب إلى الفوضى، خاصة مع تأكد أنّ العدوان الإسرائيلي الإجرامي ما هو إلا واجهة لصراع وجودي مع قوى الغرب الاستعماري ككل، وليس الدعم الأميركي على المستويات العسكرية والسياسية والأمنية إلا خير دليل على ذلك، وهو ما يعود إلى هيمنة “الصهيونية العالمية” على دوائر القرار الأميركية.
وقد زعم رئيس حكومة اليمين الصهيوني المتطرف بنيامين نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة – التي لم تخجل على نفسها وتطرده – بأنّ كيانه المغتصب يحمي العالم وأميركا من غطرسة إيران، في محاولة لإقناع الغرب بأنّ إسرائيل وحدها قادره على حمايته.
وعلى صعيد خداع شعبه الإرهابي، ادّعى نتنياهو أنّه سيُعيد مستوطنيه المغتصبين إلى شمال فلسطين خلال ما يُسمى “عيد العرش”، وها هو العيد قد انتهى، وسبق أنّ قالها الشهيد السيد حسن نصرالله “الخير في ما نرى لا في ما نسمع”، لذلك نرى اليوم بوضوح جنون العدو وتخبّطه في المستنقع اللبناني الذي يجرّه إلى مأزق كبير جداً، خاصة أنّ حكومته لم تحقق أيّاً من أهدافها رغم الترسانة العسكرية الضخمة التي وقفت المقاومة في وجهها، ووصلت إلى حد ضرب تل أبيب، تزامناً مع المواجهات المستبسلة التي يشنها “أسود المقاومة” من “مسافة صفر”.
إلا أنّه للأسف لم تنجح المحكمة الدولية في محاكمة نتنياهو أو توقيفه، لأنّه لو سقطت إسرائيل لسقط المسار الإجرامي العالمي كله، وهو ما تسعى “الصهيونية” إلى منعه، ورغم ذلك تحسم “الانتصارات التي تُسجلها المقاومة بالدم النقي” النقاش بأنّنا نتّجه إلى عالم جديد رغم أن البعض لا يصدق المشهدية الجديدة، وأن “محور المقاومة” لن يقع في فخ الضعف أبداً، بل ثمّة تحرك لأحرار العالم أظهر إسرائيل بصورتها البشعة، وكل ما حققته إسرائيل في لبنان هو قتل المدنيين.
وقد سمعنا الشيخ نعيم قاسم حين أكد في خطابه الأخير أن “المقاومة بخير.. والهيكلية العسكرية للمقاومة على جهوزية تامة.. وهذا بداية المشوار”، وقبله أكد سماحة الشهيد أن “حروب الشجعان” لا تُقحم المدنيين، لكن الصهاينة فرضوا وصولها إلى فتح باب جديد والرد بالعمق الإسرائيلي ولكن عدم مس المدنيين، لأن وصية الأمين العام الشهيد كانت عدم ضرب المدنيين، وتركيز الاستهداف للمواقع العسكرية.
لكن ما يُثلج القلب رغم كل الألم هو المشهد الداخلي اللبناني القوي باحتضان مختلف البيئات للنازحين من الضاحية والجنوب والبقاع، تزامناً مع حج سياسي إلى الرئيس نبيه بري، يحقق الإجماع الوطني الواسع خلف المقاومة من مختلف الطوائف، فشعب المقاومة يحبها ويتعاطى معها كقضية حياة أو موت ووجود، خاصة بعد إعلان نتنياهو أنّ هذه الحرب هي “حرب القيامة”، بما يعنيه ذلك من حرب دينية للوصول إلى دولتهم التلمودية المزعومة.