كتب د قاسم قصير:
شكّل تشييع حزب الله لامينيه العامين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين في بيروت والجنوب حدثين مهمين على المستوى السياسي والشعبي والوطني ، وجاء هذا التشييع بعد خمسة اشهر على اغتيالهما على يد الجيش الاسرائيلي ليؤكد على قوة الحزب وحضوره الشعبي وتعافيه من الضربات القاسية التي تلقاها خلال الحرب الاخيرة.
فما هي دلالات التشييعين في بيروت والجنوب ؟ والى اين يتجه الحزب في المرحلة المقبلة؟
دلالات التشييع
اولا ما هي دلالات التشييع في بيروت والجنوب للسيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ؟
يمكن تسجيل الملاحظات والدلالات التالية :
اولا : شكّل التشييع في بيروت والجنوب بعد تحضير استمر لمدة شهر تقريبا من اللجان المنظمة على قوة الحزب وقدراته التنظيمية واللوجيستية والامنية والسياسية والاعلامية ومعافاته من الضربات القاسية التي تلقاها خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان.
ثانيا : كان الحضور الشعبي في بيروت والجنوب رغم الظروف المناخية القاسية والتهديدات الاسرائيلية مؤشرا مهما على الالتفاف الشعبي الكبير حول الحزب وقيادته الجديدة ، وان اغتيال امينين عامين وعدد من القادة العسكريين لم يؤد الى تراجع الحزب ودوره السياسي والشعبي ، كما ان القدرة الهائلة على تنظيم التشييع تؤكد على اعادة ترتيب الهيكلية التنظيمية والقيادية.
ثالثا : على صعيد الحصور السياسي من لبنان والخارج فقد كان الحضور يمثل قوى ومحور المقاومة من ايران والعراق واليمن وفلسطين ودول عربية واسلامية اضافة لحضور شخصيات من مختلف انحاء العالم ، واما على الصعيد الداخلي فرغم التمثيل السياسي الرسمي من خلال حضور الرئيس نبيه بري ممثلا لرئيس الجمهورية واصالة عن نفسه وكذلك حضور ممثل عن رئيس الحكومة فيمكن القول ان الحضور تركز على حلفاء الحزب بشكل اساسي مع بعض التنوع الحزبي والشعبي ، وهذا يقدم صورة عن تحالفات الحزب المستقبلية .
رابعا : اكد التشييع على قوة ومتانة التحالف بين حزب الله وحركة امل وعدم صحة الرهانات على الخلافات فيما بينهما وتجلى ذلك في الحضور الشعبي المشترك وكلمة الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم وحضور الرئيس بري شخصيا وقادة وكوادر حركة امل ، كما اكد على التفاف بيئة المقاومة حول الحزب وعدم صحة الرهانات على تراجع دعم هذه البيئة للحزب والمقاومة .
خامسا : مواقف الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ركزت على الاستمرار في نهج المقاومة مع اعطاء الفرصة للدولة والجيش اللبناني لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي وان المقاومة ستكون حاضرة ضمن التوقيت المناسب مما يعني ان الحزب غير مستعجل للعودة للعمل العسكري الان ، كما ركزت الكلمة على التاكيد على ان لبنان وطن نهائي والعمل ضمن مؤسسات الدولة وهذا تطور مهم في مواقف الحزب .
الحزب والمرحلة الجديدة
الى اين يتجه الحزب في المرحلة الجديدة؟
بعد تشييع الامينين العامين من الواضح ان الحزب يتجه الى مرحلة جديدة على صعيد دوره في لبنان والمنطقة وهو سيركز عمله على الداخل اللبناني واعادة الاعمار والتحضير للاستحقاقات المقبلة وخصوصا الانتخابات البلدية والاختيارية ومن ثم الانتخابات النيابية ، كما سيعمد الحزب الى تقييم التحالفات السياسية ودراسة الخيارات المقبلة ،
وهناك وجهة نظر تطرح من قبل بعض الشخصيات الوطنية على ضرورة ان يعمد الحزب لانشاء جبهة وطنية موسعة يتعاون معها في مواجهة كافة الاستحقاقات الداخلية والخارجية مما يساعده في تدعيم القاعدة الشعبية وقطع الطريق على اية محاولة لحصاره او ضرب البيئة المؤيدة له ، لكن لم تتبلور رؤية الحزب حاليا ، وان كان من الواضح ان الحزب اصبح مطمئنا اكثر لتماسك قاعدته الشعبية وتحالفه مع حركة امل وهو سيسعى لمواجهة مختلف التحديات القادمة بقوة وان الرهان على نهاية دوره او تراجع قوته لم يكن صحيحا ، واذا كان الدور المقاوم او الدور الاقليمي قد تراجع حاليا فان ذلك لا يعني نهاية الحزب او تراجع دوره بل سيكون امام مرحلة جديدة واداء جديد يتناسب مع المتغيرات والتطورات التي حصلت خلال الاشهر الماضية.