كتبت بولا مراد في “الديار”:
يُدرك الثلاثي حزب الله- رئيس المجلس النيابي نبيه بري – رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ان موعد التفاوض ووقف النار لم يحن بعد. لا اتصالات المسؤولين الاميركيين وآخرها لوزير الخارجية انتوني بلينكن ببري وميقاتي، ولا الجهود التي تبذل داخليا ودوليا قادرة ان تغير قيد أنملة واقع الحال. فالعدو الاسرائيلي وكما بات محسوما لا يريد وقف النار اليوم، ولا يريد التفاوض خاصة بعدما طوّر اهدافه ورفع سقف طموحاته في لبنان، من دفع حزب الله الى شمالي الليطاني وفصل جبهة الجنوب عن غزة، الى محاولة اضعاف الحزب وصولا للقضاء عليه، وهي مهمة يُدرك انها ليس نزهة، ويقول انها تستلزم الكثير من الوقت والنفس الطويل، كما ان فاتورتها ستكون باهظة جدا.
فنتنياهو الذي ادار «الاذن الطرشاء» للعالم اجمع ولمجلس الامن طوال العام الماضي، برفضه وقف حرب الابادة في غزة، فكيف سيتوقف عن القتال في لبنان فقط بعد اسابيع معدودة من بدء هجماته المكثفة على الصعد كافة؟ واي عاقل يتوقع من “اسرائيل” ان تتراجع اليوم، وهي المغطاة اميركيا بالكامل بالقول والفعل بالمال والسلاح، في حربها على حزب الله؟
وسط هذا المشهد المعقّد، تسلّم رئيس المجلس النيابي نبيه بري دفة القيادة، قيادة الطائفة الشيعية والى حد كبير قيادة البلد. قيادة الطائفة تم بشكل مباشر مع اغتيال امين عام حزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، كما معظم الهرم القيادي، وترسخ هذا الامر مع خروج نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم لتوكيله بمفاوضات وقف النار. اما استلامه قيادة البلد فيأتي بشكل تلقائي بوجود حكومة تصريف اعمال غير مكتملة الصلاحيات، كما في ظل الشغور المتمادي بسدة رئاسة الجمهورية والذي يُتم عامه الثاني قريبا.
وبحسب المعلومات، فان حزب الله يحصر تواصله بالقوى السياسية راهنا ببري، بحيث لا تواصل لا مع رئيس حكومة تصريف اعمال نجيب ميقاتي، ولا مع الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ولا مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
وتشير مصادر واسعة الاطلاع الى ان حزب الله يركز حاليا على مسارين:
– المسار الاول والذي تنصب عليه كل الجهود، هو العمل العسكري في الميدان، باعتباره هو الكفيل بتحسين شروط الحزب ولبنان في اي عملية تفاوضية مقبلة.
– المسار الثاني هو المسار الديبلوماسي الذي يقوده بري، والذي يواكبه حزب الله من بعيد. مسار يعلم انه لن يأتي بأي نتيجة راهنا.
وتتوقع المصادر ان تكون هذه المرحلة طويلة نسبيا، وتستمر اقله شهر ونصف او شهرين، اي حتى انجاز الانتخابات الرئاسية الاميركية واستلام الادارة الجديد ملفاتها والبت فيها، معتبرة ان حزب الله يُدرك ذلك، من هنا لا يزال يحتفظ بالكثير من الاوراق بعد ليلعبها في الاوقات المناسبة وتبعا للاحداث، علما انه قد بات واضحا انه يتدرج باستخدامها. كذلك فان بنك اهداف “اسرائيل” في الداخل اللبناني لم ينفذ بعد، وهي تحاول قدر الامكان الاسراع بانجازه قبل انقضاء المهلة الاميركية المعطاة لها، والمرجحة بشهرين.
وتعتبر المصادر ان ما نحن مقبلون عليه لن يكون اسهل مما مر، انما الخشية الحقيقية من ان يكون ما هو آت اصعب واخطر، خاصة في ظل تواصل التحذيرات الخارجية من تطورات دراماتيكية في الداخل اللبناني قبيل انتهاء الحرب او مباشرة بعدها.