بري في دعواه “إلى الأبد” ضد غادة عون: “وتخيّلوا انتخاب رئيس بـ 33 صوتاً؟!”
رضوان عقيل
تُجمع الكتل النيابية والقوى السياسية المعنية بانتخاب رئيس للجمهورية على انها لن تتمكن من انجاز هذا الاستحقاق قبل نهاية السنة الجارية. ولم يكن ينقص المشهد في ساحة النجمة إلا الدخول في مسألة كيفية احتساب أصوات النواب الذين يحضرون الى جلسة الانتخاب بعد جلوس ما لا يقل عن الثلثين، أي 86 نائباً، في القاعة لبدء الدورة الاولى. ويطالب البعض هنا بمتابعة الانتخابات في الجلسة نفسها والتوجه مباشرة الى دورة ثانية واكثر حتى لو كان عدد الحضور في القاعة أقل من 86 نائباً، الأمر الذي حمل نواب من الكتائب و”التغييريين” على المناداة بالانتخاب بأقل من الثلثين وتطبيق وجهة نظرهم هذه التي طرحوها الاسبوع الفائت وسيعمدون الى تكرار هذه المشهدية الخميس المقبل. وسبق لقوى 14 آذار في عزّ أيامها ان قامت بمحاولة مماثلة لم تفلح قبيل انتخاب الرئيس ميشال سليمان. ولم يجارِ المرشح النائب ميشال معوض طرح المنادين بانتخابات بأقل من الثلثين.
ومن المتوقع ان يكون هناك كلام واضح ومباشر في هذا الصدد من الرئيس نبيه بري بأن رئيس البلاد يُنتخب بحضور الثلثين من دون لفّ ودوران. وهذا ما يؤكده كبار الدستوريين ورجال القانون سواء التقوا مع سياسات بري ام اختلفوا معه، وتشديدهم على عدم الالتفاف على المادة 49 من الدستور. وكانت لرئيس المجلس صولات وجولات في هذا الشأن مع البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير الذي حسم موضوع ضرورة توافر ثلثي النواب في اي جلسة انتخاب. ولم يتم تخطي هذه القاعدة في انتخاب الرؤساء الراحلين والسابقين، اذ جرى تذكير النائبين نديم وسامي الجميل بان والد كل منهما جرى انتخابه قبل الطائف بوجود ثلثي النواب عندما كان البرلمان مؤلفا من 99 نائبا. وقد طُبّقت هذه القاعدة على كل من انتُخب بعد هذا التاريخ من الرئيس رينه معوض الى الرئيس ميشال عون.
في اختصار، إن قاعدة الثلثين غير قابلة للبحث عند بري. وهذا ما سيردده في الجلسة المقبلة وكل الجلسات. ولا يخفي عتبه هنا على نواب يخالفون – من بينهم نقيب المحامين السابق ملحم خلف – مسألة ضرورة تأمين الثلثين في كل جلسة انتخاب. ويدعو الجميع الى عدم التساهل في هذه القاعدة او محاولة القفز فوقها. كما انه يدعو الجميع الى السيناريو الآتي: ماذا لو جرى انتخاب احدهم في الدورة الاولى اثناء وجود 86 نائباً ثم يتناقص العدد ولا يبقى في القاعة الا النصف زائدا واحدا، أي 65 نائباً، وجرت عملية الانتخاب وفاز مرشح بـ 33 صوتاً؟ هل من المنطق ان يفوز الحاصل على هذا الرقم ب#رئاسة الجمهورية؟
يتوقف بري عن الكلام هنا في هذا الموضوع، الا ان ثمة من يعتقد، وهم كثيرون، ان من مصلحة المسيحيين والموارنة اولا الحفاظ على قاعدة الثلثين في انتخاب ابن طائفتهم في المنصب الاول في البلد، لأن توزع النواب في دورات مقبلة قد لا يكون في مصلحة احزاب واطراف تعمل اليوم على انتخاب رئيس من دون توافر الثلثين، ويتم الإتيان عندئذ برئيس لا يعبّرعن هذا المكون الماروني اولاً، وان موقف الكاردينال صفير آنذاك وغيره من نخب مارونية دينية وسياسية ودستورية لم يأتِ من فراغ.
ولن يغيب هذا الهاجس عن كثر من النواب في اي جلسة انتخاب مع استمرار بري في دعوته الى ضرورة تحقيق التوافق المنتظر والمطلوب من الجميع نتيجة التوازن الحاصل في المجلس الحالي. وسيستمر في دعواته لجلسات الانتخاب وهو يرحب بأي حوار، ولا سيما حيال حيثية ما يدور في بكركي في هذا الخصوص. واذا ما توصّل رأس الكنيسة المارونية الى خلاصة تساعد في التوصل الى مخرج، فسيعمد بري الى تلقفها على الفور وسيدعو سريعاً الى تحديد موعد لجلسة انتخاب. في غضون ذلك، لم يشأ رئيس المجلس التعليق على كتل ونواب يلوّحون بعدم الحضور الى المجلس والمشاركة في جلسات تشريعية بحجة ضرورة تفرّغ البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية. ويقول عندما تصله مشاريع وقوانين إنه لن يتأخر في الدعوة الى عقد جلسة تشريعية بغية تسيير شؤون الوزارات. وفور الانتهاء من جلسة الانتخاب وختمها لا شيء يمنع مشاركة النواب في جلسة تشريعية.
ومن المتوقع ان يكون للمجلس دور في عملية تأمين نفقات مالية من مصرف لبنان للكهرباء لزيادة رفع ساعات التغذية وتأمين شراء الفيول بغية تشغيل معامل الكهرباء مع رفع نسبة الجباية. وكان هذا الموضوع محل شرح مفصل بين بري والرئيس نجيب ميقاتي حيث سيتم اللجوء مرة أخرى الى المصرف المركزي لتأمين نجاح هذا المشروع.
وفي موازاة ذلك، يترقب اللبنانيون في الاسبوع الجاري مواضيع عدة: من جلسة الانتخاب ومحاولات نواب المعارضة التوصل الى قواسم مشتركة حيال الاستحقاق الرئاسي، الى الكهرباء، مع التوقف عند حصيلة جلسة استجواب المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية #غادة عون اليوم امام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات للاستماع اليها على خلفية شكوى بري بعد اتهامها إياه وشخصيات بتحويل أموال الى الخارج ووجود حسابات لهم في مصارف سويسرية تقدّر بمليارات الدولارات. وتقول مصادر مواكبة إنه بات على القضاء وضع حد لعون حيال كل ما تفعله واستغلالها موقعها وسعيها الى تحقيق “بطولات وافتراءات” مارستها ضد الراحل ميشال مكتف والحاكم رياض سلامة، مع التذكير بأن بري مستمر في دعوته ضد عون التي رفعها بعد أقل من ساعة على نشر تغريدتها. ويقول إنه لن يتراجع عن هذه الدعوى “الى الأبد”.