بري رفض اقتراح هوكشتاين بتجزئة تطبيق القرار 1701
ذكّره بالعودة الى “تفاهم نيسان” إذا لم يأتِ بحلّ متكامل
ستتأخر عودة المستشار الرئاسي الاميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين الى لبنان، لمتابعة مهمته في تهدئة جبهة الجنوب العسكرية، والوصول الى حل مستدام لوقف اطلاق نار بين العدو الاسرائيلي والمقاومة .
وتأخير العودة، مرتبط بان هوكشتاين الذي زار بيروت ثلاث مرات منذ بدء المواجهة العسكرية في الجنوب، لم يحمل معه حلاً كاملاً وشاملاً وعادلاً، وهذا ما لمسه منه رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يتابع معه ملفات لبنانية منذ ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني، وبعد ان وضع بري “اتفاق – اطار” لهذا الترسيم، الذي مال فيه الموفد الاميركي نحو العدو الاسرائيلي لتمكينه من اكبر مساحة نفطية، لا سيما في حقل كاريش، وهو ما فعله ايضا موفدون اميركيون تولوا ملف النفط بين لبنان والعدو الاسرائيلي، حيث اعطي لبنان في المرحلة الاولى 560 كلم2 من اصل 860، وحصل الكيان الصهيوني على 300، وهذا ما اعترض عليه لبنان، الذي خاض مفاوضات فاقترح الجيش ان تبدأ من نقطة “ب” (B1) عند الخط 29 ،ويحصل بذلك على مساحة 1430 كلم2، لكن استعجال المسؤولين اللبنانيين، لا سيما الرئيس ميشال عون في تسجيل انجاز في عهده بان لبنان اصبح دولة نفطية، فتوقف التفاوض عند الخط 23 وليس 29.
وما حاوله هوكشتاين في الترسيم البحري، يسعى اليه في الترسيم البري الذي رفضه لبنان لان الحدود مرسمة، ويتحفط لبنان عن 13 نقطة بريا وخط 29 بحريا، وان المطلوب هو الانسحاب “الاسرائيلي” من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي لمدينة الغجر، تطبيقا للقرار 1701، المنسي منذ العام 2006 ويخرقه العدو الاسرائيلي بشكل دائم، لكن هوكشتاين طرح على بري تجزئة تطبيق القرار 1701، فجابهه برفضٍ واكد له الا يلعب في هذا الموضوع، وفق ما تؤكد مصادر في عين التينة، وتشير الى ان هوكشتاين الذي حرص على تلاوة بيان مكتوب من مقر الرئاسة الثانية، لمّح فيه الى انه آت لحل الوضع العسكري في الجنوب، فتبين انه قصد لبنان من اجل تأمين الامن على الحدود مع الكيان الصهيوني، لخلق اطمئنان عند المستوطنين الصهاينة في شمال فلسطين المحتلة ليعودوا الى منازلهم، وتتزامن عودتهم ايضا مع النازحين اللبنانيين من بلدات الشريط الحدودي في الجنوب.
فما حمله الموفد الاميركي لا يتطابق مع ما يريده لبنان من تطبيق القرار 1701، الذي دار نقاش لمدة ساعة ونصف الساعة بين بري وهوكشتاين، حول وضع آلية تطبيقه على مراحل، وتكون المرحلة الاولى بانسحاب قوات الرضوان التابعة لحزب الله، واقامة منطقة منزوعة السلاح، يملؤها الجيش اللبناني مع القوات الدولية، لكن بري رفض الاقتراح، وسأل الموفد الاميركي ماذا عن وقف الحرب على غزة، فلا يمكن فصل جبهة الجنوب عن غزة، تقول المصادر، حيث رد هوكشتاين بان موضوع غزة تجري اتصالات ولقاءات بشأنه، وهناك لجنة رباعية مكونة من اميركا و “اسرائيل” ومصر وقطر، توصلت الى “اتفاق – اطار” في آخر لقاء لمسؤولين امنيين في هذه الدول في باريس، والاتصالات والاجتماعات مستمرة لتطبيقه، وانا جئت الى لبنان للبحث في وقف اطلاق النار في الجنوب، ولمنع توسع الحرب الى كل لبنان، وهذا ما تبلغته من القيادة “الاسرائيلية”.
فرد عليه بري بحزم بوجوب تطبيق القرار 1701 كاملاً، او نعود الى “تفاهم نيسان” الذي انجز في نيسان عام 1996 ، بوساطة سورية مع اميركا التي مثلها وزير الخارجية وارن كريستوفر، والذي حضر الى لبنان بعد “عناقيد الغضب”، ونص الاتفاق على ان كل اعتداء على لبنان ترد عليه المقاومة، التي اخذت شرعية بهذا الاتفاق، وقد حصلت عليها في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة منذ ما بعد اتفاق الطائف التي اعطاها مجلس النواب الثقة.
غادر هوكشتاين عين التينة بعدم ارتياح لما سمعه من بري، الذي رفض فصل جبهة غزة عن الجنوب، مطالبا بحل كامل دون تجزئة للقرار 1701، حيث وعد هوكشتاين ان ينقل ما سمعه الى قادة العدو على ان يعود الى لبنان، وابقى فيه احد مساعديه، لكنه غادر الكيان الصهيوني وعاد الى اميركا، دون ان يحدد موعداً لزيارته الرابعة. وتؤكد المصادر في عين التينة انه لن يعود الا بسلة متكاملة للحل، كما قال له بري الذي لا يمكن ان يقدم حلا يكون لمصلحة العدو الاسرائيلي.
فالعدو يقيم ثكناته وابراج مراقبته على كل الحدود مع لبنان، وان مستوطناته تحول سكانها الى جنود احتياط، في وقت لا يملك الجيش اللبناني القدرة على نشر 15 الف جندي، بل وصل عديد الجنود الى اربعة آلاف، ولا يمكن تقييده في التسليحمنذ انشاء الكيان الصهيوني وتخاذل السلطات في لبنان، وهو ما دفع اهل الجنوب خصوصا الى امتشاق السلاح، وانشاء مقاومة منذ اول اجتياح للبنان في العام 1978 ثم 1982، حيث ادت عمليات المقاومة الى تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي في عام 2000، وهي لم تسلم سلاحها لان لبنان لا يملك امكانية ردع العدوان بجيشه غير المسلح باسلحة متطورة.
من هنا، فان هوكشتاين لن يعود لزيارة لبنان الا اذا حمل معه حلا متكاملاً، وليس اقتراحات لحماية امن “اسرائيل”، ولبنان لن يكون حارس حدود لكيان له اطماع فيه، واعتداءات مستمرة عليه، ولم يردعه الا المقاومة.