أجواء ضبابية أرخت بظلالها على المشهد الانتخابي، ولا سيما نتائج الانتخابات التي ولدت صدمة قوية داخل القوى التي ادعت أنها سوف تحصل على الأكثرية، لأنها جاءت عكس التوقعات وخاصة الرهان الكبير لسفير السعودية وسفيرة أميركا والمتابعين الداعمين للقوات اللبنانية، مما شكل انطباعاً سيئاً عند القاعدة وانتقادات وتهجما على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وتحالفاته التي لم تكن بالمستوى المطلوب، لا بل على العكس من ذلك أدت الى تشرذم وعراك كلامي على وسائل التواصل الاجتماعي ، وتوجيه التهم لجعجع بعدم قدرته على ادارة الحملة الانتخابية.
وفي السياق نفسه، كان الكل يعرف أن الرئيس نبيه بري سوف ينتخبُ لولاية سابعة كرئيس لمجلس النواب، لكن البعض مِمَن راهن على الخارج ، ودُفعت له الأموال في الإنتخابات النيابية التي حصلت في ١٥ أيار، حاول وبكل ما أوتي من قوةٍ القيام باستعراضاتٍ وهمية و”زكزكاتٍ” لم تغير في المشهد، لا بل زادت من إصرار البعض على خياراتهم .
من المؤكد أن الرئيس نبيه بري سجل انتصاراً جديداً للثنائي الوطني وحلفائهما، وجرت الرياح بما لم تشتهها بعض القوى المتمثلة بالقوات اللبنانية والنواب التغييريين. يدرك الجميع أن الرئيس نبيه بري هو حليف المقاومة لا محال، يقودُ المعركة السياسية بكل دقة وذكاء وحنكة، ويدرك أيضاً من يحاربه أنه سيهزم حتماً، فهذا الرجل الثمانيني لديه من الذكاء ما يكفي كي يواجه خصومه وبكل هدوء وروية.
على المقلب الآخر ظهرت الكتل المناوئة للرئيس بري مشتتة، لم تتوحد على رأي واحد، فالمستقلون كانوا منقسمين على أنفسهم، كذلك عمد البعض من نواب الثورة الى القيام بالعنتريات امام مجلس النواب وداخل المجلس، وهذا ما حسم تمسك الرئيس بري بأكثرية متقلبة الأصوات ومن خلالها استطاع تجيير بعض الملفات حيثما دعت الحاجة ، فالأكثرية الأولى تتألف من تحالف الثنائي الوطني والتيار الوطني الحر والمردة وبعض المستقلين، والثانية تتشكل من الثنائي الوطني والحزب الاشتراكي وقدامى تيار المستقبل وبعض المستقلين أيضاً .
كما فشلت القوات اللبنانية في إيصال النائب المستقل غسان سكاف إلى منصب نائب رئيس مجلس النواب، فضلا عن الفضيحة المدوية بحصول النائب زياد حواط على 36 صوتا في انتخابات أمانة السر، وذلك بعد إعلان جعجع سحب الأكثرية من قوى الثامن من آذار، فيما فشلت القوات أيضًا في السيطرة على النواب التغييريين عبر تصويتهم لمرشحها.