كتبت صونيا رزق في “الديار”:
بعدما تحوّلت العلاقة السياسية بين “التيار الوطني الحر” وحزب الله الى ما يشبه القطيعة، على خلفية مواقف متناقضة وردود متبادلة، وإن كانت في بعض الاحيان خفية، لكن المستجدات ساهمت في رفع وتيرتها، وتحويل غيمة الصيف العابرة الى ما يشبه العاصفة التي لفحت معها علاقة سنوات عديدة، وساهم في ذلك مواقف بعض النواب العونيين والمسؤولين الصقور، الذين ردّوا على بعض مواقف حارة حريك، فكبر “الزعل” وتصاعد شيئاً فشئياً، حتى شكلّت مواقف رئيس التيار النائب جبران باسيل مفاجآة حيال الحزب، فتحولت العلاقة الى هزّة سياسية حملت معها التردّدات.
ودخل على الخط رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ليعلن موقفه الرافض لـ “وحدة الساحات” ولربط مصير غزة بجنوب لبنان، في محاولة للتأكيد على موقف باسيل، الامر الذي جعل الخصوم يعتقدون بأنّ العلاقة باتت تشبه القطيعة، فدخل الوسطاء المقرّبون من الطرفين على الخط، لضبطها وتحويلها الى تباين فقط، وصولاً الى الحد من السجالات وإن بقيت ضمن الاطار الخفي نوعاً ما، خصوصاً من قبل حزب الله الذي لا يرد عادة خصوصاً على الحلفاء، لكن هذه المرة ووفق المثل القائل “اذا ما كبرت ما بتصغر”، فالوضع يتجه نحو الحل وهو في بدايته، وفق ما نقل بعض الوسطاء ، من ضمنهم وزير سابق قريب من التيار والحزب، وذلك عبر الرسائل الشفهية اولاً، ومن ثم الاتصالات، وصولاً الى التحضير للقاء باسيل بأحد مسؤولي حزب الله، وهو بلا أدنى شك رئيس وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، على ان يكون بعيداً عن الاعلام في بداية الامر. مع الاشارة الى انّ علاقة الرجلين وإن خفّت بعض الشيء، لكنها لم تصل الى القطيعة وفق ما قال الوزير السابق، لانّ الاتصالات كانت دائماً “شغّالة” بينهما.
الى ذلك، ساهمت مواقف عديدة في تقارب باسيل من حارة حريك، وابرزها اللقاء السلبي الذي عقد قبل فترة وجيزة بينه وبين عدد من نواب المعارضة، حيث اجتمع على مدى ساعتين معهم، فاسترجع حساباته ورأى ان مكانه ليس الى جانب المعارضة وإن كان مرحلياً، لكنه لم يهضمه هو نفسه، فكيف سيهضمه الآخرون؟ الذين لم يصدقوا تلك الوقفة الى جانب مرشح المعارضة جهاد أزعور للوصول الى الرئاسة. كما أبلغوه حينذاك رفضهم لأي حوار يترأسه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وبأن موقفهم سيكون ثابتاً في هذا الإطار، وحينئذ جرى اتفاق على عدم التصريح من قبل الحاضرين، كما حاول باسيل إظهار نفسه في ذلك اللقاء مرتاحاً امام وسائل الاعلام، لكن الحقيقة جاءت مغايرة وفق ما نقل أحد الحاضرين، وأشار الى انّ الاجتماع حوى التناقض الذي لم يصل الى اي تقارب.
في السياق، عادت السجالات منذ ايام الى سابق عهدها بين “الوطني الحر” و “القوات اللبنانية”، الامر الذي شجّع باسيل على العودة في اتجاه حارة حريك، لذا أراد باسيل وضع حدّ لكل ما يجري، خصوصاً انه بات وحيداً فلا حليف بل مجموعة خصوم يتزايدون بشكل دائم، لذا انقلب باسيل على الخصوم وعاد أدراجه، بعد سيره على درب المثل الشائع “لا شيء يدوم” في السياسة اللبنانية، فلا التحالف ولا الخصومة يدومان أبداً. وحين كان يُطرح السؤال على الحليفين الدائمين حزب الله و “التيار الوطني الحر” حول مدى استمرار هذا التوافق، والإبقاء على ورقة التفاهم الموقعة بينهما منذ شباط العام 2006، كان الجواب الدائم أن لا شيء يفرقهما، وإذ بالمصالح فرقتهما و “كتّرت”، لأنها لا تستمر خصوصاً في لبنان، لكن هذه المرة أدت العواطف والعقلانية والسياسة دوراً كبيراً، والقى باسيل منذ ايام كلمة أشاد بها بدور المقاومة في الجنوب، الامر الذي ساهم في إزالة التوتر.
وثمة مراقبون يعتبرون أنّ باسيل لا يمكن ان يبتعد عن الحزب فترة طويلة، لانه بحاجة اليه والعكس صحيح، لذا مهما كثرت العواصف بينهما لا بدّ ان تهدأ ويظهر الربيع من جديد، مؤكدين أنّ العودة باتت قريبة وتحتاج الى بعض الكلام الايجابي من الطرفين كي ُتسرّع اكثر.