كتب كمال ذبيان في “الديار”:
لم يكد يصدر موقف لرئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قليباف، في صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، حول استعداد بلاده للتفاوض حول القرار 1701، حتى خرج المناهضون لايران في لبنان، ليعلنوا رفضهم لكلامه الذي يمس السيادة اللبنانية، وبان طهران تقاتل عبر «حزب الله» في لبنان من اجل مصالحها، وان الحرب التي فتحها «حزب الله» مساندة لغزة، تصب لمصلحة ايران، وليس لها علاقة بفلسطين، وهو الاتهام نفسه الذي يوجهه خصوم ايران لحركة «حماس»، بانها قامت بعملية «طوفان الاقصى»، خدمة للمشروع الايراني في المنطقة، ولا يتحدث هؤلاء عن مشروع العدو الاسرائيلي منذ نحو قرن ونصف قرن، حول اقامة «اسرائيل الكبرى»، والذي عبّر عنه رئيس حكومة العدو الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو مؤخراً امام الامم المتحدة، حول خارطة «الشرق الاوسط» الذي سيتشكل بعد الحرب التدميرية على غزة ولبنان وانهاء المقاومة، وتنضم اليه الدول العربية.
فما ورد في كلام قليباف، استدعى موقفاً رافضاً من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، واستدعاء وزارة الخارجية للقائم بالاعمال في سفارة ايران هيثم قهرماني، الذي نقل بياناً توضيحياً الى المدير العام للخارجية هاني شميطلي، حول ما جاء في «الفيغارو»، وبانه لا يمت الى الحقيقة، وليس هذا ما قاله قليباف، وان تحريفاً حصل لكلامه، وتدعم ايران الحكومة اللبنانية وتؤيد لبنان في مقاومته للعدو الاسرائيلي.
فالموقف الايراني الرسمي عبّر عنه ايضاً السفير الاسبق في لبنان والموفد الخاص لوزارة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط وافريقيا محمد رضا شيباني، الذي حضر الى السفارة الايرانية في بيروت لمتابعة آخر تطورات العدوان الاسرائيلي على لبنان، وهو يلتقي قيادات سياسية وحزبية لبنانية، وفصائل فلسطينية واطرافا من محور المقاومة، وكان آخر من التقاهم وفد موسع من «مستقلون من اجل لبنان”، وهو تجمع نشأ قبل عامين ويضم شخصيات سياسية وفكرية وثقافية واقتصادية واجتماعية، ويجول على كل المراجع والقيادات حيث ابلغ شيباني الوفد، بانه جرى تحريف لكلام الرئيس قليباف، وهو متعمد من ضمن حملة التضليل والتشكيك في موقف ايران، فتارة يظهر في الاعلام من اطراف تخاصم ايران، وتعلن عن «دور ايران في اغتيال السيد الشهيد حسن نصرالله»، او ايران «باعت حلفاءها»، اضافة الى ان «ايران تفاوض اميركا من تحت الطاولة، وتتآمر على القضية الفلسطينية».
فمثل هذه المزاعم يقول شيباني لزواره، اعتادتها طهران، التي تعمل لمصلحة لبنان، وان دعمها للمقاومة فيه، انتج تحريراً للارض المحتلة من العدو الاسرائيلي، عام 2000، كما في الصمود اثناء العدوان الاسرائيلي صيف 2006 وحضور الشهيد قاسم سليماني قائد «الحرس الثوري الايراني» الى لبنان، ومتابعة مجريات الوضع العسكري مع السيد نصرالله وقادة المقاومة الميدانيين.
فكيف تكون «ايران تعمل لمصلحة اعداء المقاومة»، واغتالت اميركا الشهيد سليماني، كما اغتالت اسرائيل السيد نصرالله وقبله رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية في طهران، وبالامس الشهيد يحيى السنوار الذي خلف هنية، وقاد عملية «طوفان الاقصى».
وفي اثناء لقائه مع وفد «مستقلون من اجل لبنان»، اكد السفير شيباني، ان حكومته لا تتفاوض عن لبنان ولم تتدخل في هذا الشأن، وهي تعتبر الحكومة الحالية برئاسة ميقاتي حكومة صديقة وحليفة للمقاومة، ومواقف رئيسها مميزة ونؤيدها، ولا نختلف معه على تطبيق القرار 1701 ونقف الى جانب لبنان بمطالبته بتنفيذه.
ويعطي شيباني مقارنة بين الحكومة الحالية برئاسة ميقاتي، وتلك التي كانت برئاسة فؤاد السنيورة في الحرب على لبنان صيف 2006، ووصفها بانها كانت في موقع اللاحليف للمقاومة، وتتطابق في مطالبها مع اهداف العدو الاسرائيلي في استسلام «حزب الله» وتسليم سلاحه، وهذا ما كان يصدر من مواقف يعبّر عنها وزراء في حكومة السنيورة، وهذا لم يصدر عن حكومة ميقاتي الصديقة، التي ندعم كل تحركها السياسي والديبلوماسي، ولا احد يريد ان يحل مكانها، وهذا ما تم توضيحه للرئيس ميقاتي والخارجية اللبنانية.
وكشف السفير شيباني ان بلاده تعمل لوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان، مع دول اخرى، وهي تنسق وتتعاون مع دول عربية واخرى اجنبية، وزار وزير الخارجية الايراني دولا عديدة للوصول الى وقف العدوان الاسرائيلي ويتم التواصل مع كل من السعودية وقطر، لانهما على تماس مع الدول الكبرى، فيؤكد الديبلوماسي الايراني، ان ايران لا تتفاوض عن لبنان، وان استغلال كلام محرّف لقليباف، لا يغيّر من موقفنا الداعم للحكومة الصديقة، التي نحن على تواصل وتعاون معها.
فايران التي تقود محور المقاومة، تُشن عليها الحملة من العدو الاسرائيلي، ويقوم من في لبنان ويعتبرها محتلة له، وان المقاومة فيه، تعمل لمصلحة المشروع الايراني وليس ضد اطماع العدو الاسرائيلي.