انطلق التنقيب فعلياً عن النفط والغاز في البلوك رقم 9 في المياه البحرية اللبنانية، بعدما كانت السفينة “ترانس أوشن”، التي استقدمتها شركة “توتال إنيرجيز”، وصلت في 14 آب، ويفترض أن تبدأ نتائج الاستكشاف الواعدة بالظهور بعد نحو شهرين.
ولكنّ هذا المسار ما كان ليكون لولا جبران باسيل والجنرال ميشال عون. فبعد طمسٍ لحقيقتنا النفطية مذ عرفنا بوجود النفط والغاز في خمسينات القرن الماضي، وبعد صمتٍ لعقود، ناتج عن الخوف والخضوع للضغوط الدولية، أتى باسيل وزيراً للطاقة في العام 2010، ليبدأ بجرأة لم يسبق لها مثيل، بإجراء كل الدراسات اللازمة والمسوحات الممكنة، لتثبيت وجود ثروتنا.
وبعدما أكدت تلك الدراسات أن بحرنا وبرّنا يحويان ثروة حقيقية، بدأت العراقيل من الداخل والخارج، وأبطال هذه العرقلة هم أركان المنظومة إياها، الذين التقط عدد منهم صوراً تذكارية من منصة الحفر، منتشين بانتصار لم يصنعوه، من نجيب ميقاتي إلى كل المجموعة المتحكمة.
ولكن العراقيل لم تُثنِ باسيل وعون عن النضال من أجل الأجيال الآتية، وهما ولدا من أجل مثل هذه المهمات الصعبة أصلاً: من تحرير الأرض إلى تحرير النفوس وتحرير الإدارة وتحرير الثروات.
وفور وصوله إلى سدّة الرئاسة، قفز الجنرال فوق الخطوط الحمر، موقّعاً المراسيم النفطية التي كانت “منيّمة”، ثم واضعاً إمضاءه على أولى العقود النفطية في كانون الثاني 2018 مع “الكونسورتيوم” الثلاثي، الفرنسي ـ الإيطالي ـ الروسي، وقد استبدل الروسي بالقطري. وأطلق الجنرال كذلك التنقيب في البلوك رقم 4، ولولا خديعة إخفاء الكميات الحقيقية فيه لكنّا في مكان متقدّم أكثر بعد. وأخيراً بالتوصل إلى ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، من خلال الإرادة السياسية والإدارة الحكيمة للتفاوض، والاصرار على الانجاز.
ويأتي يوم التنقيب الكبير ليُنصف ميشال عون، وليُعيد الاعتبار إلى البلوك رقم 4 الذي بشّرنا سليمان فرنجية بأن لا شيء فيه خلافاً للحقيقة، خصوصاً ان البلوك 9 لن يلحق بسابقه لأنه على الحدود مع فلسطين المحتلة، وبالتالي هو يهدد مصالح “إسرائيل” وأمنها إذا ما تمّ التلاعب، كما أن المصالح الدولية، والأوروبية تحديداً، هي أيضاً بالدق.
ويبقى أن وجود ميشال عون، صاحب الإنجاز الأصلي، وحضور “التيار الوطني الحر”، ومعادلة “جيش شعب مقاومة”، هي الضمانة لمستقبل نفطي مالي اقتصادي مأمول.