انتخاب رئيس الجمهوريّة يتقدّم.. وتحرّك خارجي لحصوله مطلع العام

انتخاب رئيس الجمهوريّة يتقدّم.. وتحرّك خارجي لحصوله مطلع العام

كتب كمال ذبيان في “الديار”:

بعد آخر جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في 14 حزيران 2023، التي لم يتوصل فيها النواب الى انجاز الاستحقاق الرئاسي لان المرشحين الذين تنافسا وهما رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية والوزير السابق زياد ازعور، لم يحصلا على 86 صوتاً، كما حصل في دورات الـ 11 اسابقة التي اظهرت ان توزع الكتل النيابية لا يمكن ان يوصل مرشحاً من المرشحين، مما دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري الى اقتراح دعوة النواب الى الحوار لمدة سبعة ايام والانتخاب، لكن لم يؤخذ برأيه من القوى السياسية والروحية المسيحية، لانه لا يتوافق مع الدستور، فعلق العمل به، فجاء من يقترح التشاور بدلاً من الحوار بان يتداعى النواب ثم ينتخبوا، وهو اقتراح تقدمت به “كتلة الاعتدال الوطني” النيابية، في حين دعا نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الى انتخابات نيابية مبكرة، كما لم تفلح “اللجنة الخماسية” المكوّنة من سفراء دول اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر في الدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية، وجاءت الحرب الاسرائيلية التدميرية على غزة بعد عملية “طوفان الاقصى” في 7 تشرين الاول 2023، ودخول “حزب الله” مسانداً لها في اليوم التالي، لتجميد العمل بالملف الرئاسي الذي جرت محاولة لفك ارتباطه بالحرب على غزة التي ربط “حزب الله” وقف الاعمال العسكرية بوقفها في غزة، دون ان يمنع حصول الانتخابات الرئاسية.

ومع تطور قواعد الاشتباك بين “حزب الله” والعدو الاسرائيلي، الى حرب واسعة قررها رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في 27 ايلول الماضي، بعد تأكده من استشهاد الامين العام “لحزب الله” السيد حسن نصرالله، فتقدم خطاب الحرب على ما عداه، واعلن الرئيس بري ان الاولوية هي لوقف اطلاق النار، وان انتخاب رئيس للجمهورية لا يمكن تحت النار، ولا تسمح الظروف الامنية بذلك، وما ان اعلن عن اتفاق لوقف الاعمال العسكرية بين العدو الاسرائيلي و”حزب الله” استناداً الى القرار 1701، صودف ذلك مع انعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب، التي استهلها رئيس مجلس النواب بالدعوة الى جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني من العام المقبل، بعد ان فك ارتباط الحوار بالانتخاب، وتمنى على النواب خلال هذه الفترة، ان يتوافقوا على اسم مرشح، يسهّل عملية الانتخاب، والا ستكون الجلسة كسابقاتها مع بقاء الكتل على مواقفها، باستثناء خروج اربعة نواب من “تكتل لبنان القوي” الذي يرأسه النائب جبران باسيل، فيغير في المعادلة، اضافة الى ان “اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط يدعو للمرشح التوافقي، وهو من طرح ألا يكون مرشح تحد.

فالاستحقاق الرئاسي عاد الى واجهة الاهتمام الداخلي، مع وقف اطلاق النار، وكان لافتاً ان الامين العام “لحزب الله” الشيخ نعيم قاسم ضمّنه في خطاب النصر الذي القاه قبل يومين، دون ان يذكر بان فرنجية هو المرشح الذي يحظى بدعم “حزب الله”، بل اكد على حصول انتخاب رئيس للجمهورية لاستعادة المؤسسات الدستورية عملها معه، ولم تشأ مصادر نيابية في “كتلة الوفاء للمقاومة” ان تدخل في لعبة الاسماء، او ان نتائج الحرب بدّلت المعادلات، بل تركت ذلك للتشاور، بعد ان اكد الشيخ قاسم على الانفتاح والحوار مع كل الاطراف الداخلية وضرورة العمل “باتفاق الطائف” والتشديد على الوحدة الوطنية ورفض الحرب الاهلية.

فخلال الاربعين يوماً التي تفصل عن جلسة الانتخاب، فان مساعي داخلية وخارجية ستعمل على ان تكون مثمرة، وبوشر بها مع زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت ولقاءاته فيها مع المعنيين بملف رئاسة الجمهورية، دون ان يتطرق لا الى اسماء مرشحين ولا الى مواصفات، سوى ان يكون رئيس الجمهورية متابعأً لتطبيق القرار 1701 واجراء اصلاحات مع الحكومة للخروج من الازمة، وطالب لودريان “اللجنة الخماسية” الديبلوماسية، ان تفعّل دورها، وربما يعقد وزراء الخارجية لهذه الدول اجتماعاً لهم، للدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، وفق ما تنقل مصادر تابعت لقاءات لودريان، الذي لم يمانع وضع لائحة اسماء مرشحين، وهو تقليد سبق وتم اللجوء اليه، لكن لم يعمل به، كما حصل مع البطريرك الماروني الراحل نصرالله صفير الذي وضع لائحة من سبعة اسماء في احد الاستحقاقات الرئاسية، لكن اسم رئيس الجمهورية جاء من خارجها، وهذا لم يشجع البطريرك بشارة الراعي ان يفعلها، وان كان ضمنياً يميل الى اسماء.

ولائحة اسماء المرشحين كثيرة وفقاً لشعار يتردد في لبنان منذ عقود، بان “كل ماروني مرشح لرئاسة الجمهورية” ويعمل ايضاً بقاعدة ان كل قائد جيش منذ الرئيس فؤاد شهاب مرشح دائم لرئاسة الجمهورية، وانتخب اربعة من قادة الجيش لرئاسة الجمهورية، وثلاثة منهم بالتتابع وهم: اميل لحود وميشال سليمان وميشال عون الذي تأخر انتخابه 28 عاماً منذ ان كان قائدا للجيش، وهو ما انطبق ايضاً على حاكم مصرف لبنان بعد وصول الياس سركيس الى رئاسة الجمهورية بترشيحه مرتين عام 1970 و1976 ففاز في المرة الثانية.

وتبقى الحرب وافرازاتها، وما كان قبلها لن يصبح بعدها، اذ تحاول اطراف لبنانية الاستثمار عليها، فبرز رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع كأحد المحاولين الاستفادة منها والمسوقين لاسمه، فارسل الى مراجع سياسية وروحية، بانه رئيس المرحلة التي يمكنه ان ينزع السلاح غير الشرعي لمصلحة الدولة اللبنانية، وهو “الرئيس المسيحي القوي” الذي يستطيع ان يفعل ذلك مستنداً الى القرار 1701 المتضمن القرارين 1559 و1680 وهيأ لذلك بمؤتمرين عقدهما في معراب لتكوين جبهة سياسية لتطبيقهما، لكنه لقي مقاطعة سياسية داخلية، ومن حلفائه، وهذه كانت رسالة له، بان طريق الرئاسة ليست مفتوحة له، وفق مصدر سياسي، الذي كشف ان من يحاول ان يبني ان “حزب الله” انهزم عسكرياً ولم يعد فاعلاً سياسياً، يكون يقرأ خطأ، كما يفعل جعجع الذي طالب بان يعقد مجلس النواب جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية من دون دعوة رئيسه بري او حضور نواب الشيعة، فلقي معارضة لمطلبه غير الميثاقي والذي يؤسس لفتنة داخلية، لكن الرئيس بري افشل رغبته، ودعا الى رئيس توافقي لا ينطبق على جعجع.

 

Exit mobile version