أعادت نتائج المرحلة الثانية من استطلاعات التيار الوطني الحر لاختيار المرشّحين إلى الانتخابات النيابية، تثبيت مواقع النواب، وهو ما كان متوقعاً مع توسيع رقعة الاستطلاع ليشمل المؤيّدين. غير أنّ ثمة خروقات لناحية تقدّم مرشّحين على النواب، وتراجع مرشّحين ممّن نالوا نتائج لافتة في المرحلة الأولى. تكليف ماكينة التيار بالاستطلاع وعدم نشر النتائج الرسمية في المرحلتين، وإبلاغها شفهياً لكل مرشح على حدة، أثارا شكوك البعض بالتلميح إلى إمكانية التلاعب تقنياً لدعم مرشح واستبعاد آخر
بموازاة عكّار، تمكن النائب زياد أسود الذي خسر أمام أمل بو زيد في المرحلة الأولى رغم أنه حزبيّ قديم، من إعادة إثبات نفسه بالحلول أول في المرحلة الثانية متفوقاً على بو زيد بنسبة 4%. أما المنسقون السابقون ممن تقدّموا بترشيحاتهم، خصوصاً في قضاءيّ بعبدا والمتن الشمالي، فتراجعت نسبة تأييدهم مع شمول الاستطلاع للمؤيدين رغم نيلهم نسباً مرتفعة في المرحلة الأولى.
سليم عون أوّل في زحلة وأبي رميا في جبيل وآلان عون في بعبدا وكنعان في المتن الشمالي
وثمة من يعتبر هذا الأمر «طبيعياً» لأن منسقي الأقضية ناشطون بين الحزبيين وبنوا في مناطقهم صداقات متينة مكنّتهم من اجتذاب هذه الأصوات؛ إلا أنهم لا يملكون تأييداً خارج القاعدة الحزبية. من هذا المنطلق، نال ربيع طرّاف، المنسق السابق لقضاء بعبدا، 7% بعد حصل على 25% في المرحلة الأولى، ونالت المرشحة نادين نعمة 8%، فيما ارتفعت نسبة «لا أحد» إلى 22%، من بينهم من صوّت للنائب حكمت ديب وآخرون للنائب السابق ناجي غاريوس رغم عدم إدراج اسميهما في الاستطلاع. وفي المتن الشمالي، انخفضت نسبة المؤيدين للمنسق السابق هشام كنج من 28% في المرحلة الأولى إلى 4% في المرحلة الثانية. واستعاد النائب إدي معلوف موقعه ثانياً وراء كنعان بنسبة ناهزت 34%. أما اللافت فهو تصويت 21% لصالح «لا أحد». ومن بين هذه النسبة، اختار 80% النائب الياس بو صعب الذي لم يتقدّم بترشيحه، فيما حافظ النائب سيزار أبي خليل على موقعه الأول في عاليه بنسبة 47%، وحلّ إيلي حنّا ثانياً (20%) ومارون أبي خليل ثالثاً (17%)، وصوّت 11% لـ «لا أحد». تجدر الإشارة هنا إلى أن ثمة أقضية لم يترشح فيها سوى مرشح واحد كما في كسروان حيث الوزيرة السابقة ندى بستاني في كسروان، والنائب نقولا صحناوي في بيروت الأولى، والنائب إدغار طرابلسي في بيروت الثانية.
تشكيك في النتائج
نتائج الاستطلاع لم تصدر بشكل رسمي، بل أبلغها رئيس التيار جبران باسيل إلى المرشحين شفهياً، إما عبر التلفون أو في لقاءات خاصة، وهي الطريقة نفسها التي اعتمدها في المرحلة الأولى. هذا التدبير أثار استياء البعض لناحية عدم اعتماد الشفافية في إصدار النتائج بشكل واضح، خصوصاً أنها تعنى باستحقاق مهم كالانتخابات النيابية رغم إبلاغ المرشحين في المرحلة الأولى أن النتائج ستصدر رسمياً وبشكل فوري بعد التصويت. إضافة إلى ذلك، سجّل المرشحون عدة ملاحظات تتعلق غالبيتها بطريقة تحديد الرقعة المؤيدة للتيار ومن يحدّدها ويجري الدراسة. ففي مقارنة بين عام 2018 والعام الحالي، اعتمد التيار سابقاً على شركة استطلاع محايدة للقيام باستطلاع المرحلة الثانية وطُلب يومها من كل مرشح دفع مبلغ مالي لتمويل كلفة الاستطلاع. إلا أن ماكينة التيار الانتخابية هي التي تكفّلت هذا العام بالقيام بهذا الاستطلاع، الأمر الذي أثار ريبة البعض وبشكل خاص من كانت نتائجهم مرتفعة في المرحلة الأولى وانخفضت في الثانية، ملمحين إلى إمكانية التلاعب بالنتائج أو اعتماد رقعة شعبية ملائمة لمرشح من دون الآخر. علماً أن المرحلة الثانية ليست الأخيرة، ويبقى أمام التيار انتخابات المرحلة الثالثة التي تشمل الحلفاء.