الوجود الفلسطيني في سوريا دون سلاح ومخيمات تدريب.. “حماس” تتوسط للقاء بين الجولاني والفصائل الفلسطينية لتحديد المواقف
كتب كمال ذبيان في “الديار”:
امام السلطة الجديدة في سوريا، التي ازاحت حكم حزب “البعث العربي الاشتراكي” منذ العام 1963 ، والحركة التصحيحية التي قادها حافظ الاسد داخله منذ العام 1970 ، وورثه نجله بشار في الحكم منذ العام 2000، اسئلة كثيرة حول “سوريا الجديدة” كما اسمتها “هيئة تحرير الشام” بقيادة احمد الشرع المعروف بأبي محمد الجولاني، حول شكل النظام، هل هو مدني ام اسلامي؟ وما هو موقع سوريا من الصراع مع العدو الصهيوني؟ وما هو موقفه من المقاومة ضد هذا العدو؟ الذي استغل ما قامت به المعارضة المسلحة ضد النظام، وما رافق ذلك من انهيار للجيش ومغادرة الرئيس السوري السابق بشار الاسد الى موسكو لاجئا، الى قصف وتدمير كل القدرات العسكرية السورية بنسبة 90% ، ويواصل غاراته على كل موقع عسكري حتى تتحول سوريا الى دولة منزوعة السلاح.
هذه الاسئلة بدأت تطرح، وعلى الحكم الجديد برئاسة الشرع الاجابة عنها، والذي تضعه الدول تحت الاختبار، بعد ان قدم خطابا سياسيا مقبولا لجهة احترام وجود الاقليات الدينية والحفاظ على مقراتها، وهو بدأ حوارا معها ، مطمئنا الى ان سوريا هي للجميع وتتسع لكل مكوناتها.
امام كل هذه الاسئلة وغيرها، وفي ظل المرحلة الانتقالية التي ستمتد لشهر آذار المقبل، وتسلم “حكومة ادلب” برئاسة محمد البشير السلطة في سوريا، تناقلت وسائل اعلام معلومات عن الحكم الجديد، بانه ابلغ الفصائل والمنظمات الفلسطينية في سوريا بأن السلاح ممنوع في مكاتبهم ، او معسكرات لهم، وان عملهم سيكون محصورا بالعمل السياسي والاعلامي في المرحلة الحالية، حتى يحين وقت البحث بالوجود الفلسطيني في سوريا ، والذي كان مشرعا في ايام حكم حزب “البعث”، حيث كان للفصائل الفلسطينية مخيمات تدريب، واعطى النظام السابق حقوقا للفلسطينيين هي كما للسوري، باستثناء المشاركة في الحياة السياسية السورية كالانتخابات لمجلس الشعب السوري، او ان يكون الفلسطيني عضوا في الحكومة.
وباشر حكم “هيئة تحرير الشام” درس اجراءات ضد الوجود الفلسطيني من فصائل ومنظمات، وهي كانت حليفة للنظام السوري وتدين بالولاء له، وشكل منها ما سمي بـ “تحالف القوى الفلسطينية” ضد منطمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات، الذي وقع على “اتفاق اوسلو” مع العدو الاسرائيلي برئاسة اسحق رابين في ايلول 1993 ورعاية اميركية، وبعض هذه الفصائل وقف الى جانب النظام مع بدء الاحداث ضده في آذار 2011.
وساهمت هذه الفصائل لا سيما الجبهة الشعبية – القيادة العامة التي اسسها احمد جبريل الى جانب النظام السوري، بمنع سقوط مخيم اليرموك بيد المعارضة السورية، التي استولت عليه في معارك ضارية، لكن الجيش السوري استعاده بعد فترة، وهو على مسافة قريبة من دمشق.
فلم يتعرض الحكم الجديد لوجود الفصائل الفلسطينية، بل طلب من قادتها ان تكون مكاتبها خالية من السلاح، وان يتم تسليم السلاح وفق ما تكشف مصادر فلسطينية مطلعة على ما يجري، فأشارت الى ان السلطة الجديدة دخلت الى المعسكرات الفلسطينية وجردتها من السلاح، دون ان تحصل اعتقالات او مضايقات، وان حركة حماس توسطت مع الحكم برئاسة الشرع، وطلبت بأن لا تحصل ممارسات عقابية ضد اي تنظيم فلسطيني، لا سيما من كان حليفا للنظام.
وذكرت حماس “هيئة تحرير الشام” بأن الرئيس الاسد هو من احتضن الفصائل الفلسطينية ورفض اقفال مكاتبها ، لا سيما التابعة لحماس عندما زاره وزير الخارجية الاميركية الاسبق كولن باول، بعد الغزو الاميركي للعراق في نيسان 2003 مباشرة، وطلب من الرئيس السوري السابق اقفال مكاتب فلسطينية وتحديدا حماس، وقطع شريان عبور السلاح من ايران الى حزب الله في لبنان.
فالوجود الفلسطيني لا سيما المسلح منه ،هو قيد البحث مع السلطة الجديدة في سوريا، وتقوم حركة حماس بدور الوساطة مع الشرع وعبر مسؤولين اتراك، لعقد لقاء بين الشرع والفصائل كما يفعل مع باقي مكونات المجتمع السوري، وتكشف المصادر عن لقاء سيعقد قريبا بين ممثلي الفصائل والشرع، للبحث في موضوع تواجدها في سوريا، وكيف سيتعامل الحكم الجديد مع هذه الفصائل كحركة مقاومة ضد العدو الاسرائيلي؟
هذه الاسئلة مطروحة على السلطة الجديدة في سوريا، التي اعلن رئيسها الجولاني بان لا حرب مع العدو “الاسرائيلي”، وان الاولوية لاعادة بناء الدولة ومؤسساتها، واعمار ما تهدم وتفعيل الاقتصاد.