الموفد الأميركي عائد إلى لبنان مهدّداً بالحرب الكبرى: لا تستقبلوا عرّاب الخداع هوكشتاين
كتبت جريدة “الأخبار”:
وفق قاعدة أن «ضرورات الأنظمة لا تعطّل خيارات الأمة»، كان منطقياً أن يسود القلق الأوساط الداعمة للمقاومة من موافقة أركان الحكم في لبنان على استقبال الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين غداً في بيروت. القلق الممزوج بالغضب لا يعود فقط إلى أن الرجل كان شريكاً في عملية سياسية رافقت العملية الأمنية والعسكرية التي أدّت إلى اغتيال القائد فؤاد شكر قبل أكثر من عشرة أيام، بل إلى أن جميع المؤشرات لا تعكس وجود أي جديد نوعي في سلوك الإدارة الأميركية حيال جرائم العدو المستمرة في فلسطين ولبنان والمنطقة.وبحسب ما سرّبت مصادر رسمية لبنانية، فإن هوكشتين الذي وصل أمس إلى تل أبيب، سيسعى من جديد إلى ضخ مزيد من رسائل الترغيب والترهيب في لبنان، وهو لا يحمل حلاً باعتبار أن العدو لا يظهر أي رغبة فعلية في وقف الحرب على قطاع غزة. وهذا ما يثبت قرار المقاومة في لبنان باستمرار عمل جبهة الإسناد من جهة، ولا يعدّل أساساً في قرارها الرد على اغتيال شكر. وبالتالي، فإن استقبال الضابط الإسرائيلي الذي لا يخشى اتهامه بالعمل لمصلحة العدو، يشكّل طعنة في غير مكانها. وربما يُفترض بأهل الحكم تكليف موظف باللقاء معه، ولو أن المؤشرات والسوابق لا تقول بذلك، فكيف وبعض المسؤولين اللبنانيين يتبجّحون بأنهم «على صداقة مع هوكشتين الذي يعرف ملفاتنا جيداً».
ورغم إصرار جهات رسمية على أن هوكشتين لم يتعهد بشيء في اتصالاته الأخيرة عشية اغتيال شكر، إلا أن تبادل الرسائل الذي تم عبر أكثر من جهة، لا يدع مجالاً للشك، عند المقاومة وغيرها، بأن هوكشتين شارك في عملية تضليل من خلال نقل رسائل «تطمينية» بأن بيروت والضاحية ستكونان خارج دائرة الاستهداف بعد حادثة مجدل شمس، رغم أن المقاومة التي لا تركن أساساً لأي كلام أميركي لم تأخذ بهذه التطمينات، وصار واضحاً لديها الظروف التفصيلية التي رافقت نجاح العدو في الوصول إلى مكان وجود شكر وتنفيذ عملية الاغتيال.
ولم يكُن مرّ وقت على إعلان وزارة الدفاع الأميركية إرسال غواصة إلى الشرق الأوسط، وتسريع وصول مجموعة حاملة طائرات هجومية إلى المنطقة، حتى جاء التحرك العاجل لهوكشتين الذي وصل إلى تل أبيب مساء أمس، على وقع تقديرات الجانبين الأميركي والإسرائيلي بأن رد محور المقاومة سيحصل في الساعات الـ 24 المقبلة. وتأتي هذه الزيارة في وقت حرج ودقيق جداً، بعدما كان هوكشتين «علّق» مهمته منذ آخر زيارة له للبنان قبل حوالي شهرين، اقتناعاً منه بأن لا مجال لأي اتفاق مع لبنان قبل وقف الحرب على غزة. وفيما ذكرت القناة الـ 12 الإسرائيلية أن هوكشتين أتى لاستئناف جهوده لتسوية الأزمة بين لبنان وإسرائيل، قالت مصادر مطّلعة في بيروت إنه «سيزور بيروت غداً» للقاء كل من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، علماً أن «الملف تخطى مهمته وأصبحت الأمور في مكان آخر». وأضافت المصادر أن «هوكشتين يحمل مبادرة جديدة للتهدئة وفي جعبته أفكار لمنع الانفجار الكبير، لكنّ أحداً لا يعلم مضمونها حتى الآن».
شارك في عملية تضليل بأن بيروت والضاحية ستكونان خارج دائرة الاستهداف بعد حادثة مجدل شمس
وفي الإطار، توقفت المصادر عند مسألتين أساسيتين تحوطان بالرد المتوقّع على اغتيال القائد إسماعيل هنية في طهران والقائد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية وهما: الأولى، أن الزيارة تأتي عشية 15 الجاري، وهو الموعد المحدد لاستئناف مفاوضات الهدنة التي يعتقد الجانب الأميركي أن بإمكانها أن تكون الطعم الذي يؤخر الرد أو تجعل منه رمزياً.
والثانية، تزامن الزيارة مع حملة التهديد والتهويل التي تمارسها الولايات المتحدة على المحور من خلال استقدام سلاحها وطائراتها لدعم الكيان، والعمل على حشد تحالف يضم دولاً عربية لرد الردّ أو التخفيف من الخسائر التي سيتعرض لها الكيان.
ويمكن القول، بحسب المصادر نفسها، إن الإدارة الأميركية بعدما لمست إصرار المحور على تنفيذ الرد وعدم النقاش في أي نقطة قبل ذلك، فعّلت «دبلوماسيتها» في ربع الساعة الأخير لاحتواء النار التي قد تحرق المنطقة بأكملها. ورجّحت أن يكرر المبعوث الأميركي رسائله التي سبق أن حملها، وتضمنت تهديداً وتحذيراً بأن إسرائيل ستدمّر لبنان في حال اندلاع الحرب وأن ليس في مصلحة لبنان الذهاب إليها. كما سيذكّر بالوضع الاقتصادي المهترئ وعدم قدرة لبنان على تحمل أعباء الحرب!
وفيما ذكرت قناة «كان» العبرية أن حزب الله نقل رسالة عبر مسؤولين أجانب بأنه مصمّم على الرد على اغتيال شكر، ولكنه غير معنيّ بتصعيد يؤدي إلى حرب شاملة، أشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى «أننا نراقب التطورات في الشرق الأوسط بالتركيز على حزب الله وإيران، ونأخذ كل التهديدات بجدّية، ومستعدّون بشكل كبير سواء من حيث الهجوم أو الدفاع»، فيما حذّر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من أن «هناك خطراً حقيقياً من تصعيد الصراع بين إسرائيل وحزب الله» وأن «على الكنديين مغادرة لبنان ما دام ذلك ممكناً لأن أوتاوا قد لا تتمكن من إجلاء الجميع إذا ساء الوضع» حسب وكالة «رويترز».