كتب كمال ذبيان في “الديار”:
يقاتل العدو “الاسرائيلي” على سبع جبهات هي الدول التي تشكل محور المقاومة الذي يضم لبنان وسوريا والعراق وفلسطين (غزة والضفة الغربية) واليمن وترعاه ايران، التي وصفها رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو “برأس محور الشر”، الذي يجب قطعه بعد ضرب اذرعته ، ليتكون بعد ذلك “الشرق الاوسط الجديد” الذي ابتكره رئيس حكومة العدو الاسرائيلي الاسبق شيمون بيريز في تسعينات القرن الماضي ،وتبنته الادارات الاميركية المتعاقبة من ديموقراطية وجمهورية، لا سيما في عهد الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الابن، الذي ضمنه ما سماه “بالثورات الملونة” و”نشر الديموقراطية”.
فما حصل منذ عملية طوفان الاقصى التي قامت بها “كتائب القسام في حركة حماس في 7 تشرين الاول 2023 ، باقتحام المستوطنات “الاسرائيلية” في غلاف غزة، جاء الرد عليها من حكومة العدو الاسرائيلي برئاسة نتانياهو باجتياح القطاع، والبدء برسم خريطة جديدة لا تكون فيها دول او حركات مقاومة، تهدد “امن اسرائيل ووجودها” كما حصل في غزة، او سيحصل من لبنان بالدخول الى الجليل الاعلى عند الحدود اللبنانية مع الكيان ا لصهيوني في الجنوب، كما هدد الامين العام الراحل الشهيد السيد حسن نصرالله، فكان القرار “الاسرائيلي” انهاء التهديد من محور المقاومة، كما اكد نتانياهو الذي توعد حزب الله بانه سيلقى مصير حماس في غزة، التي سيحول لبنان الى ما اصابها من دمار وتهجير وابادة، وهذا ما مارسه في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، بعد ان اطلق حربه على لبنان تحت اسم “السيوف الحديدة” في 27 ايول الماضي، ثم بدّل الاسم الى “حرب القيامة” ، وهو لم يوقفها بالرغم من اتفاق وقف اطلاق النار ، الذي يخرقه بالقصف وتدمير المنازل والاغتيالات، ومنع الاهالي من العودة الى منازلهم في 72 بلدة حدودية، اضافة الى خرقه السيادة اللبنانية، وتحليق مسيراته في الاجواء اللبنانية ، وصولا الى العاصمة بيروت تحت مرأى “اللجنة الخماسية” المكلفة مراقبة وقف اطلاق النار، فعقدت اول اجتماعاتها امس الاول، دون ان تتخذ اجراءات رادعة ضد العدة الاسرائيلي.
فبعد جبهتي غزة والضفة الغربية، واستمرار المواجهة فيهما مع قوات الاحتلال “الاسرائيلي” وموافقة نتانياهو على وقف اطلاق النار مع لبنان، انتقل العدو “الاسرائيلي” الى الجبهة الاستباقية عليها منفردا، بالتزامن مع تحرك المعارضة المسلحة ضد النظام السوري، وتمكنها خلال عشرة ايام من الوصول الى دمشق ، التي غادرها الرئيس بشار الاسد ولجأ الى موسكو مع توقف المراقبين والمتابعين واصحاب قرار عند الانهيار، الذي اصاب النظام دون صدام بين الجيش السوري الموالي له، والمجموعات المسلحة التي اتت من ادلب الى حلب فحماه وحمص ودمشق، دون ان تدخل الى الساحل السوري الذي تقطنه اكثرية علوية.
ولم يخرج بيان رسمي عن الاسد ولا عن الجيش السوري ولا عن الدول التي كانت تدعمه، سوى ما قيل انه لم يقبل لقاء الرئيس التركي رجب طيب اردوعان بوساطة روسية وايرانية، مما دفع بموسكو وطهران الى رفع الغطاء عن الرئيس السوري وتركه لمصيره، وبقي الغموض حول ما حصل في سوريا خلال عشرة الايام ، التي هزت العالم واحدثت زلزالا جيو- سياسيا في العالم العربي والشرق الاوسط، وماذا ستكون عليه المنطقة؟ ولمن ستخضع سوريا ؟ هل للنفوذ التركي؟ وكان لانقرة الدور الاساسي في دفع الجماعات المسلحة من ادلب التي لها سيطرة عليها باتجاه دمشق، وهو ما اعترف به اردوغان نفسه، الذي سبق له وطرح على الرئيس الاسد في العام 2008 ان يتقاسم السلطة مع “الاخوان المسلمين”، التي ينتمي “حزب العداولة والتنمية” اليها، لكن الرئيس السوري السابق رفض طلب الرئيس التركي الذي يحققه مع وصول “هيئة لتحرير الشام” الى الحكم، بعد سقوط النظام السوري، برئيسها احمد الشرع (ابو محمد الجولاني) الذي سمّى محمد آل بشير رئيسا للحكومة السورية، وهو تبوأ هذا المنصب في حكومة شكلت في ادلب.
فما حصل في سوريا، وان كان تحت عنوان الاصلاح والحرية، يجب قراءته ايضا من ضمن رسم خارطة جديدة للمنطقة، ومواقع نفوذ الدول فيها، فأردوغان يحاول احياء “العثمانية الجديدة” ،عبر وصول جماعة “الاخوان المسلمين” الى السلطة ، والجمهورية الاسلامية الايرانية انشأت محورا تحت عنوان تحرير فلسطين، واعلنت قبل سنوات على لسان مسؤولين فيها ،أنها سيطرت على اربع دول عربية هي العراق وسوريا ولبنان وغزة، وامتدت بعد ذلك الى اليمن. كما ان “اسرائيل” تعمل لمشروعها التوراتي ، وبان تصبح الكبرى تمتد من “الفرات الى النيل”، والتي ستتوسع اقتصاديا عبر “الشرق الاوسط الجديد”، الذي يرى نتنياهو انه مشروعه وعرضه امام الامم المتحدة، وان من يعيق اقامته هي ايران، التي لا بد من اسقاط مشروعها في محور المقاومة الذي اعلن رئيس حكومة العدو “الاسرائيلي” انه يتساقط في غزة ولبنان وسوريا ، التي سقط نظامها الذي كان يؤمن عبور السلاح الى حزب الله في لبنان ، وهذه الطريق قطعت بين طهران ولبنان عبر دمشق، وان الغارات “الاسرائيلية” والتي بلغت نحو 350 ركزت على المنشآت العسكرية في كل سوريا.
ان ما جرى في سوريا وقبلها في غزة ولبنان، يطرح السؤال حول مستقبل محور المقاومة، هل سيستمر ام انتهى؟ وماذا عن العراق واليمن وايران؟