المقاومة للوسطاء: لا ثقة بأفكار غير مكتوبة
علمت «الأخبار» أن كلاً من مصر وقطر تجريان اتصالات مع الفصائل الفلسطينية، بهدف ترتيب موقف فلسطيني يساعد في إتمام صفقة مع إسرائيل، خلال وقت قريب. وبحسب مصادر معنيّة، فإن فصائل المقاومة لا ترى في التطوّر المتمثّل في تولّي الرئيس الأميركي، جو بايدن، الإعلان عن مقترح الصفقة الجديد، مع شروحات إضافية من جانبه، تحرّكاً كافياً للدفع نحو الوصول إلى صفقة جدّية. وأوضحت المصادر أن الاتصالات التي جرت خلال الأيام الثلاثة الماضية، اشتملت على الآتي:- أولاً: أبلغت حركة «حماس» كلاً من قطر ومصر، أن الموقف النهائي يظلّ رهن تسلّم ورقة مكتوبة تحوي كل ما ورد على لسان بايدن، مع إعلان إضافي يحمل ضمانات واضحة وكاملة ومعروفة وقابلة للتنفيذ، من قبل الولايات المتحدة، بما يضمن إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق.
– ثانياً: إن إبقاء ملف الوقف التامّ لإطلاق النار غامضاً، والاعتماد على تصريحات بايدن فقط، ليس كافياً بالنسبة إلى المقاومة، التي لا يوجد لديها ما تناقشه حول هذه النقطة. وفي هذا السياق، حصل اتصال مباشر بين إدارة المخابرات المصرية وقيادة حركة «حماس»، أكّدت في خلاله الأخيرة أنها «لن تعطي موقفاً نهائياً قبل تسلّم ورقة رسمية تتضمّن موافقة إسرائيلية كاملة، وعدم ترك أي بند ضمن دائرة الغموض، وهو ما يسعى إليه رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو».
– ثالثاً: طلبت القيادة المصرية أن ترسل «حماس» وفداً قيادياً إلى القاهرة خلال اليومين المقبلين، كما وجّهت دعوات إلى قيادتَي حركة «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، للمشاركة في الاجتماعات المرتقبة هناك. وعليه، تستعدّ الفصائل الفلسطينية لإرسال وفود تمثّلها إلى العاصمة المصرية.
– رابعاً: انتهت جولة المشاورات بين الفصائل إلى تأكيد تفويض حركة «حماس»، التحدّث باسمها، وقطع الطريق على أي محاولة لفتح مسارات تفاوضية أخرى، تهدف إلى منح العدو فرصاً إضافية للتسويف.
– خامساً: أبلغت الفصائل كلاً من مصر وقطر، بأن «المقاومة لا تعتبر نفسها معنية بتوفير أي ضمانات للعدو حول ما يسميه المرحلة المقبلة»، وأن أي اتفاق لا يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار، لن يتمّ التوقيع عليه.
– سادساً: أبلغت حركة «حماس»، الجانب المصري، أنها ترفض أي خطط تتعلّق بمعبر رفح الحدودي، طالما أن العدو يحتلّه. وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد جرى إبلاغ مسؤول الملف الفلسطيني في «المخابرات العامة المصرية»، اللواء أحمد عبد الخالق، شخصياً، بموقف الحركة، الذي يشدد على «انسحاب العدو من معبر رفح بشكل كامل، وبعدها لكل حادث حديث».
المقاومة لا تعتبر نفسها معنية بتوفير أي ضمانات للعدو حول ما يسمّيه المرحلة المقبلة
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن مدير «المخابرات المركزية الأميركية» (CIA)، وليام بيرنز، عقد سلسلة اجتماعات مع الأطراف المعنية قبل إعلان بايدن، علماً أنه كان قد طلب من الجانب الإسرائيلي القبول بالصيغة نفسها التي عرضها الرئيس الأميركي. ولكن، بحسب المعلومات، «عندما لمس المصريون والقطريون، وكذلك الأميركيون، أن نتنياهو يريد ترك بعض الأمور غامضة، جرى الاتفاق على خطوة أن يتولّى بايدن، شخصياً، الإعلان عن المقترح، وأن يشرح الموقف من وقف الحرب بصورة تجعل الولايات المتحدة ضامناً». وفي المقابل، حرصت قيادة المقاومة على إبلاغ الوسيطين القطري والمصري، بأنه «لا يوجد أي أساس للثقة بالجانبين الأميركي والإسرائيلي»، وأنه استناداً إلى التجربة، فإن أي نقاش عملاني «لن يحصل قبل تسلّم المقاومة نسخة تشتمل على كل النقاط، وبما لا يحيلها إلى نقاش إضافي».
ولعل مما يعزّز شكوك الفصائل في نيّة نتنياهو المضيّ في الصفقة، إضافة إلى الغموض الذي يكتنف عدداً من بنود الاتفاق الأساسية، ما نقله مراسل «هيئة البث الإسرائيلية»، أمس، من أن «نتنياهو ادّعى أن بايدن لم يطرح الشروط الحقيقية التي وافقت عليها إسرائيل لإتمام الصفقة»، وأنه «وعد شركاءه (في الائتلاف) بأنه لن يكون هناك وقف للحرب»، معتبراً أن «فرص التوصّل إلى اتفاق منخفضة للغاية». وفي السياق نفسه، نقلت «القناة 13» الإسرائيلية عن مسؤولين، تخوّفهم من «ألا يوافق نتنياهو على الاستمرار في الصفقة بسبب قلقه على مستقبله السياسي». كما نقلت القناة نفسها عن من وصفتهم بـ«أوساط نتنياهو»، أنه «لا إشارات عندنا إلى أن حركة حماس تتّجه إلى الموافقة على المقترح المعروض عليها»، و«أننا نتجه نحو طريق مسدود، وأن احتمال التوصّل إلى اتفاق ضئيل جداً».
وكان انعقد، مساء أمس، «كابينت الحرب»، وتركّزت مناقشاته حول بحث خطة لما تسمّيه إسرائيل «اليوم التالي». وبحسب وسائل إعلام العدو، فإن وزير الأمن، يوآف غالانت، ممثّلاً المستوى الأمني في الكيان، طرح خطة تشمل «تطهير» بعض البقع في قطاع غزة من عناصر المقاومة بشكل كامل، على أن تتحوّل إلى مناطق آمنة أو «جزر إنسانية» يجري تجميع المساعدات فيها، فيما يتم تنظيم مجموعات وجهات محلية بعيدة عن «حماس»، لتتولّى توزيع تلك المساعدات. واقترح غالانت إجراء تجارب لإنشاء هذه «الجزر» في شمال القطاع، كمرحلة أولى، علماً أن العدو حاول مراراً وتكراراً تطبيق خطط مماثلة، مرة عبر مجموعات تابعة لأجهزة السلطة الفلسطينية، بتوجيه مباشر من رئيس مخابرات السلطة، اللواء ماجد فرج، وأخرى عبر مجموعات محلية وعشائرية لديها طموح إلى تولّي السيطرة على مناطق محددة، وبسط نفوذها، وحتى ممارسة أعمال فرض «الخوّة» والإتجار بالمساعدات. إلا أن المحاولات المذكورة فشلت جميعها بلا استثناء، حتى في ظلّ تواجد جيش الاحتلال في قلب شمال قطاع غزة والمنطقة الوسطى.