كتبت جريدة “الأخبار”:
لم يكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، يغادر الكيان الإسرائيلي، حتى خرج رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ليعيد تأكيد مواقفه السابقة، والتي كانت عطّلت المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية، طوال المدة الفائتة. والمواقف المذكورة تدور بشكل أساسي حول نقطتين: أُولاهما، عدم إنهاء الحرب على قطاع غزة؛ وثانيتُهما، عدم الانسحاب من محورَي «فيلادلفيا» و«نتساريم» في القطاع. وعندما خرج بلينكن من لقاءاته في الأراضي المحتلة، بتصريح يفيد بـ«موافقة نتنياهو على المقترح الأميركي»، وتبعه الأخير بتصريحاته حول التمسّك بتلك الشروط، ساد انطباع بأن رئيس حكومة العدو تمكّن من «إقناع» الوزير الأميركي بمواقفه، ودفعه إلى تبنّيها بالكامل. لكن هذا ما نفاه مسؤول أميركي كبير تحدّث إلى عدّة وكالات إخبارية عالمية، حيث وصف تصريحات نتنياهو بـ«المتشدّدة» و«غير البنّاءة»، مؤكداً أنه «لا صحة للتقارير عن أن بلينكن اقتنع في اجتماع مع نتنياهو بمطلب إسرائيل البقاء في فيلادلفيا»، متوقّعاً «استمرار المحادثات الرامية إلى وقف إطلاق النار هذا الأسبوع».
كما نقل مراسل موقع «واللا»، باراك رافيد، عن مسؤول أميركي كبير أيضاً، قوله: «نحن لا نتّفق مع نتنياهو بشأن هذه القضية».وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن نتنياهو قوله إنه «من غير المؤكّد التوصّل إلى صفقة»، وإن «الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من محورَي فيلادلفيا ونتساريم بأي شكل من الأشكال، رغم الضغوط الهائلة، لأنهما يشكّلان أهمية استراتيجية، عسكرية وسياسية على حدّ سواء». كذلك، قال نتنياهو إنه أبلغ وزير الخارجية الأميركي أن إسرائيل لن توقف حربها «حتى القضاء على حماس». وفي المقابل، ردّت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة على ذلك بالقول إن «تصريحات نتنياهو تعني عملياً إبطال صفقة تبادل الأسرى»، واتّهمت حكومة نتنياهو بأنها «تخلّت عن المختطفين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وتتخلّى عنهم الآن إلى الأبد». وفي السياق نفسه، أوردت قناة «كان» الإسرائيلية تصريحات لأعضاء في طاقم المفاوضات، رأوا فيها أن «تصريحات نتنياهو تهدف إلى تخريب المفاوضات، ولا معنى آخر لذلك، فهو يعلم أننا في فترة حاسمة نعمل فيها على إيجاد حلول لمحوري نتساريم وفيلادلفيا في القمة التالية، ويعلم بوجود تقدّم، لكنه يطلق تصريحات مناقضة لما تمّ الاتفاق عليه مع الوسطاء». وفي تعليقهم على ما تقدّم، قال مقرّبون من نتنياهو، للقناة نفسها، إنه «إذا كان موقف رئيس الحكومة لا يروق طاقم المفاوضات، فبإمكانهم ترك المهمة».
بدورها، كشفت «القناة 13» عن بعض وقائع المحادثات المغلقة حول المفاوضات، حيث قال نتنياهو: «أعرف كيف أتفاوض بشأن صفقة التبادل. لقد تفاوضتُ مع الهستدروت (نقابة العمّال الإسرائيلية) من قبل»، ليردّ عليه أحد المسؤولين الأمنيين بأنه «في المفاوضات مع الهستدروت يوجد وقت للتفاوض، أما مع حماس فلا يوجد وقت كافٍ، فكل يوم يموت مختطفون». أما «القناة 12»، فقد كشفت أن «نتنياهو أكّد لكبار المسؤولين في فريق التفاوض أنّه سيفضّل محور فيلادلفيا في هذا الوقت»، إذا ما اقتضى الأمر الاختيار بين بقاء السيطرة الإسرائيلية هناك أو إعادة الأسرى. كما كشفت التقارير الإعلامية، أن عضو الوفد المفاوض، اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي، نيتسان ألوني، يرفض السفر لحضور محادثات القاهرة «بعد رفض رئيس الوزراء إبداء المرونة في مسألة الانسحاب من ممرّ نتساريم ومحور فيلاديفيا».
جدّدت حركة «حماس» التزامها واستعدادها الفوري لتنفيذ ما وافقت عليه في 2 تموز الماضي
في هذا الوقت، حطّ بلينكن في القاهرة، أمس، قادماً من الأراضي المحتلة، حيث التقى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بينما كان وفد إسرائيلي يجري محادثات مع آخر مصري، وبحضور أميركي، حول مسألتي «فيلادلفيا» ومعبر رفح الحدودي. وبحسب وسائل إعلام العدو، فإن «مصر لم تقبل الاتفاق الإسرائيلي الأميركي حول التواجد الإسرائيلي في فيلادلفيا». وبعدها، طار الوزير الأميركي إلى الدوحة في زيارة قصيرة، أعلن عقبها أن قطر ومصر والولايات المتحدة «متّحدون في عملنا مع الأطراف للتوصل إلى هذه الصفقة، ومصر وقطر تتواصلان مع حماس مباشرة سعياً لإقرارها»، مضيفاً: «نسعى للحصول على موافقة كل الأطراف»، متابعاً: «سمعنا موافقة نتنياهو على الصفقة، وأتمنى أن توافق حماس عليها بدورها». لكن أهمّ ما ورد على لسان بلينكن، تأكيده أن «الولايات المتحدة لا تقبل أي احتلال إسرائيلي طويل الأمد لقطاع غزة»، وأن «مصر وقطر تعملان على تفسير البنود الغامضة لتتفهّمها حماس وتوافق على الاتفاق كما وافقت عليه إسرائيل»، في ما بدا أنه ردّ على تصريحات نتنياهو حول التمسّك باحتلال محوري «نتساريم« و«فيلادلفيا».
وفي المقابل، أصدرت حركة «حماس» توضيحاً حول المفاوضات، جدّدت فيه «التزامها واستعدادها الفوري لتنفيذ ما وافقت عليه في 2 يوليو/ تموز الماضي، بناءً على إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن وقرار مجلس الأمن الدولي». وبحسب التوضيح، فإن إعلان بايدن ينصّ، في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار (3 مراحل)، على التالي:
– وقف فوري تام وكامل لإطلاق النار.
– انسحاب القوات الإسرائيلية إلى محاذاة الحدود.
– عودة النازحين إلى بيوتهم في كل مناطق القطاع من دون قيد أو شرط.
– دخول المساعدات الإنسانية والمساكن المؤقتة بشكل كاف وآمن.
– صفقة تبادل جدية بين الطرفين.
– المفاوضات أثناء المرحلة الأولى يجب أن تؤدّي إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
وبحسب التوضيح، فإن «حماس» رحّبت بالإعلان المشار إليه، ووافقت عليه، لكن ردّ نتنياهو كان «مزيداً من المجازر والقتل». وأضافت الحركة أن نتنياهو وضع شروطاً جديدة للتفاوض، وتشمل:
– عدم الانسحاب من معبر رفح.
– عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا.
– عدم الانسحاب من محور نتساريم.
– تفتيش النازحين العائدين إلى بيوتهم من الجنوب إلى الشمال.
– تغيير ما تمّ الاتفاق عليه في ما يتعلّق بصفقة تبادل الأسرى، بما يعني تفريغ الصفقة من مضمونها.
– ربط المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار بالموافقة على الشروط السابقة.
– عدم الالتزام بالاستمرار في التفاوض بشروط المرحلة الأولى إلى حين الاتفاق على شروط المرحلة الثانية، ومطالبة الأميركيين بتعهّد خطّي يمكّن إسرائيل من استئناف الحرب إذا قرّرت ذلك.