المشهد اللبناني: خطر على الحدود الجنوبية.. وقلق مما يحصل على الحدود الشرقية

لا مصلحة للبنان بترسيم الحدود.. وإسرائيل ملزمة أممياً الانسحاب من النقاط الـ5

المشهد اللبناني: خطر على الحدود الجنوبية.. وقلق مما يحصل على الحدود الشرقية

كتب حسين زلغوط في “اللواء”:

يعيش لبنان مرحلة يمكن وصفها بأنها الأشدّ خطورة، بغض النظر عن محاولة الحكومة ترتيب الوضع الداخلي من خلال مقاربة ملفات كثيرة كانت موضوعة على رف الإنتظار بفعل الإنشطار السياسي القائم منذ سنوات والعمل على حلّها. فالوضع على الحدود الجنوبية ما زال في دائرة الخطورة نتيجة استمرار العدو الصهيوني في خرقه لاتفاق الهدنة ولمندرجات الإتفاق الأممي 1701، وفي موازاة ذلك فإن الوضع على الحدود الشرقية مع سوريا غير مريح، وينذر في حال لم تسارع الحكومتين في البلدين فتح قنوات الحوار والتنسيق لمعالجة الأسباب الكامنة وراء اندلاع الاشتباكات على هذه الحدود بعواقب وخيمة الخاسر فيها لبنان وسوريا والرابح الأكبر هي إسرائيل التي تعمل على تنفيذ حلمها الرامي الى تفتيت المنطقة وتحويلها الى دويلات طائفية مذهبية متناحرة في ما بينها.

ولعّل البارز على مستوى الوضع بين لبنان وإسرائيل هو ما نقله موقع «أكسيوس» الأسبوع الفائت عن مسؤول أميركي أن إسرائيل ولبنان اتفقا على بدء مفاوضات لحل النزاعات المتعلقة بحدودهما البرية، وأن إدارة ترامب تقوم بوساطة بين إسرائيل ولبنان منذ أسابيع عدة في محاولة لتعزيز وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق بشأن الخطوات التالية.

وكجزء من الاتفاق بين الطرفين، سيتم إنشاء مجموعات عمل ثلاثية للتفاوض حول ثلاث قضايا: النزاعات الحدودية البرية بين إسرائيل ولبنان، وقضية الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل، وشروط انسحاب إسرائيل من خمس نقاط متبقية في جنوب لبنان.

وإذا كانت واشنطن من خلال مسعاها هذا تريد إحياء طاولة المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل لتسوية النزاعات الحدودية البرية بينهما، لم يعلن أي موقف رسمي يضع الرأي العام اللبناني في أجواء ما يحصل، أو أقلّه تحديد موقف مما يثار وكأن لبنان أوكل الى واشنطن وباريس مهمة التقرير عنه، وهذا يدّل على أن لبنان بدأ يخضع رويداً.. رويداً للضغوط الأميركية التي تهدف أولاً وأخيراً الى تأمين المصلحة الإسرائيلية، بدلاً من أن يتمسّك باتفاق الهدنة الموقّع بين لبنان وإسرائيل عام 1949، واعتماد الحدود الدولية بين فلسطين ولبنان، التي رسمتها دولتا الانتداب بريطانيا وفرنسا عام 1923، كخط للحدود بينهما، علما انه بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان عام 2000، رسم خبراء الأمم المتحدة «الخط الأزرق» بين لبنان وإسرائيل بناءً عليه.

وفي دلالة واضحة على ان إسرائيل لا تلتزم بأي اتفاقات وهي تعمل وفق ما تقتضيها مصالحها، حصل أيضا ترسيم ثالث بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في العام 2000 تطبيقاً للقرارَين 425 و426 الصادرَين عن مجلس الأمن الدولي في 19 آذار 1978 بعد احتلال إسرائيل لأجزاءٍ من الجنوب اللبناني في العام 1978. هذا الترسيم لم يكن للحدود، بل لما اتُفق على تسميته بالخط الأزرق كخط انسحاب للقوات الإسرائيلية، وهو لا يعد خط الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل، بل الأقرب إليها، وذلك بسبب استمرار احتلال العدو الإسرائيلي لثلاث عشرة نقطة مختلفة المساحة على الحدود وتعد خرقًا للحدود الدولية.

والمتابع لمسار الأحداث يجد أن إسرائيل كانت ترجع للاتفاقية هذه وتستخدمها وتعترف بها خدمة لمصالحها، في حين كانت لا تعترف بها عندما ترى أنها عقبة أمام سياساتها ومخططاتها وطموحاتها، وفي حال انصاع لبنان للإرادة الأميركية فهذا يعني أن أي ترسيما جديدا سيكون لصالح إسرائيل التي ستقتطع حكما أراضٍ لبنانية جديدة، وما دام هناك اتفاق ترسيم موجود لدى الأمم المتحدة فما على لبنان إلّا التمسّك به والمطالبة بالتفاوض فقط حول النقاط الـ13 المختلف عليها.

تبقى الإشارة هنا الى إن الحدود البرية للبنان معترف بها دولياً وفقاً لاتفاقية «بوليه نيوكومب» لعام 1923، والتي تم إقرارها بعد ترسيم الحدود، وأودع محضر الترسيم لدى «عصبة الأمم» في عام 1924، وقد حفظت الخرائط الرسمية لهذه الحدود كذلك في الأمم المتحدة، وأن إسرائيل ملزمة بالانسحاب من الأراضي التي لا تزال تحتلها، بما في ذلك التلال الخمسة التي استولت عليها بعد وقف دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.

Exit mobile version