الكتائب والقوات: تمايز في التنافس على القيادة
كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:
بعدما راهنت القوى السياسية التي تدور في المحور المعادي للمقاومة على أنّ الضربة الكبيرة التي تلقّاها حزب الله ستقضي عليه، ويمكن عندها التخلص منه ومن سلاحه، تراهن اليوم على أنّ «الخلاص» قد يحتاج إلى ضرب قدرات الحزب المالية، بعدما تبيّن أن ما تعرّضت له المقاومة من حملة اغتيالات لقادتها لم يترك أثره البليغ على الميدان، بدليل مسار المعركة البرّية المفتوحة منذ نحو شهر.
وينقل مطّلعون على أجواء حزبَيِ «الكتائب» و»القوات اللبنانية» أنّ «التقديرات لدى الحزبين بأنّ تعرض الحزب لضربة تجعله يخسر أمواله ستؤدي إلى شلله، وإلى خلق نقمة لدى جمهوره والبيئة الشيعية الأوسع، وتجعله مع الوقت غير قادر على الاستمرار بالإمساك ببيئته اجتماعياً لأنها لن تنتفع منه مالياً». ويرى أصحاب هذه النظرية أن مثل هذه الضربات ستفتح “مرحلة جديدة تسمح برفع مستوى النشاط السياسي في الساحة الشيعية واستمالة شرائح أكبر نحو المحور الآخر».
ويزداد هذا الكلام على السطح بعد ادعاءات وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الأسبوع الماضي، بأن «إسرائيل انتهت من هزيمة حزب الله وضرب قوته، وهي الآن في صدد تفكيك بنيته الاقتصادية وغير العسكرية»، وهو ما ترجم لاحقاً بقصف مراكز جمعية «القرض الحسن» ومزاعم الناطق باسم جيش العدو بوجود مخزن للأموال والذهب في مستودعات تقع أسفل مستشفى الساحل.
ويبدو أن خصوم الحزب من القوى الداخلية يتماهون كثيراً مع رواية العدو، وينطلقون منها لبناء فرضيات وخطط لخلط الأوراق في البيئة الشيعية. وثمّة مشتركات كبيرة حول هذه النقطة بين الحزبين الآتيَين من رحم واحد، فيما يختلفان على الأسلوب، إذ يتنافس الحزبان حول من منهما أقدر على قيادة المرحلة المقبلة وإدارة الفريق السياسي الحليف لهم.
ويقول مطّلعون على أجواء حزب الكتائب إن رئيسه النائب سامي الجميّل يرى «أنه أكثر مقبوليةً من سمير جعجع وأقدر على مخاطبة الشيعة والسنّة، بينما يكتفي جعجع بالترويج لنفسه كأقوى القيادات المسيحية، وأنه سيكون المرجعية الأولى في ساعة الحسم”.
وفي أكثر من محطة، برز اختلاف بين «القوات» و»الكتائب» في تقدير الموقف والتعامل مع حوادث ذات حساسية طائفية، ويرى كثيرون أن حزب الكتائب «تصرّف بواقعية وذكاء، فيما كانت القوات من دون حكيم يدير عملها». إذ دخل حزب الكتائب على الخط للملمة مشهدَين كان يمكن أن يقودا إلى فتنة. الأول في منطقة بلاط الجبيلية، عندما نصب شبان تابعون لوحدة العمل الاجتماعي في حزب الله واللجنة الموكلة متابعة النازحين على الطرقات خيمة عند مدخل بلاط لإرشادِ النازحين إلى بعض البيوت ومراكز الإيواء في المنطقة، فخرجت أصوات (قواتية وكتائبية وغيرهما…) مدّعية وجود مسلحين داخل الخيمة، وبالفعل تجمّع عشرات الشبان حول الخيمة وحول مركز «الكتائب» الذي انجرّ عناصره الى التوتر. وبعد اتصالات أوضحت أن الفريق يعمل في الحقل الإغاثي فقط، عمد كوادر حزب الكتائب إلى فضّ التجمّع وتهدئة الأمور.
وتكرر الأمر في جبيل أيضاً، مع قيام أشخاص من آل زعيتر، بإنشاء مبنى على أرض متنازع على ملكيّتها، فسرّب فريق «القوات» أخباراً غير صحيحة عن «اعتداء الشيعة على أراضٍ مسيحية تابعة للبطريركية”، ما استدعى اتصالات وتنسيقاً بين «الكتائب» والنائب السابق فارس سعيد، ومحمد عواد، وهو أحد وجهاء المنطقة، ليتبيّن أن الخلاف هو بين أفراد شيعة، وليس هناك أيّ إشكال مع المسيحيين.
وتفيد المعطيات بأنّ هاجس «الاقتتال الداخلي حاضر»، وأنّ «المجالس تشهد نقاشات ترفض جميعها هذا الاقتتال، مع التحذير من أجواء تشنج قد تخلق ردات فعل غير محسوبة»، وسط موجة تسريبات وتعبئة هدفها رفع منسوب الخوف من “عدم مغادرة النازحين للمناطق المسيحية بعد انتهاء الحرب”، وينطلق المروّجون لهذه الفرضيات من “أنّ حزب الله سيعجز عن إعادة إعمار مناطقه، وأن إسرائيل قد تحتل جزءاً من الجنوب”.