القوى الروحانية 9

القوى الروحانية 9

كتب د. عصام العيتاوي:

كل القوى الروحانية، من القوة الروحية الاولى الكلية المطلقة السرمدية… الانسان هو المخلوق الوحيد من بين كل المخلوقات فيه من روح باريه الذي نفخ منه به مباشرة او ( بواسطة )، اما غيره من المخلوقات الحيوانية ، ارواحها مخلوقة مستقلة لا منفوخه منه تعالى، وهذا هو الفرق الاساس روحيأ بين الخلق والمخلوقات الحيوانية ،ناهيك عن الجمادات المسبحة كما اوجزها على تلك الحال، مصداق قوله تعالى( وما من شيئ الا يسبح و يقدس له ).

ولعل الحركة الدائرية الموجودة في كل الاشياء، من البروتونات والالكترونات حول انويتها ، ربما تكون هي التسبيح بعينه، اما علميأ نحن نعبر عنه كما اشرت اليه بتلك التسميات العلمية الحركية الدائمة؟ .وبناء على الحديث الذي يقول:

إن الله خلق الانسان على شاكلته ( اي من اول خلقه آدم ع على ما هو عليه الآن) وليست الشاكله. على ما هو الإله عليه ؛ لانه سبحانه و تعالى لاشكل له بالإطلاق وكذلك عصي عن كل وصف يلصق به؟ ،إلا بما وصف هو به نفسه، ويقال دينيأ وفلسفيأ عنه تعالى صفاته عين ذاته ، اي لا صفات له تجمع مع الذات ، بل كلاهما واحد وهو احد ، وفي فلسفة الاشراق ( هو هو ) . وهذه الشكلية ( مخالفة لنظرية دارون جملة وتفصيلأ) ، التي تقول بالارتقاء و التطور ، وان شكل الانسان لم يكن على ما هو عليه الان… وهذا التطور كان لنوع من القردة العليا التي كانت تسكن على الاشجار وتطور مع الزمن حتى اصبح اليوم على ما هو عليه حاليأ… والله سبحانه في القرآن الكريم يقول : ( إنا خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ، فأين هذا من ذاك .؟؟ وميزه بالعقل، الذي عجز علماء البيولوجيا والاجتماع عن تحديد مكانه في الإنسان..ً. ولن ولم يستطيعوا ان يحددوه في المستقبل مهما تقدمت علومهم الإختصاصية في ا لعلوم الطبيعية والاجتماعية و غيرهما من العلوم … لماذا ؟ لانه من القوى الروحانية التي لا تحد، ولايدرك مدى قوتها الرياضية… ؟ هذا من جهة ،ومن ناحية ثانية انا لم ندرك ان نوعأ من المخلوقات غير القردة المذكورة عند د. فرويد … قد ارتقى وتطور الى شكل آخر؟ ولا داعي لذكر مثل او أمثال دالة على ذلك لكثرتها…

وقد ذكرت في حلقة سابقة عن بعض ما قيل في العقل وخلقه… اما في هذه الحلقة فاسوف اتكلم عن النفس من بعض جوانبها فقط ،وفي الحلقات اللاحقة اتعرض لمعانبها اللغوية بالتفصيل بعونه تعالى . اولأ : هي من القوى الروحانية حكمأ، ثانيأ : قيل فيها الكثير من النظريات لعلماء النفس قديمأ و جديدأ وكلها تتعلق ببقائها بعد الموت ( توفيها ) … لا داعي لعرضها في هذه المقالة لكثرتها … و الغلط الذي ارتكبه علماء النفس اجمعين هو تسميتهم لهذا الفرع من التخصص ( بعلم النفس ) لماذا : ؟ لان النفس ليست من العلوم المادية كما هو المعروف، لذلك لا يمكن اطلاق صفة علم عليها، بل يقال ( معرفة نفسية ). و إنما العلم يطلق على العلوم المادية فيقال : علم الفيزياء او علم الكيمياء و علم كذا و علم كذا… ؛ لانه بين ايدينا مادة نقلبها و نفحصها لنبحثها، بينما عندما نقول علم النفس ، اسأل الكل مما يتعاطون هذه ( المعارف) النفسية ، بدءا بالدكتور فرويد زعيمهم هل بين ايديهم نفس او شبه نفس يرونها او يلمسونها او يجزؤنها…؟ ام أن كل النظريات التي اتوا بها عبارة عن اسقاطات نفسية على الغير ليس إلا ؟؟؟. اضافة ايضأ الى الفرق الشاسع جدأ بين العلم والمعرفة، كمصدر للعلوم ؟! ؟! ؟!

و بناء عليه نخلص الى القول ان النفس هي بحد ذاتها قوى روحانية ، لا يمكن ان ترى وبالتالي لا تنقسم ولا تتجزء. وهنا يكمن الخطأ الفادح بالتسمية..؟. بل ان الواجب العلمي الذي يتصف بالموضوعية وبالمنطقية يدعونا الى القول في كل العلوم غير المرئية كالقوة الروحية الاولى، وما خلقت من الجن و الملائكة والإنس و كل ما هو على شاكلتهم ،من العقل والنفس و.و… ان يقال عنها علوم نفسية ، لأننا لا نعرفها بالتفصيل والنسب المئوية المحددة والدالة ، بل نعرف عنها القليل القليل كل على حده ، حتى أن معرفتها ايضأ يعرفها اهلها كل على قدر طاقته المعرفية الإدراكية الذاتيه ؟ وتعمقه بقدرته الخاصة المعرفية ، وهي من المعارف الإشراقية النووية العرفانية كما جاء في الحديث القدسي : ( ليس العلم بكثرة التعلم ،انما العلم نور يقذفه الله في قلب من يحب ؟ ) و بالتالي لايمكن ان يطلق عليها جميعها علوم ؟ بل التسمية الصحيحة لها ( معارف نفسية ) ؟ لا علم النفس . وهذا كان عنوان كتابي : ( المعرفة النفسية).

إذن النفس الانسانية،هي من القوى الروحانية، الموجودة مع كالعقل في الانسان ، وهي المخاطبة في القرآن الكريم لا الروح والعقل لقوله تعالى … عندما يتوفاها الله سبحانه ( يا ايتها النفس المطمئة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) ، وهذا يعني انها تكون في مكان آخر ثم تدخل من جديد بعد تركها لمحلها…ما يدل على أن الجنة حق وجودي كما الدنيا حق اعتباري… و تنضم الى عباد الله السابقين الموجودين فيها قبلها، وهم جمبعأ احياء يرزقون…وما دام الخطاب قد خصص هنا النفس المطمئة، فيشير ذلك الى وجود نفوس غير مطمئنة ؟ … وهم كما جاء في القرآن الكريم ثلاث : ( نفس مطمئنة- نفس لوامة – نفس أمارة بالسوء ) ً.

ومن جهة ثانية لا يمكن تسمية علم نفس ؛ لان العلم ينطبق على جميع ما يقع عليه النوع العلمي ؟ فهل هذا العلم ( النفس) يقع على جميع افراد المجتمع بذات الكيفية النفسية؟ ام ان لكل فرد في المجتمع نفسية مميزة عن غيره خاصة به عن سواه ،كما لا يوجد أيضأ نفسيتان متماثلاتان ؟؟ مثالأ على ذلك خذ : أولادك هل هم بذات النفسية ، وهم من أب واحد وام واحدة وانت واخوتك ، وزوجتك واخواتها ؟؟؟ فكيف بكل البشر … اما ترى معي ان كل مولود في العالم يختلف خلقأ الخاء (الخاء فتحة) و خلقأ( الخاء ضمة) عن غيره؟؟؟ وكما يقال ان لعلم الفلك دور ووظيفة في كل مولود في طبعه و طبيعته ونفسيته…وكذلك للأبراج واماكنها تأثير وادوار على الأجنة في ارحام امهاتها ؟ وكذلك اوقات وايام الجماع بطبيعتها ، لكل منها طبيعة خاصة للإتلاف والاختلاف مع مواليد الابراج الاخرى … اضافة الى العوامل النفسية الاخرى في رحلة حياة الجنين حتى يولد؟؟؟ اما ترى معي ايضا ان الازواج المؤتلفة مع ازواجها لا يختلفون والعكس صحيح ؟؟؟…

نستخلص إذن أن لكل نفس بشرية حالة نفسية خاصة بها ؟ فكيف يطبق علم واحد على مجاميع نفسية مختلفة ، اوليس بالاحرى ان يكون لكل انسان حالة نفسية خاصة به ؟ وهذا ما يتطلب اكثر من علم نفس كما يقال ، بل معارف نفسية متنوعة.؟!؟!؟!

Exit mobile version