القوى الروحانية 14
كتب د .عصام العيتاوي:
سوف اتطرق في هذه الحلقة الى موضوع مهم جدا ، يتناول العوالم ( جمع عالم ) التي بها مرت الروح بهم متنقلة من ماضيها الى حاضرها في المراحل كافة وسوف تذهب اليها في المستقبل وتبقى فيه حتى نهاية مستقرها ( اي مثواها الأخير) خالدة ما دام الزمن بعدها، و لهذه القوى الروحانية في انسانية الإنسان مستقرها لا في جسدها الترابي كما كان اول مرة ؟ ( كالفخار ، كالصلصال) ؟؟؟. ويظل بفضلها الانسان جسما قبل انيصبح دونها جسدأ ؛ لان التسمية تختلف بين الجسم والجسد بالنسبة للروح ان كانت فيه ،فهو جسم ،وان فارقته اصبح فورأ جسدأ ( او جثة ) ، و في هذه المقدمةالموجزة ألفت النظر الى ما يأتي :
اين بدأت هذه القوى والى اين تتجه مطيعة بأمر باريها ؟ اي بإرادته وبقدرته وعلمه السابق قبل وجودها، وفاقأ لإرادته بنفسه التي لا تشبه ارادة عباده واوليائه قط، لا تخييرأ لهم ؛ بين الولادة و الوفاة ليمكن اختبار خلقه، بعدهما، وهم عائدون لله وحده لا محالة يعمل ما يشأء. ( الحرية المطلقة ) انما المرحلة المبتدأة بسن التكليف العقلي ( يعني ان الانسان اصبح يستطيع بعقله ان يميز بين الخير وااباطل وان يقوم بواجباته الشرعية منفردأ ويتحمل عاقبة اموره امام الله) ، و هي التي تحدد مسار القوي الروحانية الممنوحة لكل فرد الى مثواها الاخير ؤالركون الى القدر ومساواته، لذلك فالانسان مخيير في الطريق التي يسلكها وعليها ينال الحساب النهائي لإختباره …؟ و عليه نخلص الى القول الانسان مخير لامسير في حياته، وان كانت ولادته ووفاته لا خيرة له فيهما على الاطلاق. فالاولى الولادة ليس كان موجودأ حتى يخير ، وعند الوفاة المقدرة له ، ليس بمخير ايضأ… كما قال الإمام جعفر الصادق ع : ( لا مخير ولا مسير بل امر بين امرين ) ، و لانه بطبعه بعد علمه بوجوده ، لا يريد فقد وجوده ويتمنى لو يعيش ابديأ، دون ان يموت بعد تعلقه بحياة الدنيا التي يعيشها من جهة ؟؟؟ ، قلة معرفته عمليأ عن الحياة الآخرة؟؟؟! ولو سئل اي احد من الناس هل تحب ان تموت لقال من فوره ( كلا ) وهو يعشق الحياة حتى ( النرجسية ) …لذلك لا يسأل في هذا المقام،كما لم يسأل في مقام الولادة…
يثتسنى من هذه القاعدة فقط في الوفاة ، نبينا ورسولنا محمدصلى الله عليه وآله وسلم ،؛ لانه حسب الاحاديث الصادقة قبل وفاته ص سئل ان كان يريد البقاء في الدنيا ، او ملاقاة ربه ، ففصل الثانية سأله الملاك عزرائيل المكلف نسل الروح وارجاعها لامر الله ، علمأ ان هذا الملاك عرفأ لا يسأل هذا السؤال احدأ سواء أكان مؤمنأ ام لا ،إلا لمن ذكرت فاختار الموت على الحياة؟؛ لان علمه بالآخرة كعلمه بالدنيا ..
لماذا ؟ : لانه يدرك يقينأ وبكل قناعة ، ان ما بعد الموت افضل من الحياة ، دون ادنى احتمال رياضي يذكر ، مصداقأ لقوله سبحانه وتعالى : ( وللأخرة خير لك من الاولى و لسوف يعطي ربك فترضى) .
وهنا يمكن لنا ان نطرح السؤال الجوهري على انفسنا ؟ ولمن هو على قيد الحياة : من منا يختار ما اختاره رسولنا حقأ ؟؟! ولهذا لا نسأل راينا في الانتقال من الدنيا، كما لا نسأل عن قدومنا اليها ؟؟؟ ؛ ولان رسولنا ص لعلمه اليقيني ان الحياة الحقيقية التي ارادها الله تعالى لنا هي الآخرة و هي بعد حياتنا الاولى المعيوشة هذه، وخير انتقال اليها ما اشار اليه امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام بقوله في نهج البلاغة: ( لالف ضربة بالسيف اهون علي من ميتة على فراش) و ( انما الدنيا دار ممر لا دار مقر) و والحديث القدسي الذي يقول : (إنما خلقتكم للبقاء لا للفناء ) وان الدنيا برمتها فانية مصداقأ لقوله سبحاته في القرآن الكريم 🙁 كل من عليها فان ولا يبقى الا وجه ربك ذو الجلال والاكرام … ) و لدار الآخرة هي الحيوان ، فالحيوان هنا تعني: ( الحياة الآخرة التي لا موت فيها ابدأ ومستمرة ابدأ الى ما لا نهاية …، ولها خلقنا .
واما هذه المقولة : من ان حب الدنيا رأس كل خطيئة… يبقى لها الاثر الفعال والاهم في عملية الاختبار لكل انسان في العالم يعي ما يقرأ ويعرف ويعقل ، فلا عذر بعدها لكل من يعتذر ،او يقول ما كنت اعرف.وحيث لا انتقال الى عالم ما بعد الحياة ، إلا بالموت … فيجب علينا ان نموت … ؛ و لذلك الموت لينقلنا الى ما خلقنا له فبعد معرفتنا الاكيدة هذه ، لا يهمنا اوقعنا على الموت ام وقع الموت علينا. فهو للمؤمنين بما وراءه نعمة وليس نقمة، هكذا علمنا رسولنا ص وأئمتنا ع.
وحتى لا نخرج عن صيغة المقالة في العرف الادبي نتطرق الى ما تقدم في البداية من تقسيم العوالم في حلقة لاحقة.