كتب عبد الفتاح خطاب في “اللواء”:
هذه مقارنة موجزة لأهم الفوارق في البنود في قرار مجلس الأمن 1701 عام 2006، واتفاق وقف الأعمال العدائية عام 2024:
قرار 2006: قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» تراقب وقف الأعمال الحربية.
اتفاق 2024: تعتزم الولايات المتحدة وفرنسا العمل ضمن اللجنة الفنية العسكرية للبنان (MTC4L) فتضع «الآلية» التي يُفترض أن تضع الإجراءات المناسبة للتشاور والتفتيش وجمع المعلومات والمساعدة في ضمان إنفاذ هذه الالتزامات، والقيام بمهام التنسيق، وتعزيز قدرات وتدريب القوات المسلحة اللبنانية على تفتيش وتفكيك المواقع والبنية التحتية غير المصرح بها، فوق الأرض وتحتها، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، ومنع وجود الجماعات المسلحة غير المصرح بها. ويقوم لبنان واسرائيل بالتبليغ عن أي انتهاكات مزعومة إلى «الآلية»، وتقوم بتنسيق الخطة المحددة والمفصّلة للانسحاب، وغيرها من المهام.
وقد أبقى الاتفاق على دور قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» ولكن أضاف إليها مهام إضافية هي التنسيق مع «الآلية» والعمل وفق ما تراه من خروقات. ولكن يبقى أن نطاق عمل «اليونيفيل» هو في جنوب الليطاني، وماذا لو كانت الانتهاكات لهذا الاتفاق وقعت خارج نطاق «اليونيفيل»؟
وستقوم اللجنة الفنية العسكرية الخماسية برئاسة الجنرال الأميركي جاسبير جيفرز، وتضم الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل وقوات «اليونيفيل»، بالإشراف على وقف إطلاق النار ومنع انتهاك الاتفاق.
هذا ولم تتشكّل اللجنة بعد ولم يبدأ عملها، في الوقت الذي لا يزال الوضع متأزّماً، والآلاف من النازحين لا يستطيعون العودة إلى قراهم بسبب التحذيرات الإسرائيلية.
كما لا تزال «الآلية» غامضة، ولم يبدأ العمل على إعدادها، وقد جاء ذكرها 10 مرات في الاتفاق.
قرار 2006: مجلس الأمن إذ يؤكد أن العنف يجب أن يتوقف وفي الوقت نفسه يجب أن تعالج بسرعة الأسباب التي أدّت إلى الأزمة الحالية وخصوصاً التوصل إلى الإفراج غير المشروط عن الجنديين الإسرائيليين المخطوفين. وإذ يدرك الطابع الحساس لقضية الأسرى ويشجّع الجهود التي تهدف إلى تسوية مسألة الأسرى اللبنانيين المعتقلين لدى إسرائيل بشكل عاجل.
اتفاق 2024: لا ذكر لموضوع الأسرى اللبنانيين المعتقلين لدى إسرائيل، وهذا يُظهر الاستنسابية في القرار لعدم ذكرهم كون لا يوجد أسرى إسرائيليين لدى الجانب اللبناني.
قرار 2006: نشر قوة مسلحة لبنانية من 15 ألف رجل في جنوب لبنان بالتزامن مع انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق.
اتفاق 2024: نشر قوة مسلحة من 10 آلاف رجل، وسوف تسحب إسرائيل قواتها على مراحل خلال فترة لا ينبغي أن تتجاوز 60 يوماً.
قرار 2006: مجلس الأمن يدعو إلى وقف كامل للأعمال الحربية يرتكز خصوصاً على وقف فوري من قبل حزب لله لكل هجماته ووقف فوري من جانب إسرائيل لكل هجماتها العسكرية.
اتفاق 2024: لا تمنع هذه الالتزامات إسرائيل أو لبنان من ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس، بما يتفق مع القانون الدولي.
نقطة حق الدفاع عن النفس هو مصطلح عام، جاء من خارج مندرجات القرار الدولي 1701 الذي يستند إليه كلياً اتفاق وقف إطلاق النار، وعليه تحتفظ هذه النقطة في طابعها النصي العام، لكن المخاوف من الانتهاكات الإسرائيلية تبقى قائمة، خاصة مع منحها حق الرد في حال الاشتباه بخرق الاتفاق.
قرار 2006: تسليم الأمم المتحدة خرائط الألغام البرية التي زرعت في لبنان، التي لاتزال بحوزة إسرائيل.
اتفاق 2024: لا ذكر لمثل هذا الموضوع.
قرار 2006: يرجو الأمين العام أن يضع وبالاتصال مع الممثلين الدوليين الأساسيين والأطراف المعنيين، مقترحات لترسيم الحدود الدولية للبنان ولا سيما في المناطق حيث الحدود متنازع عليها أو غير مؤكدة بما في ذلك الاهتمام بقضية مزارع شبعا، وتقديم هذه المقترحات خلال ثلاثين يوماً.
اتفاق 2024: تطلب إسرائيل ولبنان من الولايات المتحدة، بالشراكة مع الأمم المتحدة، تسهيل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان بهدف حل النقاط المتنازع عليها المتبقية على طول الخط الأزرق، بما يتفق مع القرار 1701.
وقد ارتكب المفاوض اللبناني خطأً تقنياً حين وافق على إجراء تعديل على خط حدود قطاع جنوب الليطاني، بحيث أدّى التعديل الجديد إلى إدخال قرى ومناطق متاخمة ومحاذية لها وأراضٍ وسفوح وهضاب كانت خارج منطقة عمليات «اليونيفيل» وتقع خارج جنوب الليطاني، لتصبح ضمن الخط!
قرار 2006: يُقدّم الأمين العام تقرير خلال أسبوع على الأكثر ثم على فترات منتظمة، عن تطبيق هذا القرار. كما يبقى مجلس الأمن على اطلاع على التطورات.
اتفاق 2024: لا دور واضح للأمم المتحدة في هذا الاتفاق.
قرار 2006: الدعوة إلى وقف كامل للأعمال الحربية.
اتفاق 2024: إعلان وقف الأعمال العدائية، وربما بسبب استخدام هذا التعبير لم نرَ وقفاً تاماً لإطلاق النار.
قرار 2006: قرار صادر من مجلس الأمن.
اتفاق 2024: يتسم بالغموض وعدم الوضوح. استخدم البعض تعبير اتفاق، كما استخدم البعض الآخر تعبير إعلان Declaration، وفي الحالتين هذا لا يرقى إلى مستوى الاتفاقية كمصطلح قانوني لها تبعاتها، أو المعاهدة، ولا لمستوى قرار دولي.
لم نتطرق هنا إلى عشرات الخروقات الجوية والبرية من قبل إسرائيل منذ إعلان الاتفاق في تمام الساعة 4:00 فجراً بتاريخ 27 تشرين الثاني عام 2024، من تجريف المنازل في القرى اللبنانية الحدودية، واستمرار الطلعات الجوية، وتنفيذ غارات في عمق المناطق اللبنانية سقط خلالها شهداء وجرحى، والمزيد من التوغل بالآليات والدبابات في الأراضي اللبنانية، والقيام برمايات وتمشيط واطلاق القذائف المدفعية على القرى، وقطع الطرق ورفع السواتر الترابية وسط الطرق.
هذه الخروقات تهدّد بنسف هذا الاتفاق الهش، في ظل صمت الرأي العام العالمي، والأمم المتحدة، ودول راعيي الاتفاق أميركا وفرنسا، واللجنة الفنية العسكرية المكلفة مراقبة الاتفاق.
ربما كان على الجانب اللبناني المفاوض أن يكون أكثر حذراً وفطنة، وأن يأخذ في الحسبان خبث إسرائيل وتاريخها الأسود في الإخلال بالاتفاقات والقرارات… وربما لم يكن بالإمكان أحسن مما كان… على أي حال، تبقى الأمور بخواتيمها!