الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

العدو يروّج لقرب الحلّ بتسريب مسوّدة تتجاوز القرار ١٧٠١ الى اتفاق ١٧ أيار جديد

بري قطع الطريق على المناورة "الاسرائيليّة"... وحزب الله عزز كلمة الميدان

العدو يروّج لقرب الحلّ بتسريب مسوّدة تتجاوز القرار ١٧٠١ الى اتفاق ١٧ أيار جديد

كتب محمد بلوط في “الديار”:

المشهد الذي صوره احد الجنود او المستوطنين الصهاينة من احدى المستوطنات المحاذية للحدود اللبنانية الفلسطينية امس، لعشرات الصواريخ التي اطلقها حزب الله من نقطة على حافة الحدود، كان مشهدا صادما “للاسرائيليين” عموما ولمستوطني الجليل خصوصا، بعد ان كانوا صدّقوا بيانات وشرائط جيشهم الدعائية، عن توغل قواته في عمق الاراضية الجنوبية اللبنانية لكيلومترات عديدة .

وما زاد من حجم صدمتهم انهم اعتادوا منذ بدء ما اسموه العملية البرية، مشاهدة اشرطة يبثها الجيش “الاسرائيلي” بشكل يومي عن تدمير خنادق وانفاق ومصادرة كميات كبيرة من الاسلحة والصواريخ لحزب الله .

واحدث هذا السيناريو الفاشل شيئا من الاطمئنان لدى “الاسرائيليين”، الذين اعتقدوا ان جيشهم حقق انجازا في مرحلة اولى، بابعاد مجاهدي حزب الله بضعة كيلومترات عن الحدود، وبسط سيطرته على القرى والبلدات اللبنانية القريبة منها، لكن خيبتهم تأكدت عندما اكتشفوا ان قوات النخبة في الجيش “الاسرائيلي” لم تتمكن من تثبيت وجودها في اي قرية، وانها كانت في كل مرة تدخل الى هذه القرية او تلك، لتفجر المنازل والاحياء ثم تعود على اعقابها .

واصيبوا بخيبات متتالية عندما فشل هجوم جيش العدو على بلدة الخيام، ولم يتمكن حتى الآن رغم محاولاته المتكررة من التحرك في محور آخر باتجاه بنت جبيل، لكن الخيبة تحولت الى صدمة كبيرة لدى “الاسرائيليين” عندما شاهدوا منذ يومين، كيف ان عشرات صواريخ حزب الله تنطلق من الحدود وتمر فوق رؤوس جنود جيشهم، نحو مدن ومستوطنات وقواعد العدو .

ولعل هذا المشهد يختصر وضع الجيش “الاسرائيلي” في المعركة البرية التي بدأها منذ ما يقارب الشهر ونصف الشهر، والتي اراد منها بالتزامن مع حملة قتل وتدمير جوي للجنوب والبقاع والضاحية، وهو بطبيعة الحال يدحض ويسقط وعود قادة العدو، واولهم نتنياهو باعادة “الاسرائيليين” الى المستوطنات الشمالية .

ويقول مصدر سياسي ان مشهد صواريخ حزب الله من الحدود مباشرة، هو المشهد الحقيقي الذي يقرب موعد انهاء العدوان “الاسرائيلي” ووقف اطلاق النار، وان التعويل على اي امر آخر هو مجرد اوهام واضاليل، لا تمرّ على من اختبر العدو الهمجي المجرم منذ عشرات السنين وحتى اليوم .

ويشير المصدر الى انه في العام ٢٠٠٦ قاد الرئيس بري مفاوضات صعبة وشاقة عبر الموفدين الاميركيين، قبل التوصل الى صيغة القرار الدولي ١٧٠١. وطوال تلك الفترة من المفاوضات حاول العدو “الاسرائيلي” بكل الوسائل، لا سيما من خلال توسيع عدوانه وغاراته الجوية في العمق اللبناني، ان ينتزع شروطا لمصلحته من اجل فرض اتفاق بالنار شبيه بالقرار ١٥٥٩، او اتفاق على غرار اتفاق ١٧ ايار المشؤوم، لكن كل محاولاته فشلت بسبب ثبات الموقف اللبناني، وما حققته المقاومة على الارض والخسائر الكبيرة التي الحقتها بجيش العدو .

ويضيف المصدر ان ما يفعله العدو اليوم، يكاد يكون صورة طبق الاصل لما فعله في العام ٢٠٠٦، وان الفرق الوحيد بين التجربتين هو ان لدينا اليوم قرارا دوليا هو القرار ١٧٠١ الذي يؤكد لبنان الالتزام بتنفيذه، وان المطلوب ان يعلن العدو الاسرائيلي الالتزام به، بدل ان يكبد الموفد الاميركي هوكشتاين عناء الجولات المكوكية .

ويشير المصدر الى ان بري عبّر خلال الاتصالات واللقاءات مع هوكشتاين، وسائر الموفدين والمسؤولين الاوروبيين في الاسابيع الماضية، عن هذا الموقف الواضح والثابت، قاطعا الطريق على اية مناورة “اسرائيلية” ترمي الى تجاوز القرار ١٧٠١ لتحقيق اهداف تمس سيادة لبنان. ويرى المصدر ان “اسرائيل” لن تستطيع ان تنتزع بالمفاوضات، ما لم تنجح في تحقيقه بالقوة، وان الاطار الوحيد هو القبول بتنفيذ القرار ١٧٠١ دون زيادة او نقصان .

ووفقا للمعلومات المتوافرة فان ما جرى منذ زيارة هوكشتاين الاخيرة للبنان، لم يحمل مؤشرات جدية يبنى عليها لتأكيد قرب الحل الديبلوماسي .

وتقول مصادر مطلعة ان التسريبات التي تتحدث عن احراز تقدم جيد حول مسودة الحل الديبلوماسي هي تسريبات “اسرائيلية”، مع العلم ان رئيس حكومة العدو نتنياهو، الذي بات يقبض على القرارين السياسي والعسكري، ما زال يراهن على خيار استمرار الحرب والضغط بالنار، لفرض شروطه التي وردت في الورقة التي سربتها وسائل الاعلام “الاسرائيلية” والتي تعتبر انقلابا على القرار ١٧٠١، وتشكل ما يشبه اتفاق اذعان جديد مماثل لاتفاق ١٧ ايار .

وتضيف هذه المصادر انه بعد ان تبين للعدو ان الموقف اللبناني صلب، ولا يخضع للضغط اكان بالنار او التهويل والتصعيد، بدأ مؤخرا حركة ديبلوماسية ناشطة باتجاه روسيا والولايات المتحدة ومحاور اخرى، لتوفير ما يصفها بالضمانات الملموسة والطويلة الامد، من اجل تأمين مراقبة وفرض ترتيبات برية وبحرية وجوية دولية على لبنان، بحجة منع اعادة تسليح حزب الله.

وتلفت المصادر الى ان نتنياهو يقود هذه المحاولات مستخدما اسلوبا مزدوجا: تارة بالتسريب عبر وسائل الاعلام”الاسرائيلية” ان هناك سعيا جديا لوقف النار والحل الديبلوماسي، وطورا بالتهديد بتوسيع الحرب والانتقال الى المرحلة الثانية من العملية البرية. مع العلم ان جيشه لم يتمكن من تحقيق اي نجاح في المرحلة الاولى، وان قادته يشكون من الانهاك الذي اصابه، ومن امتناع اعداد كبيرة عن الخدمة في الاحتياط، وهذا ما جعل قيادة الجيش “الاسرائيلي”، كما ذكرت “يديعوت احرونوت”، ان تقرر تقليص مدة هذه الخدمة من ٢٠ اسبوعا الى ٩ اسابيع، لتشجيع او محاولة معالجة هذه المشكلة.

واذا كانت المؤشرات المتعلقة بالحراك الديبلوماسي ما تزال غير ايجابية حتى الآن، فان ثمة مؤشرات اخرى اخذت تظهر مؤخرا، تبعث على الاعتقاد بان العدو “الاسرائيلي” ربما يتحول في الفترة القصيرة المقبلة الى القبول بوقف النار، والتراجع عن خيار الخرب.

ولعل ابرز هذه المؤشرات هو التحول الذي اخذ يبرز اكثر في الرأي العام “الاسرائيلي” بسبب فشل الهجوم البري على لبنان، وقدرة وضربات حزب الله الصاروخية التي توسعت الى عمق كيان العدو.

ويشار في هذا الاطار، الى الاستطلاع “الاسرائيلي” الاخير الذي اظهر انقساما “اسرائيليا” بشأن الحرب على لبنان، حيث بلغت نسبة المطالبين بحل ديبلوماسي واتفاق مع حزب الله ٤٦،٥ ٪، ونسبة المؤيدين لاستمرار الحرب ٤٦٪، مع العلم ان نسبة الذين ايدوا الحرب قبل شهر قاربت ٨٠٪.

والى جانب هذا المؤشر المهم، يبرز مؤشر آخر لا يقل اهمية، يتعلق بوضع المؤسسة العسكرية “الاسرائيلية” وقادتها، الذين اخذوا يضغطون مؤخرا بقوة على الحكومة لوقف العملية البرية، ووقف الحرب مع تعاظم الخسائر في صفوف الجيش، وبرروا ظاهرا مطلبهم هذا بما وصفوه استنفاذ القتال في لبنان كما ذكرت القناة ١٣.

وفي المقابل، حققت المقاومة وحزب الله في الاسابيع القليلة الاخيرة، خطوات مهمة ليس على صعيد التصدي البطولي وكسر هجمات جيش العدو البرية فحسب، بل على صعيد تنظيم وتدقيق وتوسيع ضرباتها الصاروخية في عمق كيان العدو، وادخلت مدنا مهمة وحيوية لهذا الكيان في جدول القصف اليومي، مثل حيفا وعكا وصفد ونهاريا، الى جانب القصف المتتالي لمناطق شمالي وجنوب “تل ابيب” وكذلك جنوب طبريا.

ووفقا للمعلومات، فان المقاومة استطاعت مؤخرا، رغم القصف الجوي العنيف، من كسر الهجمات “الاسرائيلية” على محور بنت جبيل، بعد ان كانت دحرت قوات العدو على محور الخيام، وتمكنت ايضا من دحرها ايضا من بلدات حدودية، ملاصقة تماما للخط الازرق مثل عيتا الشعب ورب ثلاثين وغيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى