العدو “الإسرائيلي” يرمي كرة نزع سلاح حزب الله في مرمى الحكومة
قرار انتشار الجيش وتعزيزه جنوب الليطاني موجود... ولا صدام مع المقاومة
كتب كمال ذبيان في “الديار”:
رمى العدو “الاسرائيلي” كرة نزع سلاح حزب الله وتفكيكه مع بنيته العسكرية، في ملعب الحكومة اللبنانية، فهدد وزير دفاعه يسرائيل كاست الدولة في لبنان بان الحرب المقبلة ستكون عليها، لا على حزب الله فقط، وستكون مؤسساتها اهدافا عسكرية للجيش “الاسرائيلي”، اذا لم تقم السلطة اللبنانية بواجباتها وتطبيق اتفاق وقف اطلاق النار الذي وافقت عليها، وبدء العمل على انهاء الوجود العسكري لحزب الله ليس فقط في جنوب نهر الليطاني بل في كل لبنان.
والتهديد “الاسرائيلي” اعطى مهلة للحكومة في لبنان 60 يوماً ، التي سينسحب خلالها الاحتلال من المناطق التي توغل فيها عند الشريط الحدودي، ومنع سكان 72 قرية وبلدة من العودة اليها، بانتظار التأكد من ان الجيش اللبناني الذي بدأ ينتشر في جنوب الليطاني باشر بمهامه، في تدمير انفاق حزب الله ومواقعه العسكرية، كما الكشف عن مخازنه وتفريغها من السلاح، والا سيكون الجيش “الاسرائيلي” جاهزاً للقيام هو بذلك، بعد ابلاغ “اللجنة الخماسية” عن تلكؤ الجيش اللبناني بتطبيق الاتفاق، وهو ما سيفرض على العدو “الاسرائيلي” ان يقوم هو بالمهمة، تطبيقا للاتفاق الذي اعطاه حق الدفاع عن النفس، وان وجود سلاح حزب الله يهدد سكان المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، ويمنعهم من العودة اليها، مع بقاء تهديد حزب الله للكيان الصهيوني، والذي كان يخطط للدخول الى الجليل الاعلى المحتل، لولا حدوث عملية طوفان الاقصى في 7 تشرين الاول 2023.
وتكشف تقارير “اسرائيلية” ومواقف لمسؤولين “اسرائيليين” ومنهم رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، بان الاتفاق يوقف العمليات العسكرية وليس الحرب، وان “اسرائيل” مستعدة للعودة اليها، اذا لم يسلم حزب الله ما تبقى من سلاحه، الذي لم يصل اليه العدو “الاسرائيلي”، ويقدر بنسبة ما بين 20 او 30%، هو السلاح الباقي مع حزب الله.
والعدو “الاسرائيلي” يهمه او هدفه ان لا تبقى مقاومة في لبنان او فلسطين، وخاض حروباً مع انظمة عربية هزم فيها جيوشها، مما تركها تنكفىء عن الحرب نحو السلام معه، او اقامة هدنة ونشر قوات دولية، كما هو حاصل في الجولان السوري، وحصل في لبنان ما بين عامي 1949 و1968، الا ان انطلاق مقاومة فلسطينية من لبنان، الذي كان لها فيه حاضنة شعبية وطنية، بعد هزيمة الجيوش المصرية والسورية والاردنية في حرب حزيران 1967، وتعززت بعد حرب تشرين 1973 التي شارك فيها الجيشان المصري والسوري، ولم يمكنهما الدعم الاميركي للعدو من تحقيق انتصار كاد وشيكاً، فصعدت المقاومة الفلسطينية، لا سيما من لبنان، والتي انهت “اسرائيل” وجودها في غزوها له عام 1982، وتم ترحيل المقاتلين من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الى دول عربية، لكن ظهرت مقاومة وطنية ضد الاحتلال، وقامت الى جانبها المقاومة الاسلامية التي اسسها حزب الله، ونالت دعماً ايرانياً، وصل الى ان تحقق المقاومة عمليات نوعية، تركت الاحتلال ينسحب من لبنان في 25 ايار 2000.
فتجارب العدو مع لبنان وحروبه فيه ، والتي بدأت بعمليات قصف للمخيمات الفلسطينية والبلدات والقرى الجنوبية، والقيام باغتيالات، والتحريض على الوجود الفلسطيني المسلح، الذي رفضه فريق لبناني ممثلاً بحزبي “الكتائب” و”الاحرار” وقوى سياسية اخرى، الى اندلاع حرب اصلية، بين مؤيد للمقاومة الفلسطينية ورافض لوجودها، الذي قوي بسلاح كان يأتيه من الخارج عبر البر والبحر والجو، فحصل غزو لبنان من الجيش “الاسرائيلي” الذي انهى السلاح الفلسطيني في لبنان، لكنه لم يتمكن من ان يقيم نظاماً سياسياً يوقع معاهدة “سلام” معه، بعد نشوء مقاومة وطنية قامت بعمليات كمية ونوعية ضد الاحتلال ،الذي بدأ جيشه بانسحاب تدريجي من لبنان، الى ان اندحر منه عام 2000، وبات الوضع اصعب على العدو في خسارته للحرب على لبنان صيف 2006 دون ان يحقق اهدافه منها.
وفي الحرب السادسة التي قامت مؤخراً على لبنان، يبقى الشرط “الاسرائيلي” ازالة الوجود المسلح لحزب الله، والذي لم يتمكن منه بعد شهرين من الحرب المباشرة، وهو وافق على اتفاق وقف اطلاق النار، لتقوم الحكومة اللبنانية بهذا الدور، الذي لم تعمل به حكومات سابقة، وكادت ان تنزلق اليه حكومة رفيق الحريري بعد حرب “تصفية الحساب” التي قام بها العدو في تموز 1993، فسعت الحكومة الى ارسال الجيش الى الجنوب ومنع تواجد حزب الله المسلح فيه، فرفض قائد الجيش العماد اميل لحود هذه المهمة وقدم استقالته، الى ان علقت الحكومة العمل بقرارها، في نزع سلاح حزب الله، وفق ما تقول مصادر سياسية، التي ترى بان القرار 1559 الذي صدر في مطلع ايلول 2004، كان المطلوب تنفيذه في الحكومة اللبنانية برئاسة رفيق الحريري، لكن ذلك لم حصل، فاغتيل الحريري في 14 آب 2005، وانسحب الجيش السوري، وانقلبت المعادلة الداخلية لصالح فريق 14 آذار، الذي دعمت تحركه و”ثورته” اميركا عبر سفيرها جيفري فيلتمان، الذي كان عليها بعد توليها السلطة ان تنزع سلاح حزب الله تنفيذاً للقرار 1559، ولم يعد الجيش السوري موجوداً، لكن حكومة السنيورة تريثت، فكانت حرب تموز 2006، لتدمير سلاح حزب الله، لكن الجيش “الاسرائيلي” فشل في تحقيق هدفه، ونجح في تدمير البنية التحتية للدولة اللبنانية، كما لبلدات ومدن واحياء في الجنوب والضاحية الجنوبية.
وهدف العدو يبقى سلاح حزب الله الذي فشل في تدميره، وهذا ما سيقوم به الجيش اللبناني عبر اتفاق وقف اطلاق النار، المستند الى القرار 1701 كما يعلن العدو الاسرائيلي، فهل يقدم الجيش وقائده العماد جوزاف عون على هذه المهمة العسكرية؟ قائد الجيش وسواه من سياسيين ورسميين واحزاب يعرفون بان مثل هذا العمل لن يترك الجيش موحداً وفق تجارب سابقة تقول المصادر، لا سيما وان الجيش الذي اكد حزب الله دعمه له، ومستمر في التنسيق معه لم يتم تسليحه، وان اطرافا لبنانية تريده ان يحرس الحدود وقف اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949، والتي لا تعطي للجيش حق التسلح، وهذا ما شكل انقساماً سياسياً في لبنان، حول الجيش ودوره الوطني وعقيدته القتالية ونوعية سلاحه ومصدر تسليحه.
فالجيش اللبناني الذي ينفذ القرار السياسي، يعزز انتشاره جنوب الليطاني، ويمنع وجود مسلح غير شرعي، لكنه لن يطلب منه التفتيش عن السلاح، وفق ما كشفت معلومات لمصادر وزارية، بان الجيش وقائده ليسوا في وارد الصدام مع حزب الله، وان يكون “حرس حدود” للعدو “الاسرائيلي”، لان المسألة تحتاج الى قرار وطني سمي “الاستراتيجية الدفاعية”.