هذا ما أشار إليه دينيس بايلين، الباحث في معهد الآثار التابع لأكاديمية العلوم الروسية في القرم ورئيس بعثات الحفريات في شبه جزيرة كيرتش في حديث أدلى به لوكالة تاس الروسية.
وكان بايلين قد أبلغ الصحفيين في أغسطس 2024 عن اكتشاف لوح جنائزي في مقبرة (كيز-أول) بالقرب من مدينة كيرتش بشبه جزيرة القرم، حيث تم تصوير شخصيات بشكل تخطيطي يُعتقد أنها تمثل رقصة قتالية. وهذا الاكتشاف هو الأول من نوعه في المنطقة، ويُعتقد أنه يعود إلى العصور الوسطى المبكرة.
قال بايلين: “تم استخدام المقبرة من قبل شعب ما كمسكن مؤقت، حيث كان الناس يشعلون النار، وهو ما تدل عليه الجدران الملطخة بالدخان وبقايا الرماد والفحم. ويمكن الافتراض أن هذه الرسومات كانت ذات أهمية طقسية. وربما كانت الصور المرسومة على الجدار أمام النار تبدو وكأنها “ترقص” في وهج ألسنة اللهب والضوء والظل. وهو نوع من الرسوم المتحركة القديمة، إذا جاز التعبير. لكن هذا مجرد افتراض في الوقت الحالي”.
وأضاف أنه أثناء تنظيف جدران المقبرة الحجرية لفتت الانتباه صور لشخصيات بشرية في وضعيات راقصة. ومع استمرار التنظيف، تم الكشف عن سلسلة من الرسومات لشخصيات راقصة أخرى. وهذه الشخصيات تشكل مجموعات، وبعضها تتشابك بالأيدي، ربما في رقصة طقسية، بينما يظهر البعض الآخر في مشاهد لرقصات قتالية أو تمارين.
يعتقد العالم أن المقابر التي كانت تحتوي على دفنات مبكرة أعيد استخدامها من قبل شعب تركي غير معروف حتى الآن، وصل إلى القرم نهاية القرن السادس الميلادي. ولم يتم العثور على رسوم مماثلة في المقابر أو المساكن في مناطق أخرى. وهناك صور مشابهة، لكنها موجودة على تمائم برونزية تم العثور عليها في منطقة نهري الفولغا والدون.
يذكر أن مقبرة (كيز- أول) في منطقة لينينسكي بجمهورية القرم الروسية، حيث تجري الحفريات، أطلق عليها علماء الآثار اسم “المقبرة متعددة الطوابق”. وظهرت الدفنات الأولى فيها في العصور القديمة وتمثلت في مقابر ضخمة وقبور على شكل صناديق حجرية. وفي العصور الوسطى، بدأ دفن الموتى من قبل ممثلي حضارة (سالتوفو-ماياكي) الذين يرتبطون بسكان دولة الخزر.
يتميز الموقع بوجود عدد كبير من المقابر الحجرية الضخمة التي بنيت بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي. وتشير أحجام المقابر إلى ثراء ونبل المدفونين.