الضفة تعانق غزة وتوجع الاحتلال وتحبط محاولاته كسر المقاومة وتعمّق مأزقه
كتب حسن حردان في “البناء”:
اعتقدت حكومة العدو الصهيوني أنها قادرة على تحويل الأنظار عن استمرار فشلها في تحقيق أهداف حربها النازية في غزة، من خلال شنّ عدوان واسع في الضفة الغربية المحتلة، بهدف كسر المقاومة المتنامية التي أصبحت تقلق كيان الاحتلال، عبر محاولة القضاء على بنيتها التحتية وقياداتها وكوادر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وحواضنها الشعبية فيها، وفي مدن الضفة.. بما يمكن جيش الاحتلال من تحقيق جملة من الأهداف:
الهدف الأول، التعويض عن إخفاقه في غزة، حيث غرق في حرب استنزاف مكلفة، وبات في مأزق كبير يسعى يائساً إلى الخروج منه من دون أن يتمكن من ذلك..
الهدف الثاني، استعادة بعض من معنويات جيشه المنهارة، وردّ الاعتبار لقدرة ضباطه وجنوده على استعادة الردع المنهار على جبهتي غزة وجنوب لبنان.
الهدف الثالث، تحقيق بعض الإنجازات في مواجهة المقاومة، تمهّد الطريق أمام العصابات الصهيونية المتطرفة لتعزيز هجومها الاستيطاني عبر إحداث نقلة نوعية فيه من خلال تنفيذ خططها التي أعلن عنها وزير المستوطنين بن غفير في بناء كنيس يهودي في باحات المسجد الأقصى يكون موطئ قدم لبناء هيكل سليمان، الذي يزعمون انه كان قائماً هناك، على الرغم من انّ كلّ حفرياتهم على مدى العقود لم تثبت وجود أثر له تحت المسجد الأقصى..
الهدف الرابع، في حال نجح عدوانه في تحقيق الأهداف المذكورة، وكسر إرادة المقاومة وإضعاف الروح المعنوية للشعب الفلسطيني في الضفة، ومساندته لاشقائه ومقاومتهم في غزة، يعود جيش الاحتلال، مستنداً إلى ذلك، للقيام بتزخيم حربه الوحشية على قطاع غزة، في محاولة جديدة للنيل من المقاومة التي أذلته وألحقت به الخسائر الفادحة واحبطت أهدافه، وكسرت شوكته…
لكن هل نجحت حكومة العدو في تحقيق الأهداف المذكورة من عدوانها على الضفة؟
من خلال التوقف أمام مجريات العدوان الذي استمرّ أياماً عدة، يتضح انّ قوات الاحتلال مُنيت بفشل جديد أكدته النتائج التالية:
النتيجة الأولى، الفشل في ضرب بنية المقاومة، التي تصدّت لعدوانه، وألحقت به خسائر فادحة.. ولم يؤدّ استشهاد بعض قادة كتائب المقاومة إلى إضعاف إرادة المقاومة والروح المعنوية للمقاومين، بل ازدادت مقاومتهم تأجّجاً، وثأروا للشهداء منهم، وتوسّعت العمليات الفدائية، من شمال الضفة إلى جنوبها حيث شنّ المقاومون في الخليل هجمات قوية ونوعية ضدّ قوات حرس الحدود في جيش الاحتلال وشرطة العدو، أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوفها، في الوقت الذي كانت كمائن المقاومة في طولكرم وجنين تلحق الخسائر بقوات الاحتلال والياتهم.. فتحوّل المشهد، وظهر للعدو انّ المقاومة أكثر قدرة وقوة وتنظيماً وجاهزية وترابطاً مما يعتقد، وانّ الاستمرار في عدوانه يعني غرقه أكثر فأكثر في مستنقع استنزاف جديد، سيدفعه إلى حشد المزيد من قواته، فيما جيشه غارق في غزة وشمال فلسطين المحتلة في حرب استنزاف عالية الوتيرة.. فعلق مجدّداً في مأزق جديد من الفشل، وتبيّن ان لا خيار أمامه سوى التراجع عن الإيغال في عدوانه واجتياحه لمدن ومخيمات الضفة.
النتيجة الثانية، تجسّدت في انتقام قوات الاحتلال من الشعب الفلسطيني عبر جرف وتدمير البنية التحتية لمدينة جنين ومخيمها ومدينة طولكرم ومخيمها، لتحويل حياة المواطنين إلى جحيم لا يُطاق، والضغط عليهم للتخلي عن احتضان وتأييد المقاومين.. وهو طبعاً سيفشل فيه، لأنّ المقاومين هم أبناؤهم، ويعبّرون عن تطلعاتهم وآمالهم في التخلص من الاحتلال.
النتيجة الثالثة، الفشل في الفصل بين مقاومة الضفة ومقاومة غزة، بل انّ العدوان أثبت عناق الضفة لغزة والترابط القوي بين المقاومين ومصيرهم الواحد، وإرادتهم الحازمة وجرأتهم وبأسهم واستعدادهم لتقديم التضحيات الكبيرة في سبيل الدفاع عن حقوقهم الوطنية في تحرير أرضهم واستعادة حقوقهم السليبة من الاحتلال، وإحباط مخططات العدو لتكرار النكبة الفلسطينية التي حدثت عام 1948… حيث برهن المقاومون في الضفة كما في غزة، إنّ زمن النكبة قد ولى، وانهم لن يهجروا أرضهم، وانّ المقاومة المسلحة والشعبية هي السبيل لترسيخ ثباتهم وصمودهم في أرضهم وتحريرها من دنس المحتلين الصهاينة الذين قدموا إلى فلسطين بدعم من الاستعمار البريطاني والفرنسي، وبنوا مستعمراتهم وعززوا قوتهم الإرهابية بدعم من الدولة الاستعمارية الأقوى في العالم هي الولايات المتحدة الأميركية التي تشترك هذه الأيام في الحرب الصهيونية النازية على قطاع غزة، وتقف صامتة لا تحرك ساكناً لوقف العدوان في الضفة الغربية المحتلة، وتحول دون أيّ إجراءات دولية ضدّ كيان العدو الذي ينتهك القوانين والقرارات الدولية ويضرب بها عرض الحائط.