الصور الدعائية… إسرائيل تفشل
زاهر أبو حمدة
قال مستشار الأمن القومي الاسرائيلي تساحي هنغبي: “لا صور لغزيين عراة من اليوم فصاعداً، هذه الصور لا تخدم أحداً”. هذا يؤكد أن تصوير المدنيين عراة بعد اعتقالهم بذريعة أنهم أعضاء في “حماس” يندرج تحت الدعاية الكاذبة، وانعكست سلباً على الاحتلال. فغالبية الأسرى العراة هي موظفون في وكالة “الأونروا” وصحافيون وأكاديميون وعمال. لكن لماذا ينشر الاحتلال صوراً كهذه؟
ينشر الاحتلال صور الناس العزل ليحذف من ذاكرتنا الجماعية وذاكرة مستوطنيه صور “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول الماضي. ليس صدفة أن يوزع صور الأسرى العراة بعد شهرين وتحديداً في 7 كانون الأول. هكذا هي المعادلة: المقاومة تنتزع الجنود من داخل الميركافا والاحتلال يأسر المدنيين من مراكز النازحين. أما المسألة الأخرى لتوزيع المشاهد، فهي لترهيب الشعب الفلسطيني والمتضامنين معه. فأي انسان يراها سيشعر بالانكسار أو الغضب، وإذا لم يجد مجالاً لتفريغ غضبه فسيتحول عكسياً إلى إحباط. والأهم أنه يوصل رسائل إلى الجبهات الأخرى لا سيما الضفة الغربية: أنظروا ماذا يحصل في جباليا وبيت لاهيا وخان يونس وكل أحياء غزة، هذا سيحدث في رام الله والخليل وبيت لحم وكل مدن الضفة وأحيائها. وهنا هو يحتاج الى الردع بالصورة، لذلك يصور مشاهد تفجير قصر العدل في غزة أو نسف الجامعات والمساجد والمدارس فيها، أو بيت فدائي في الضفة ومن ثم ينشرها على نطاق واسع.
باختصار كي يردع في مكان آخر، هو يحاكي اللاوعي عبر الواقع. يعني أن قصر العدل في أي محافظة في الضفة سيدمر، وأي شخص يفكر في تنفيذ عملية سيلاقي أهله المصير نفسه. إنها معركة الصورة وهي أخطر أداة في الحرب النفسية. في المقابل، يرد الاحتلال بصور القتل والتفجير والأسرى العراة على فيديوهات المقاومة حيث فيها الكثير من الألم لجنوده ومستوطنيه، ويريد رفع المعنويات عندهم. ولذلك عمد الى تقليد فيديوهات المقاومة عبر معارك وهمية مصورة مع حيطان أو تقدم في أماكن غير معروفة وفارغة، أو عقد اجتماع لرئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي ورئيس “الشاباك” رونين بار، في مكان يقول إنه داخل خان يونس.
لكن يبدو أن الاحتلال توصل إلى فكرة أن المشاهد هذه تضر بصورته أمام العالم، لا بل ان أكاذيبه حول استسلام عناصر المقاومة ارتدت عليه سلباً بعد التعرف على أسماء بعض الأسرى من خلال المشاهد. وبعد نشر الصور، وبدء تناول وسائل الاعلام العالمية الموضوع، رد المسؤولون الاسرائيليون رسمياً. وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال للاعلام الدولي، يوناتان كونريكوس، لشبكة “سي إن إن”: “الرجال الموجودون في الصورة هم أعضاء في حماس أو يشتبه في أنهم أعضاء في المنظمة الارهابية. كانوا من دون ملابس للتأكد من أنهم لا يحملون متفجرات”. وفي وقت لاحق، قال عضو في جهاز الاعلام التابع للحكومة الاسرائيلية، إيلون ليفي، لصحيفة “الغارديان” وشبكة “سي إن إن”: “نحن نتحدث عن رجال في سن الخدمة العسكرية، تم اكتشافهم في مناطق هي معاقل لحماس، تلك المناطق التي كان من المفترض أن يخليها المواطنون قبل أسابيع”. ومع كل التبريرات للصور غير الأخلاقية وغير القانونية، تبقى أهداف المعركة الدعائية الاسرائيلية أكبر بكثير من انعكاساتها، فالأمر ليس البحث عن صورة نصر وحسب، إنما هي تمارس بث الرعب عبر الارهاب النفسي الموجه نحو الطبقات المجتمعية. فأن يُهين الاحتلال “عورات” الرجال أمام أبنائهم ونسائهم يعني أن تكسر كرامتهم في مجتمع محافظ. والسؤال الأخطر: إذا فعلت هذا بالرجال فماذا فعلت بالنساء أو الأطفال؟ ولا تغيب حادثة الخليل قبل “طوفان الأقصى” بأيام قليلة بحيث أجبرت 4 نساء على خلع ملابسهن. هنا يبدو وكأنه تلميح أو تصريح بممارسة جنود الاحتلال للاغتصاب، وهذا يبرز في صور جيش الاحتلال للعبث بملابس نسائية داخل البيوت. هذا كله لترميم صورة الهزيمة في هجوم 7 تشرين الأول، لكن هذا يحصل بالاستقواء على المدنيين العزل