الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

الصدمات الكهربائيّة لا الصدمات المُخمليّة

الصدمات الكهربائيّة لا الصدمات المُخمليّة

كتب نبيه برجي في “الديار”:

لا نتصور أن ثمة عملية اصلاحية في العالم جرت بالصدمات المخملية، دون الصدمات الكهربائية. أحياناً بقطع الرؤوس أو بتعليق الرؤوس. جاءنا الأمير فيصل بن فرحان بالدعوة الى الاصلاح لفتح باب بيت المال. في اليوم نفسه، كان الأمير محمد بن سلمان يستبق ضربات دونالد ترامب على الظهر، وربما على الرأس، بابلاغه أنه في صدد الاستثمار بمبلغ 600 مليار دولار في بلاده. تصوروا ما كان رد الرئيس الأميركي “مستعد لزيارة السعودية اذا ضخت استثمارات في الولايات المتحدة. منطق الأمبراطور أم منطق الغانغستر ؟

كلبنانيين، لا نريد أكثر من الفتات لنقف على أقدامنا (فوق ذلك الخراب العظيم)، بعدما حوّلنا أولياء أمرنا الى فتات بشري ضائع بين أرصفة المرافئ وأرصفة الأمم. من عجزوا عن وضع استراتيجية للنفايات اعتمدوا استراتيجية التسول، ليذهبوا بنا، داخلياً، الى الانكليزي توماس هوبز “الجميع ذئاب الجميع”.

لا نعتقد أن وزير الخارجية السعودي عرض أمام رئيس الجمهورية جوزف عون، ولا أمام رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، لتجربة بلاده في الاصلاح. بطبيعة الحال الفارق شاسع بين الاصلاح في دولة تطفو فوق أوقيانوس من الذهب، ودولة قد تضطر الى تسييل احتياطيها من الذهب من أجل تأمين الطحين لرعاياها. ولي العهد السعودي علق نجوم الفساد من أقدامهم في فندق الريتز الفاخر. عندنا صلاحيات ملتبسة، لا صلاحيات أتاتوركية، بيد رئيس الدولة ليدق بحذائه أبواب القصور. لوردات الفساد باقون على كراسيهم. باقون على أكتافنا.

لا شك أننا أمام سنوات طويلة وشاقة. الساسة يستطيعون، كما الثعابين، تغيير جلدهم، كيف لهم بتغيير رؤوسهم. خائفون من الاصلاح الذي اذ يقفل باب المغارة لا بد أن يفضح تبعيتهم المالية والسياسية للخارج، والا كيف لتلك الأحزاب أن تبقى، وأن تهلل “بالروح… بالدم” ؟ على الثنائي عون ـ سلام أن يقطع جبال البيرينه سيرأ على الأقدام.

لا اصلاح الا بالعصا. الآن يحكى عن العصا الدولية والعربية. اما الاصلاح أو الزنزانة. لدى وزارة الخزانة الأميركية معلومات هائلة حول مآثرهم في ادارة الدولة باتجاه الخراب. نتمنى أن يعود لبنان واحة العرب، ومنارة العرب. جمهورية على عكاز خشبي. لا مشكلة من أين يأتي المال، وكيف. صندوق النقد الدولي عائد ليدعو الهياكل العظمية، لا كبار القوم، الى شد الأحزمة، ولكي يبعث باصحاب الودائع الى المقبرة. هكذا خطة الخبراء الأجلاء. مطاردة الحفاة وعدم المس بأصحاب الأقدام الذهبية…

لا كلام عن لعبة الأمم. مايلز كوبلاند مات ولحق به كتابه “لعبةالأمم”. لا لعبة الآن سوى اللعبة الأميركية، ولا لاعب الآن سوى اللاعب الأميركي. المأثرة الوحيدة للرجل أنه لا يريد الحروب ما دامت القفازات الحديدية هي البديل. أجل مأثرة، وقد عشنا آلام الحرب، وآمرارات الحرب، في ظل اختلال مروع في موازين القوى (أين نحن من أميركا وأميركا ؟). بنيامين نتنياهو ارتدى وجه هولاكو وراح ينفذ وصايا التوراة واحدة تلو الأخرى. لا معلومات لدينا تقول ان الله أمر بتحويل لبنان، أو غزة، والآن الضفة، الى جحيم…

ها أن حكومة نتنياهو تبقي على انتشارها في بعض المناطق الجنوبية في انتهاك صارخ لاتفاق وقف النار. نقطة الخطر هنا أن الهدف لا يقتصر على احتلال أجزاء من الجنوب، اسرائيل تريد أن تكون لاعباً اساسياً على الساحة اللبنانية، كما هي الآن لاعب أساسي على الساحة السورية. مثلما تريد تفكيك سورية، تريد ابقاء لبنان على صفيح ساخن…

لا حرب، لكن الخوف، ونحن وسورية في هذه الحال، ما دون الدولة هناك وعلى خطوات من الدولة هنا، أن يكون البديل عن الحرب جرّنا الى الهيكل. هذه مسالة دونها عقبات كثيرة. ثمة نقطة ضوء الآن كي لا تدخل المنطقة في نفق آخر، وبعدما أكدت تقارير استخباراتية أوروبية أن نتنياهو يريد دفع الحرب ضد ايران الى اللحظة النووية. ترامب قال، وبعد سنوات من قرع الطبول، “سيكون من الجيد حل المشاكل مع ايران دون ضرب اسرائيل لمنشآتها العسكرية”، آملاً في “جلوس طهران على طاولة المفاوضات في شأن برنامجها النووي”.

القناة 12 الاسرائيلية قالت ان المسؤولين الأميركيين أبلغوا نظراءهم الاسرائيليين بأن ترامب لا يريد بدء ولايته بحرب جديدة في الشرق الأوسط، كما طلبوا منهم زيادة الضغط على ايران، والتريث في النحرك العسكري. أساساً ايران التي أكدت، أكثر من مرة، أنها لا تزمع صناعة القنبلة قامت برفع نسبة تخصيب اليورانيوم الى 60 % لا ستخدام ذلك كورقة تكتيكية على طاولة المفاوضات قبل أن يتبين أن الاختلال فيي موازين القوى اكثر خطورة من أن يتأثر بأي محاولة تكتيكية.

اذ يحكى الكثير عن الانكفاء الجيوسياسي الايراني في المنطقة، ثمة جهات أوروبية تنصح آيات الله بالتعامل بمنتهى البراغماتية مع ادارة ترامب، والى حد الاقتراب من هذه الادارة لأن ذلك يساعدها على استعادة بعض من دورها الاقليمي.

“لوباريزيان” الفرنسية التي توغلت كثيراً في شخصية دونالد ترامب “كما لو أنه الدخول في الأدغال”، تحدثت عن “رقصة الفالس الطويلة والشاقة” مع الرئيس الأميركي !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى