السيد نصر الله: محور المقاومة ذاهب إلى انتصار تاريخي وكبير في هذه المعركة
سماحته أشار إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية في موقفها ومواقفها كانت ولا تزال سندًا حقيقيًا لكل من يقاتل هذا الاحتلال ويقاوم في فلسطين ولبنان والمنطقة، وأنها قلعة راسخة صلبة لا يمكن أن تخذل وتبيع وأن تتخلى عن إيمانها ودينها وأصدقائها والمظلومين.
وفي كلمة له خلال الاحتفال المركزي الذي أقامه حزب الله، الجمعة 5/4/2024، بمناسبة يوم القدس العالمي في مجمع سيد الشهداء بالضاحية الجنوبية لبيروت، شكر الحضور الكريم في هذا اليوم “الذي نعبّر فيه عن التزامنا وموقفنا ومقاومتنا”، مضيفًا “يجب أن نتوقف عند شهداء الأيام الأخيرة في العدوان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق ومن بينهم شهداء قادة كبار لهم قيمة تاريخية في مسيرتنا”، متقدمًا “بمناسبة استشهاد هؤلاء الأعزاء بأسمى آيات التبريك والعزاء لسماحة الإمام الخامنئي والمسؤولين الكرام في إيران وبالخصوص قيادة الحرس الثوري وقوة القدس ولعائلاتهم الشريفة”.
وأعلن سماحته أن حزب الله سيقيم يوم الاثنين المقبل في الساعة الرابعة احتفالًا تكريميًا للشهداء في العدوان على القنصلية الإيرانية في دمشق، معتبرًا أن حادثة الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق هي مفصل لها ما قبلها وما بعدها.
السيد نصر الله لفت إلى أن “الإمام الخميني قبل انتصار الثورة ومنذ تصديه للمرجعية وبدء الثورة كان موقفه من “إسرائيل” ومن أميركا واضحًا”، منوّهًا إلى أن “الإجازة التي أعطاها المراجع بصرف جزء من الحقوق الشرعية للمقاومة الفلسطينية يؤكد العمق الديني والأخلاقي لموقفهم”.
إيران راسخة بمواقفها والصداقة معها عنوان الكرامة الإنسانية والشرف
وأشار سماحته إلى أن “أحد الأسباب الكبرى في شن الحروب على إيران والعداء لها هو موقف الجمهورية الإسلامية تجاه “إسرائيل” والقدس والمقاومة الفلسطينية”، وأن “إيران قدّمت في سبيل هذا الموقف تضحيات جسام”، مؤكدًا أن إيران حتّى الآن ترفض أي لقاء مباشر وتفاوض مباشر مع الأميركيين، وأضاف “الأميركيون يعبّرون دائمًا عن استعدادهم للتفاوض المباشر مع الإيرانيين لكنْ الإيرانيون لا يُخدَعون”.
كما أشار إلى أن “كلّ ما يقال حول ما يجري في غزّة وفلسطين والعراق واليمن والانتخابات الرئاسية في لبنان، من أنه رهن بالمفاوضات الأميركية الإيرانية إنما هو كلام غير صحيح”، وقال “إيران لا تفاوض على الملفات الإقليمية مع الأميركيين”، وتابع “إيران تقدّم خيرة قادتها شهداء وطهران موقفها حاسم وتعمّده بدماء شهدائها”.
ولفت سماحته إلى أن هناك من هو غير قادر على تقبّل أنّ “إسرائيل” تُهزم في المنطقة وهو غير قادر على استيعاب ذلك، مضيفًا “نسمع عن سخافة أن كلّ ما يجري في المنطقة هو مسرحية أميركية إيرانية وتوزيع أدوار”، مردفًا “هؤلاء لا يمكنهم أن يصدقوا أيّ شيء عن انتصارات المقاومة في المنطقة فهؤلاء متوهمون بل الواقع أن الانسحاب من جنوب لبنان والانسحاب من قطاع غزّة هو هزيمة لـ “إسرائيل”.
الأمين العام لحزب الله شدد على أن “إيران في موقفها ومواقفها كانت ولا تزال سندًا حقيقيًا لكل من يقاتل هذا الاحتلال ويقاوم في فلسطين ولبنان والمنطقة، وبدعمها غيّرت الكثير من المعادلات وأسقطت الكثير من مشاريع الهيمنة، والموقف الصلب الشامخ الذي عبّر عنه الشعب الإيراني وفي خروجه اليوم في أكثر من ألفي بلدة يعبّر عن التزامه بهذا الموقف”.
ولفت سماحته إلى أن “إيران لو كانت تريد أن تبدّل في موقفها لكانت فعلت ذلك منذ عشرات السنوات”، مضيفًا “لكل المقاومين الذين يسندون ظهرهم إلى إيران يجب أن يكونوا مطمئنين لأن إيران لا تتخلى عن المظلومين والأصدقاء”، وتابع “بالنسبة إلى كل مقاوم شريف فإن الصداقة مع إيران هي عنوان الكرامة الإنسانية والشرف ومن يجب أن يخجل هو من يطبّع.. اخجلوا من الصداقة مع الولايات المتحدة المسؤولة عن الجرائم والحروب في المنطقة”.
كما أكد أن “إيران هذه القلعة الراسخة الصلبة لا يمكن أن تخذل وتبيع وأن تتخلى عن إيمانها ودينها وأصدقائها والمظلومين، وعلينا شكر الداعم والمساند، ومن أبسط المبادئ الأخلاقية الوفاء”.
مفصل طوفان الأقصى تاريخي في منطقتنا
السيد نصر الله قال إنه “لا شكّ أن طوفان الأقصى هو مفصل تاريخي في منطقتنا”، مضيفًا “سمعنا الكثير من المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون أنه منذ العام 1948 لم يروا مثل هذا الحدث، ولذلك نحن أمام حدث جعل بقاء “إسرائيل” في دائرة الخطر وكشف هشاشتها وضعفها لولا أن تداركها الشيطان الأكبر”.
ولفت إلى أن الحرب التي بدأت على غزة هي حرب من فقد عقله، ومن أسباب الفشل في الحرب على غزة هي أن “إسرائيل” لا تقود الحرب بعقل، وأن طريقة مواصلة الإسرائيليين القتال تدلّ على أنهم فقدوا عقولهم، وقال “بعد 6 أشهر من الحرب ما زال نتنياهو وغالانت وآخرون في الكيان فاقدين لعقولهم”.
وبيَّن سماحته أن ما يمارسه العدو من قتل وتجويع في غزة هو من أجل الضغط والترهيب لأنه لا أفق أمامه لا بالميدان ولا في المفاوضات، وأنه بعد 6 أشهر ما زال نتنياهو عاجزًا عن القضاء على حركة حماس والمقاومة في غزة وعن استرجاع الأسرى.
وتساءل سماحته “ما صورة غزة واليوم التالي بعد انتهاء الحرب؟”، مشيرًا إلى أن الإسرائيليين لا أفق لديهم في ذلك وهم ضائعون، ولا أفق لدى نتنياهو في حل مشاكله الداخلية وخسارة الوضع الدولي هي من نتائج طوفان الأقصى.
ولفت السيد نصر الله إلى أنه في آخر المطاف يجب أن يتوقف نتنياهو، وهو سيعجز عن تحقيق الأهداف، وأنه “بدلًا من نزوله عن الشجرة فإن نتنياهو يتحدث عن النصر المطلق ويسخرون منه”، مشيرًا إلى أن استطلاعات الرأي في مستعمرات الشمال تقول إن 80% لا يريدون العودة، وهذا سيوجّه ضربة كبيرة لفكرة الاستيطان.
كما لفت إلى أنها المرة الأولى في تاريخ الكيان منذ العام 1948 التي يشعر فيها الإسرائيلي بخسارته للوضع الدولي، كما أن العجز عن إغلاق الجبهات الأخرى ومنها لبنان واليمن والعراق هو إنجاز محقّق، مؤكدًا أن “الاحتلال لديه مشاكل في الشمال والاقتصاد وفي “إيلات” وعندما تقف الحرب عندها ستكون المحاسبة”.
سماحته أشار إلى أن كثيرًا من الدول بدأت النقاش حول وقف بيع السلاح لـ”إسرائيل”، وأن الرئيس الأميركي جو بايدن دعا نتنياهو إلى وقف الحرب فورًا لأنه يخسر الموقف الدولي، لافتًا إلى أن “الأميركي محرج بتغطية حليفه “إسرائيل” خاصة بعد مرور ستة أشهر على الحرب على غزّة وعدم تحقيق أي هدف من الأهداف، وفي النهاية الأميركي لديه انتخابات”.
السيد نصر الله اعتبر أن “التهديد بالحرب الشاملة على لبنان لم يؤدِ إلى وقف الجبهة والضغوطات كلها لم تغيّر من موقفنا فالجبهة في لبنان مستمرة ومرتبطة بغزّة، والإخوة في اليمن استطاعوا منع الكثير من السفن من المرور، وكلّ التهويل الأميركي والبريطاني والمجتمع الدولي لم يتمكّن من توقيف هذه الجبهة وكلّ الجبهات الأخرى”.
وتابع سماحته “عندما تقف الحرب سيكون الكيان أمام الاستحقاقات الكبرى من بينها محاكمات واتهامات واستقالات، وفي المعطيات كلّها نرى بوضوح ما كان يقول عنه القائد الإمام الخامنئي منذ الأيام الأولى إن “اسرائيل” ستهزم وغزّة ستنتصر”.
وأضاف “عندما تتوقف الحرب هذا بحد ذاته انتصار للمقاومة وهزيمة لـ”إسرائيل”، ونحن نقاتل في الجبهات برؤية نصر واضحة وبيّنة مع وجود تضحيات وآلام”.
الاعتداء الصهيوني على القنصلية الإيرانية في سورية.. والرد الإيراني الحتمي
السيد نصر الله أضاف “نحن نقاتل برؤية نصرٍ رغم التضحيات”، لافتًا إلى أن “المهم أن نواصل ونصمد ونتابع في كلّ الجبهات بأمل واضح وكبير بأن نتيجة المعركة هي النصر، ومن يخمّن أن المعركة فيها هزيمة عليه إعادة حساباته”، وتابع “محور المقاومة في هذه المعركة سينتصر انتصارًا كبيرًا”.
وتطرّق سماحته إلى موضوع الاعتداء الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق، معتبرًا أن هذا مفصل منذ السابع من أكتوبر، وقال “كونوا متأكدين أنّ الرد الإيراني بشأن موضوع القنصلية الإيرانية آتٍ لا محالة”.
وتابع “جزء من المعركة مسألة استنزاف العدو بالنسبة إلى تحديد توقيت ومكان وشكل الرد، وأن الإسرائيلي متأهّب وخائف من الرد الإيراني وهذا جزء من المعركة باستنزاف العدوّ معنويًا وماديًا”.
وأضاف “الردّ محسوم وإيران كلّها على قلب رجل واحد”، منبهًا إلى أن “الكل يجب أن يحضّر نفسه وأن يرتّب أموره وأن يحتاط كيف يمكن أن تذهب الأمور وأن نكون جاهزين لكل احتمال”، وتابع “هذه الحماقة التي ارتكبها نتنياهو باستهداف القنصلية في دمشق ستفتح بابًا كبيرًا لحسم هذه المعركة”.
المقاومة في لبنان على أتم الجاهزية لأيّ حرب والسلاح الأساسي لم نستخدمه بعد
وفي لبنان، أكد الأمين العام لحزب الله أن المقاومين “على الحدود والجبهة الأمامية جاهزون لأي رد فعل، ونحن نحتاج فقط لاتّصال عند أي ردّ فعل”، وأضاف “إذا اتّخذ القرار بإطلاق 100 صاروخ على الجولان بدقائق معدودة ينفذ الشباب العمليّة”.
ولفت سماحته إلى أن “إنجازات هذه المعركة التي تشكّل جبهة جنوب لبنان جزءًا منها سيعود نفعها على كلّ لبنان، وإنجازات النصر أمنيًا وبريًّا وبحريًا وسياديًا ستعود بركاته على كلّ لبنان وعلى كلّ الشعب اللبناني”، مجددًا موقفه “عندما تتوقف في غزّة تتوقف عندنا”.
وتابع “أقول للإخوان لا تسألوا عن كل من يحكي من التافهين، من واجبنا أن نقول للعدو والصديق ولهؤلاء التافهين: هذه المقاومة في لبنان لا تخشى حربًا ولا تخاف من الحرب”.
وأشار السيد نصر الله إلى أن “المقاومة أدارت معركتها خلال الأشهر الستة حتى الآن ضمن رؤية وإستراتيجية، ولكنها على أتم الاستعداد والجهوزية لأيّ حرب يطلقها العدو”، مشيرًا إلى أن هذه الحرب هرب منها الإسرائيلي منذ اليوم الأول لأن قيادة العدو الإسرائيلي تعرف ماذا يعني الذهاب إلى حرب مع لبنان”.
وأكد أن “المقاومة في لبنان لا تخشى حربًا وهي على أتم الجاهزية لأيّ حرب والسلاح الأساسي لم نستخدمه بعد، والمقاومة قوية ولبنان قوي بالمعادلة الذهبية والتضامن القوي في بيئة المقاومة”، مؤكدًا “إذا أرادوا الحرب نقول لهم يا هلا ويا مرحب.. والعدو يعرف ما الذي تعنيه الحرب مع لبنان”.