كتبت مريم نسر في “الديار”:
من بداية الحرب لا تتوقف التهديدات الإسرائيلية للبنان بالحرب المفتوحة، ومن بداية الحرب لا تتوقف الزيارات الأميركية للبنان عن استخدام هذا التهديد للضغط على المقاومة لتحقيق الأهداف الإسرائيلية بالطريقة الأميركية رغم الخسارة الميدانية للصهاينة في كل جبهات القتال من غزة الى جنوب لبنان الى كل جبهات المحور.
من بداية الضغط الأميركي – الإسرائيلي وردْ المقاومة في لبنان واحد إن كان في الميدان أو عبر القنوات الرسمية وهو وقف العدوان على غزة أولاً باعتبار جبهة الجنوب مساندة لها وصولاً الى الجواب الثابت والمباشر الذي جاء هذه المرة من أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير وعلى وقع الزيارة الأخيرة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت، عندما قال إن مَن يريد أن يقوم بجهد ووساطة يقوم بها في جبهة غزة ومن أجل إيقاف الحرب هناك وليس في لبنان الذي سيستمر في تضامنه وإسناده للقطاع طالما العدوان مستمر.
غادر الموفد الأميركي لبنان في زيارته ما قبل الأخيرة حاملاً الجواب الرسمي اللبناني حد القناعة والتسليم بربط الجبهات إلا أنه عاد ليستغل الفرصة الحالية بحصول متغيّر جديد في غزة لناحية أن العمليات هناك باتت في نهاياتها بعد أن بقيت فرقة صهيونية واحدة وفق المراحل التي أعلن عنها العدو في رفح، لذا يحاول الأميركي استغلال اللحظة ليضاعِف الضغط على المقاومة في لبنان والقول إن دورها سيأتي بعد غزة من باب محاولات التأثير في الداخل اللبناني والموقف الرسمي الذي بقيَ ثابتاً.
يحاول الأميركي تحقيق مكاسب على وقع النار الذي يوفِّر له فرصة للضغط على لبنان لا يمكن أن يحصل عليها عندما تنتهي الحرب، إلا أنه فشل مجدداً، لأن مع المقاومة في لبنان كما خبرت التجربة والأيام الحالية لا تنفع ضغوطات ولا تهديدات فهي تواجِه بتصعيد وتهديد أكبر تماماً كما فعل السيد نصرالله بخطابه الأخير والذي وصفه الإسرائيلي بأنه التهديد الأقوى والأهم من بداية الحرب.
يعلم العدو أن باستمراره في الحرب سيصل الى مرحلة العمليات المحدودة في غزة واللافت أن تركيزه تحوّل الى جبهة الشمال بحيث إن السؤال الأبرز الذي بات مطروحاً في الكيان هو كيف سيتعامل حزب الله مع هذه المرحلة وكيف سيكون مستوى الجبهة هناك، خاصة بعد ما شاهده من هدهد المقاومة من دقة وتفاصيل كان يعرفها سابقاً إلا أنه اليوم رآها بعينه وعرِف مدى قدرة حزب الله على إيذاء “إسرائيل”، ما أقلق المسؤولين الصهاينة، وأحبط الرأي العام داخل الكيان بخاصة بعد رؤيته مشهد الجنوب وأهله خلال عيد الأضحى وقدرة تحكّم المقاومة في الجبهة على عكس ما حصل في عيدهم.
بعد تسعة أشهر من الحرب لم يعد المستوطنون الصهاينة يُصدِّقون تهديدات مسؤوليهم ما دامت غير مُثبَتة بأفعال، الى هذه الدرجة وصلت العلاقة التي باتت مبنية على عدم الثقة بينهما حتى انسحب ذلك الى العلاقة بين المسؤولين أنفسهم داخل الحكومة كما بين الموالاة والمعارضة وصولاً الى القلق من تفاقم الاحتجاجات، بالإضافة الى أزمة تجنيد المتدينين، بحيث تتراكم الأزمات داخل الكيان الى درجة التهديد بالانفجار الداخلي الذي يبدو أنه لن ينتظر الى ما بعد الحرب…