السعودية والشيخ “عبد الله” وعصر “أنهار النفط” الجوفية!

بدأت رحلة النفط في المملكة العربية السعودية باكتشافه في مارس من عام 1938 لأول مرة بكميات تجارية في بئر الدمام رقم 7 وفي العام التالي بدأ التصدير.

حضر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود عملية تحميل الدفعة الأولى من النفط الخام. كانت ناقلة النفط “د. جي. سكوفيلد ” راسية في ميناء رأس تنورة على مياه الخليج، فيما وصل الملك السعودي المؤسس قادما من الرياض إلى منطقة حصلت لتوها على اسم جديد هو الظهران في موكب ضخم ضم 400 سيارة.

في الأول من مايو عام 1939 ، أدار الملك عبد العزيز آل سعود صمام النفط فتدفق لتعبئة أول ناقلة للنفط السعودي، وبذلك دخلت المملكة عصر “الذهب الأسود”، وأصبحت بين مقدمة الدول صاحبة أكبر الاحتياطات النفطية، وقدرات الإنتاج.

 قصة اكتشاف النفط في السعودية:

كانت السعودية عند تأسيسها دولة فقيرة، وكانت تعاني بشكل خاص من نقص حاد في المياه، وكان السعي للبحث عن مياه جوفية، الطريق الذي أوصلها إلى النفط في أعماق صحاريها.    

كان الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود تربطه علاقة صداقة بالبريطاني هاري سانت جون بريدجر فيلبي وكان يعرف حينها باسم “الشيخ عبد الله”.  

الشيخ عبد الله وُلد في سيلان، سيريلانكا الحالية، وتخرج من كلية ترينيتي، كامبريدج، وبدأ حياته المهنية في الخدمة العامة في الهند.

خلال الحرب العالمية الأولى، عمل في البعثة السياسية البريطانية في بغداد والبصرة، فيما التقى عبد العزيز آل سعود بفيلبي لأول مرة عام 1917 أثناء سفارته إلى الرياض.

في عام 1925 ترك فيلبي الخدمة المدنية لعدم رضاه عن السياسة البريطانية في الشرق الأوسط، وعاد إلى المملكة العربية السعودية، حيث أسس شركة تجارية في جدة، وجدد صداقته مع آل سعود، واصبح بعد فترة من الوقت مستشارا غير رسمي للملك.

فيلبي أو “الشيخ عبد الله” هو من بدأ في التفكير في حل مشكلة المياه والبحث عن أنهارها الجوفية في الصحراء.

كان مهتما مع أحد معارفه وهو الأمريكي تشارلز كرين بهذه المسألة. كرين الثري كان صاحب شركة تقوم بجميع أعمال السباكة. علاوة على اهتمامه الكبير بالتاريخ والعلاقات الدولية، كان شغف هذا الأمريكي الرئيس من نصيب دراسات اللغة العربية، وهذا الأمر جمع بين كراني وفيلبي، التقيا وتبادلا المخطوطات القديمة والأحاديث حولها.

حين علم كرين بخطط فيلبي بشأن البحث عن الأنهار الجوفية في المنطقة، تحمس على الفور وقام برحلة استكشافية إلى اليمن المجاور للبحث عن المياه مع فريق يتقدمه كارل تويتشل، أحد المتخصصين في التنقيب والحفر.

 في 25 فبراير 1931 وصل كرين إلى جدة في المملكة العربية السعودية. استقبله الملك عبد العزيز آل سعود بمأدبة سخية وتكريم خاص. وأهداه العديد من قطع السجاد والخناجر والسيوف واثنين من الخيول العربية الأصيلة.

تحدثا عن الصحراء المترامية الحارقة وعن احتمال وجود أنهار جوفية تحت أديم نجد. بعد ذلك، تم نقل بعثة تويتشل إلى الجزيرة العربية.  

عقب القيام برحلة شاقة قطع خلالها مسافة تزيد عن 2414 كيلو مترا للتحقق من وجود آثار للمياه الارتوازية في الصحراء العربية، ظهر تويتشل في جدة في أبريل 1931 حاملا أخبارا غير سارة عن نتائج التنقيب عن المياه، لكنه أفاد في الوقت نفسه بأن تجارب الحفر أكدت وجود نفط في المناطق الشرقية من شبه الجزيرة العربية.

سعى الملك عبد العزيز آل سعود بمعاونة فيلبي إلى البحث عن مستثمرين أجانب، ووقع الاختيار على الأمريكيين، وبدأت عملية التنافس للحصول على امتيازات للبحث عن النفط في المنطقة بين الأمريكيين والبريطانيين، ورسى الاختيار على شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا “سوكال”.

بدأت العمليات الجيولوجية للتنقيب بالجبيل في المطقة الشرقية من السعودية في سبتمبر 1933، وكان تنقل خبراء الجيولوجيا الأوائل وكانا اثنين فقط في البداية، ونقل المعدات على الجمال قبل أن تظهر الشاحنات بعد عدة أشهر.  

بحلول نهاية عام 1933، كان يعمل ثمانية عمال نفط في المملكة العربية السعودية، في حين بلغ العدد بنهاية عام 1936 في منطقة قبة الدمام 62 أمريكيا وأكثر من 1000 سعودي.

في 30 أبريل 1935 بدأ حفر أول بئر وهو الدمام 1، ثم بئر الدمام 2 و3 و4 و5. في بئر الدمام رقم 7 الذي حُفر في ديسمبر 1937، تدفق النفط بعد الوصول إلى عمق 1440 مترا، كما بدأ بئر الدمام 2 والدمام 4 في إعطاء نتائج جيدة، ودخلت المملكة بذلك عمليا عصر “أنهار النفط”.

المصدر: RT

Exit mobile version