الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

السعودية الى لبنان من “البوابة الرئاسية”.. “القائد” رئيساً؟

السعودية الى لبنان من “البوابة الرئاسية”.. “القائد” رئيساً؟

كتب محمد حمية:

تسعةُ أيامٍ فاصلة عن التاسع من كانون الثاني المقبل موعد الجلسة النيابية الانتخابية، ستكون ثقيلة الوطأة على اللاعبين المحليين باستحقاق رئاسة الجمهورية، في ظل غموض يعتري نتائج الجلسة وتذبذب في بورصة السيناريوهات واسم الرئيس صاحب الحظ بالجلوس على كرسي بعبدا، في ضوء أحداث دراماتيكية دخلت المنطقة معها في مرحلة جديدة من المتغيرات الدولية والتحولات في “جيوبوليتيك” المنطقة.

فهل نضجت الظروف الداخلية والخارجية لانتخاب الرئيس اللبناني؟

يقول مطلعون على الكواليس السياسية إن ما كُتَب قد كُتِب والمكتوب ما فيه منو مهروب”، في إشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار تضمن تفاهماً جانبياً غير معلن على انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية مهلة هدنة الستين يوماً، في إطار إعادة بناء وتعزيز الدولة المركزية، من رئيس للجمهورية وحكومة وجيش لتطبيق القرار1701 والقرارات ذات الصلة، وتعزيز انتشار الجيش والقوات الدولية في الجنوب وضبط سلاح حزب الله، لاسيما جنوب الليطاني وصولاً الى إنهاء الحرب على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية وفرض الاستقرار المستدام على في المنطقة، كما يريد وأعلن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، تمهيداً لكي يأخذ لبنان موقعه ودوره في شكل وهوية الشرق الأوسط الجديد قيد التشكل وفق الرؤية الأميركية الإسرائيلية والتركية حديثاً.

هذا الإطار والمسار المرسوم أميركياً – دولياً للبنان، عزّز تقدمه الى حدٍ كبير “الزلزال” السوري الذي سيفرض إيقاعه على الساحة اللبنانية بسب الواقع التاريخي والجغرافي والسياسي الاجتماعي والاقتصادي السوري الحاكم للبنان.

ثمّة من يُلمح إلى أن المملكة العربية السعودية وفور “الزلزال السوري” بلّورت رؤية جديدة للمنطقة تنطلق من الاستشعار خطراً حيال التغيير السريع في الواقع السوري وتداعياته على دول الاقليم، فبات الحضور في لبنان ضرورياً في هذه المرحلة لإيقاف المد التركي – الإخواني في سوريا من بلوغ لبنان في إطار التنافس السعودي – التركي التاريخي على زعامة العالم الإسلامي، لا سيما في ظل عودة “الحج السياسي” لشخصيات لبنانية رسمية وحزبية الى الشام للقاء القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع (الجولاني).. ومن هذا المنطلق قررت “المملكة” وربما تلحقها دول خليجية أخرى التحرك سريعاً لوقف “الطوفان” التركي – الإخواني من سوريا الى لبنان والعودة الى الساحة اللبنانية من بوابة رئاسة الجمهورية.

ووفق المعلومات فإنه وللمرة الأولى منذ ما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تحضر السعودية لزيارة عاجلة الى لبنان عبر وفد سعودي إلى بيروت بعد الأعياد، برئاسة وزير الخارجية فيصل بن فرحان يرافقه الامير يزيد بن فرحان الذي تسلّم الملف اللبناني في الخارجية السعودية..

توقيت الزيارة ومستوى الوفد الرفيع يُدلِلان على مهمة دبلوماسية – سياسية غير عادية، خصوصاً أنها جاءت بعد أيام من زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون الى المملكة.. وإن كانت اللقاءات والمباحثات اقتصرت على المستوى العسكري والشؤون التسليحية وفق بيان وزارة الدفاع السعودية، غير أنها لم تخل من الأبعاد والاشارات السياسية خصوصاً أنها تأتي قبيل أقل من أسبوعين من جلسة 9 كانون.

وتشير المعلومات الى لقاءات الوفد السعودي ستتمحور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري كممثل عن “الثنائي الشيعي” و”القوات اللبنانية” بهدف تأمين أغلبية نيابية راجحة لانتخاب قائد الجيش. ويُحكى في الكواليس السياسية أن السعودية ستتكفل بإقناع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بالتصويت للعماد عون، علماً أن “القوات” وفق المعلومات ترفض حتى الساعة ترشيح القائد لأسباب عدة وتربط ذلك بتعديل الدستور والاجماع النيابي.

ويقال أيضاً إن الحراك السعودي “بلا ممانعة” أميركية، إن لن يكن بضوء أخضر، على اعتبار أن العماد عون المرشح الدائم لواشنطن، وتبتغي المملكة تعبيد طريق بعبدا أمام القائد بهدف قطع الطريق على الحراك القطري حيث أن الدبلوماسي فهد بن جاسم آل ثاني موجود في لبنان منذ نحو أسبوعين، ويعقد لقاءات مع مسؤولين وسياسيين حول الاستحقاق الرئاسي والمساهمة القطرية في إعادة الاعمار ويبقي غالبيتها بعيدة من الأضواء.

ويسوق الموفد القطري وفق المعلومات ترشيح المدير العام للأمن العام اللواء البيسري على اعتبار أنه يشكل تقاطعاً بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وعدد من النواب السنة، كأولى تداعيات التقدم التركي في سوريا. ويتركز الشغل السعودي بالتنسيق مع إيران أيضاً على نوع من الاتفاق مع الثنائي الشيعي يضمن أصواتا شيعية وازنة لعون مقابل ضمانات تتعلق بحفظ دور الطائفة الشيعية في المعادلة السياسية الداخلية تحت سقف اتفاق الطائف، وضمانات حول حدود دور الجيش في تطبيق القرارات الدولية وإعادة الاعمار، إضافة الى جذب إحدى الكتلتين المسيحيتين الكبريين، والأقرب لهذا الهدف هي كتلة “القوات” بسبب رفض الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل المطلق لترشيح قائد الجيش، إضافة الى ضمان الكتلة السنيّة التي ستولد خلال أيام تعد عشرين نائباً، وبالتالي تأمين مظلة رباعية شيعية – سنية – قواتية – جنبلاطية توصل قائد الجيش الى برّ الأمن في بعبدا.

لكن هل تنجح المهمة؟

مصادر مواكبة للمشاورات الرئاسية توضح أن الضبابية تحكم المشهد الرئاسي حتى الآن، وأن كافة الاحتمالات واردة، من بينها تعذّر انتخاب الرئيس في ظل “الفيتوات” السياسية المتقابلة على المرشحين، ومن بينهما قائد الجيش الذي تعترض فوزه بالرئاسة عقبات عدة أهمها التعديل الدستوري وغياب التوافق، لكن المصادر تعوّل على الأسبوع الأخير المتبقي قبل الجلسة لتكثيف المشاورات الداخلية والحراك الدبلوماسي الخارجي المرتقب للتوصل الى تفاهم، وترجح أن جلسة 9 كانون ستكون حاسمة لجهة انتخاب الرئيس وإن لن تُحسم من الدورة الأولى، لأن الرئيس بري مصمم على تكرار الدعوة الى جلسات متعددة وبدورات متتالية مع احترام نصاب الثُلثين. وتلفت الى أن احتمال عدم الانتخاب قائم، وفي هذه الحالة لن يحصل انتخاب حتى الربيع المقبل، أي الى ما بعد تسلم الرئيس ترامب، وحينها تصدُق نبوءة مسعد بولس الرئاسية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى