كتب حسين زلغوط في “اللواء”:
أدخل التحوّل المفاجئ في سوريا والذي أدّى الى سقوط نظام بشار الأسد المنطقة في مخاض عسير يخشى أن يصل الى مرحلة استعمال «المقص» الدولي من جديد لتقسيم بعض الدول ومنها سوريا والعراق.
ولا شك ان لبنان الذي لم يخرج بعد من الحرب التدميرية التي شنّتها إسرائيل عليه بات يعاني وضعا صعبا وخطرا، لكن ذلك وفق مصدر وزاري لن يؤدي به الى الاستسلام أو أن يقبل بأية حلول تفرض عليه من شأنها أن تمس بسيادته، فالمقاومة ما تزال تملك من القوة التي تمكّنها من مواجهة أي خطر، وان ما جرى في سوريا لن يكون له التأثير الكبير على تسلّح المقاومة التي بات لديها القدرة الكافية على تصنيع السلاح التي تحتاجه، مشيرا الى ان غزة وعلى الرغم من محاصرتها من كل حدب وصوب ما تزال تقاوم منذ أكثر من سنتين ونصف السنة.
وفي تقدير المصدر اننا مقبلون على مرحلة دقيقة وخطرة وهذا يتطلب من اللبنانيين الكثير من الصبر والتروّي في مقاربة اي ملف يدور حوله خلاف، لأن العدو الإسرائيلي يستفيد من أي انقسام داخلي لكي ينفذ مآربه في محاولة القضاء على قوة لبنان التي هي المقاومة.
وفي تقدير أوساط سياسية متابعة أن الوضع الجديد في سوريا لا بد من أن يترك تأثيراته على الاستحقاق الداخلي الأقرب وهو انتخاب رئيس الجمهورية، الذي حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة لإجرائها في التاسع من الشهر المقبل.
وفي تقدير الأوساط أنّ الانتقال السلمي للسلطة في سوريا بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، يضع لبنان أمام مرحلة سياسية جديدة، مع وقوفه على بُعد شهر من موعد انعقاد الجلسة النيابية في التاسع من كانون الثاني المقبل، لانتخاب رئيس للجمهورية يعيد الانتظام للمؤسسات الدستورية وللعلاقات اللبنانية السورية، هذا في حال توافق النواب على رئيس لا يشكّل تحدّياً لأحد، ويتمتع بالمواصفات التي حدّدتها «اللجنة الخماسية»، التي مِن دونها لا يمكن إدراج اسم لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، خصوصاً أن المجيء برئيس «كيفما كان» سيؤدي إلى إعادة إنتاج الأزمات التي يتخبط فيها.
ودعت الأوساط ذاتها إلى ضرورة أخذ العِبر من التحوّل الذي تقف على مشارفه المنطقة، ويضعها أمام مسؤولياتها في إنتاج الخطاب السياسي لمواكبة مفاعيل الزلزال الذي حلَّ بالمنطقة بسقوط النظام السوري، مشدّدةً على أنّ المطلوب منها، وعلى رأسها «حزب لله»، بأن تتكيّف على وجه السرعة مع الوضع المستجدّ في الإقليم، وهي تدرك منذ الآن، أن المجتمع الدولي، وإن كان يُفضّل عدم التدخّل في أسماء المرشحين للرئاسة، فإنه في المقابل لن يلتزم مسبقاً بدعم أي مرشح، مفضلاً أن يترك الحكم النهائي لاختبار مدى قدرته بالتعاون مع حكومة فاعلة لإخراج لبنان من التأزم، آخذاً بالاعتبار التزامه بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، كونه يضع البلد تحت مجهر مراقبة دولية لا يمكنه التفلُّت من التزامه، لأنه الممر الإلزامي للبنان لتصويب علاقاته العربية والخارجية بعد التصدّع الذي أصابها وأدّى إلى محاصرته.
ولفتت الأوساط إلى أن تبادل «الفيتوات» المسبقة بين الكتل النيابية حول المرشحين للرئاسة، يعني أن التوافق على رئيس لن يكون في متناول اليد، ما يطرح سؤالاً حول مصير جلسة الانتخاب، واحتمال تأجيلها بطلب من معظم الكتل النيابية، لأن رئيس المجلس النيابي يصرّ على انعقادها، ويمكن أن يتجاوب مع رغبتها إفساحاً للمجال أمام التوافق على رئيس «كامل الأوصاف» ولا يلقى اعتراضاً دولياً.
وشدّدت على أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال تأمين ممر آمن لوصول الرئيس العتيد إلى قصر بعبدا من دون تعبيد الطريق المؤدّية إلى كرسي الرئاسة بالتوافق والتفاهم.
واستغربت هذه الأوساط كيف أن بعض القوى السياسية تصرفت فور إعلان سقوط النظام السوري وكأن هذا الموضوع يشكل انتصارا لها ويعزز دورها السياسي، من دون أن تنتظر ما يمكن أن يكون لما حصل في الجوار من تداعيات على لبنان، من مختلف النواحي، داعية هؤلاء إلى التروّي أقلّه حتى تهدأ ارتدادات الزلزال الذي وقع، ولا سيما أن إسرائيل دخلت بقوة على خط ما يجري مستفيدة من حالة التبعثر والفوضى من أجل تنفيذ ما أمكن من مشروعها في المنطقة.