الربح والخسارة أو النصر والهزيمة
كتب: زاهرة أبو حمدة
قاعدتان متشابهتان لكن الاختلاف جوهري في الفهم والدلالات والسلوك. الربح والخسارة تنطبق على عمل تجاري تسويقي يربح فيه التاجر وفقا للعرض والطلب، كمية المبيعات، زيادة رأس المال، .. الخ. ووفقا للميزان في النهاية يربح البائع أو يخسر. كذلك في مباراة كرة قدم، النتيجة النهائية تحسم من فاز وخسر بغض النظر عن اللاعبين والأداء والظروف. أما النصر والهزيمة، تعتمد على سياق راهني فوري يسميه البعض “تكتيكي” وأخر بعيد المدى يسموه “استراتيجي”. وربما في النظرة الأولى ترى هزيمة ساحقة أو نصرا لامعا واضحا، لكن في نهاية المطاف تكون الهزيمة الكارثية. هذا حصل مع الولايات المتحدة في أفغانستان، فحين أسقطت حكم طالبان واحتلت البلاد كانت صورة نصر لا غبار عليها، لكنها اضطرت للهروب بعد 20 عاما ومشهد اقلاع الطائرات وأعوانها يحاولون التعلق بها لا يمكن تخيله لو لم يكن موثقا. في المقابل، يمكن تحول الهزيمة بواقعها إلى نصر لاحق، كما حدث مع مصر الناصرية بعد النكسة وبعدها حرب الاستنزاف وصولا إلى حرب رمضان..
في حالة طوفان غزة، بدأ بنصر لا لبس فيه بانتزاع الجنود من الميركافا، ومن ثم حاول الاحتلال تحويل هزيمته إلى نصر بسرعة قصوى بالإبادة الجماعية وتغيير الشرق الأوسط ليهرب من متغيرات يعرفها تماما وليبدل الحال في التكتيك والاستراتيجيا، لكنه فشل في الأمرين. حاول نتنياهو تفكيك كل بنية غزة الديمغرافية والجغرافية كي لا تتفكك إسرائيل، في حين يمكن الجزم أن نتائج الطوفان لا يمكن تلمسها في فترة قريبة، فهي تحتاج لبضع سنوات لا تتجاوز العقد حتى نرى تهاوي إسرائيل على الرغم من كل بطشها وإجرامها وتفوقها التكنولوجي والنووي والمافياوي.
نحن خسرنا وفقا للتاجر أو مشجع كرة القدم، لكن في السياسة والاستراتيجيا انتصرنا وهذا ما يعرفه نتنياهو وصحبه أكثر من غيرهم.