اقتصاد

الذهب يضرب ضربته ويسجل أرقامًا قياسيّة خلال أيام متتالية

سجّل الذهب  أرقامًا قياسيّة خلال أيام متتالية، حيث وصل سعر الذهب إلى حدود 2195 دولار للأونصة تقريبًا، لتعود وتنخفض إلى 2181، وهذا ما دفع بالعديد من اللبنانيين إلى التهافت لبيع ما يملكون من ذهب، كانوا قد قرروا الاستثمار به. الأمر نفسه ينطبق على العملات المشفرة، مع ضربة البيتكوين الخيالية، حيث استطاعت أن تصل إلى مستويات قياسية زادت عن 73 ألف دولار، برقم جديد لم تكن قد وصلت إليه من قبل.
و حسب خبير اقتصاديّ فإنه يؤكد أن الأسباب البارزة التي تقف وراء الارتفاع الكبير والتاريخي للذهب تتلخص بالاحداث الجيوسياسية الراهنة، مع توقعات بتخفيض أسعار الفائدة على الدولار في الولايات المتحدة الأميركية، واستمرار الحرب الروسية على أوكرانيا.. كل هذه العوامل ساهمت بتحفيز المستثمر على شراء الذهب، لأجل ادخاره، مع توقعات مستقبلية على المدى الطويل أن يحقق أرباحًا طائلة وكبيرة، خاصة وأن الذهب لا يعتبر أبدًا عنصر استثمار قصير الأجل، على عكس العملات الرقمية التي تشهد ارتفاعًا وانخفاضًا متتاليًا. ويضيف:” بالاضافة إلى القرار الفيدرالي بتخفيض الفائدة على الدولار، فإنّ ملامح مشابهة صدرت من أوروبا وتحديدًا من المركزي الأوروبي الذي ينوي خفض أسعار الفائدة بعد 3 أشهر، أي في شهر حزيران المقبل، هذا عدا عن نية البنوك المركزية العالمية رفع احتياط الذهب لديها، والذي بدأ مع انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفعت وتيرته مع الأحداث المتلاحقة في الشرق الأوسط. ومن دون أدنى شك فإن هذه الهجمة على رفع احتياطي الذهب أثرت على أسعاره بشكلٍ مباشر.
و خلال حديثه، يؤكّد أن الذهب لم يعد أبدًا أداة للتخزين في البلدان العربية، كما كان سائدًا قبل عشرات السنوات، إذ اقتنع سكان هذه الدول بضرورة تخزين الذهب واستثماره، وفي مقدمتهم البلاد التي لا تشهد عملاتها استقرارًا طويل الأمد، كلبنان ومصر وسوريا. ومن هنا يُنصح بأن لا تقل المحفظة الإستثمارية التي تضم ذهبا عن 20%، ومن المتوقع أن تصل إلى حدود 55% في حال تطورت الأوضاع أكثر، علمًا أن المؤشرات كلها تؤكّد أن المرحلة المقبلة ستشهد ارتفاعًا جديدًا بأسعار الذهب على المديين القصير والطويل، وبهذا السياق لن يكون من المستغرب أن يصل سعر أونصة الذهب إلى 3500$ في حال فعلا لجأت الدول التي تحارب الدولار كالصين والهند وتركيا وروسيا إلى استبدال احتياط الدولار بالذهب، وهذا من شأنه أن يمتد بشكل كبير إلى الدول العربية، وفي مقدمتها الدول الخليجية التي تصوّب على التخلص من النفط والدولار بأسرع وقت ممكن.
و باعتبار الذهب ليس أدارة استثمارية قصيرة الأجل، فإن من ينوي الشراء اليوم يجب أن لا يكون مُستَهدفًا تحقيق أرباح سريعة، بمعنى أن النتائج لن تأتي قبل 3 أو 4 أشهر، وبالتالي يشير المصدر الاقتصادي إلى أنّه ليس من المستحب بالوقت الحالي شراء الذهب بعد تسجيله الارتفاعات العالية الأسبوع الماضي لأنّه بطبيعة الحال، أي ارتفاع كالارتفاع الذي شهدناه، سيُجابه بعملية تصحيح فورية، وهذا ما سيؤدي إلى خفض سعره، والبوادر باتت تظهر بعد انخفاض أونصة الذهب ما يقارب 14$، عقب وصولها لمستوى قياسي. وعليه فإن شراء الذهب اليوم بهدف تحقيق ربح هو ضرب من الخيال قبل إتمام عملية التصحيح.
هذا ما دفع بمستثمري الذهب حسب المصدر إلى بيع جزءٍ من ما يملكون من ذهب في لبنان، إذ شهد السوق في الأيام الأخيرة حركة لافتة لناحية بيع أونصات وليرات الذهب التي تعتبر الإستثمار الأفضل الذي لا يفقد من قيمته، وتدارك الآلاف حسب المصدر في لبنان عملية الإنخفاض ليبيعوا ما لديهم على أسعار مرتفعة.
أما من يريد أن يشتري الذهب بهدف تخزينه واستثماره، فإنّه لن يعتبر خاسرًا بحال قام بالشراء اليوم، لأن الأرباح الفعلية لن تظهر قبل بداية العام 2025، علمًا أن أمل هؤلاء منصب أولا وأخيرًا على تخفيض معدلات الفائدة، التي حسب المصدر ستنخفض حكمًا.
أمّا بالنسبة إلى العملات الرقمية فتمامًا كالذهب، قد شهدت هي الأخرى فورة كبيرة بأسعارها، وعلى رأسها كانت عملة البيتكوين التي شهدت ارتفاعًا تاريخيًا وقياسيًا لم تصل إليه من قبل، بعد تداولها فوق 73 ألف دولار، حيث كانت قبل أشهر تتراوح قيمتها بين 48 و 49 ألف دولار.
كما يرى المحللون بأن البيتكوين تقترب من إنهاء سلسة الصعود التي بدأت بها مؤخرًا، إذ من المتوقع أن لا تتجاوز حاليًا 75 ألف دولار حسب المؤشرات، ما يعني بطبيعة الحال أنها ستتراجع إلى ما دون 70 ألف دولار، وصولاً إلى حدّ 68 ألف دولار، مع توقعات بمعاودة ارتفاعها إلى 81 ألف دولار نهاية العام الحالي وربما 83 ألفًا. ومن هنا يرى المراقبون أن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأميركية المقبلة تحمل أهمية للبيتكوين، ويمكن أن تؤدي إلى تحركات متقلبة في العملات الرقمية الأخرى، فعملية بيع المستثمرين للعملة بات قريبًا، مع توقعات سريعة بانخفاضها إلى 63 ألف دولار حاليًا، لتستعد للمرحلة الضخمة القادمة.
و نسبتاً إلى لبنان الذي يعاني من نقص كبير بثقافة التداول فقد شهد حركة كبيرة بمنصات التداول، علمًا أن اللبنانيين غالبًا ما يستثمرون عملات رخيصة، لا يتجاوز سعرها 3 آلاف دولار، أما من يستثمرون البيتكوين كعملة كاملة فإن عددهم محدود. وعليه يؤكّد المراقبون أن عملية البيع التي تمت في الايام الأخيرة تظهر أنّ اللبنانيين مستعدون للدخول في مجال التداول، ويطمحون لتوسيع هذا النمط الإقتصاديّ الجديد، إلا أن ما يفوق 55% منهم، أي الذين يتداولون حاليًا، لا يعلمون ماذا يفعلون، إذ يستندون الى تحليلات تنتشر عبر مواقع التواصل، وهذا ما يجعل هامش الخطر كبيرا لناحية خسارة استثماراتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى