سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا تاريخيًا تجاوز 2950 دولارًا للأونصة، ما يعادل زيادة بنسبة 11 بالمئة منذ بداية العام، أي ارتفاعًا بقيمة 300 دولار خلال أقل من شهرين. ويبدو أن الاتجاه الصاعد مستمر، مدفوعًا بعدة عوامل أبرزها رسوم ترامب الجمركية، والطلب القوي من البنوك المركزية، وانخفاض احتياطيات الذهب في باطن الأرض.
أكدت البيانات أن البنوك المركزية اشترت أكثر من 1000 طن من الذهب خلال العام الماضي، ما عزز الطلب العالمي على المعدن النفيس. وارتفع حجم الطلب على الذهب خلال عام 2024 إلى 4974 طنًا، بينما بلغت مشتريات المجوهرات الذهبية 1877 طنًا بقيمة 144 مليار دولار.
في السياق ذاته، صرح نور الدين محمد، رئيس شركة تارجت للاستثمار، خلال حديثه لبرنامج “بزنس مع لبنى” على قناة “سكاي نيوز” ان “البنوك المركزية لا تشتري الذهب من أجل المتاجرة، بل لحماية نفسها من التقلبات الاقتصادية العالمية”، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية أسهمت في دفع الأسعار نحو الارتفاع.
أوضح نور الدين محمد أن النزاعات التجارية العالمية والحروب الاقتصادية تلعب دورًا رئيسيًا في ارتفاع أسعار الذهب.
وأضاف، “رغم أن قوة الدولار عادةً ما تؤدي إلى تراجع أسعار الذهب، إلا أن المخاطر العالمية الحالية تتجاوز هذا التأثير، مما يعكس حجم القلق في الأسواق المالية”.
كما ساهمت الأزمة العقارية في الصين في تعزيز الطلب على الذهب، حيث بلغت نسبة استثمار شركات التأمين في الذهب واحد بالمئة فقط من أصولها، في حين شهد السوق زيادة في الطلب على الذهب بنسبة 6.5 بالمئة، ما يعكس توجه المستثمرين نحو الأمان وسط الأزمات الاقتصادية.
توقعت البنوك الاستثمارية الكبرى استمرار ارتفاع أسعار الذهب خلال العام الجاري، حيث رفع كل من غولدمان ساكس ومورغان ستانلي توقعاتهما لسعر الأونصة إلى 3100 دولار قبل نهاية العام، فيما رفع بنك UBS السويسري التوقعات إلى 3200 دولار للأونصة، بينما يتوقع جي بي مورغان وصول السعر إلى 3000 دولار.
وأكد نور الدين محمد: “لا توجد عوامل أساسية تدعم هبوط أسعار الذهب في المستقبل القريب، خاصة مع استمرار التضخم المرتفع في الولايات المتحدة واستمرار التوترات الجيوسياسية”.
رغم التقلبات الحادة التي تشهدها الأصول المشفرة مثل البيتكوين، يظل الذهب الخيار المفضل للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد ثابتة.
وأوضح نور الدين محمد أن “الذهب يحافظ على قيمته في أوقات الأزمات الاقتصادية، وهو ما يجعله خيارًا استثماريًا أكثر أمانًا مقارنة بالعقارات والعملات الرقمية”.
وأشار أيضًا إلى أن العقارات قد تكون قادرة على الاحتفاظ بقيمتها لفترات طويلة، إلا أن تسييل الأصول العقارية تبقى أكثر صعوبة مقارنة بالذهب، الذي يمكن بيعه بسرعة في الأسواق العالمية.
في ظل هذه العوامل، يبقى السؤال الرئيسي الذي يطرحه المستثمرون: هل نشتري الذهب الآن أم ننتظر؟ في ظل المعطيات الحالية، يبدو أن الاتجاه الصاعد لا يزال قويًا، ما يجعل الذهب ملاذًا استثماريًا آمنًا في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمية.