كتبت صونيا رزق في “الديار”:
بعد الغموض الذي ساد الايام القليلة الماضية، وسط صمت مريب لأغلبية الكتل النيابية، التي ارتأت السكوت في انتظار ما سيقوله الآخرون عن مرشحهم الرئاسي، بالتزامن مع إصرار رئيس مجلس النواب نبيه برّي على التعديل الدستوري، لوصول قائد الجيش العماد جوزف عون الى قصر بعبدا، كان الفريق الحليف لرئيس المجلس يستعين بالتعديل كشرط قانوني، ويطلق بعض الهمسات السياسية عن مرشح الفريق، من دون تحديد هويته النهائية كما كان يفعل سابقاً.
كذلك الامر بالنسبة لقوى المعارضة، التي حيّرت اللبنانيين بعدما بات مرشحها من ضمن الأسرار، اذ كان بعض نواب الفريق المذكور يتحاشى ذكر المرشح النهائي، في انتظار مستجدات الخصوم، الى ان أتت كلمة السر الخارجية قبل ساعات قليلة من انعقاد جلسة اليوم، فجمعت الموقف السعودي والاميركي والفرنسي، الامر الذي أحدث توافقاً خارجياً خيّم بظلاله على تقاطع الداخل، الذي كان قبل ساعات معدودة متناحراً بقوة ومنقسماً برأيه حول مجموعة مرشحين رئاسيين، ترتفع حظوظ بعضهم لساعات لتنخفض اخرى فجأة، في ظل رفض نيابي لبعض الكتل، التي كانت ضد وصول العماد جوزف عون الى الرئاسة، واذا بها تنقلب فجأة بعد لقاءات موفدي الخارج والامثلة كثيرة.
وكان بعض المرشحين موعودين بالرئاسة، وسط تأرجح البوصلة بين يوم وآخر، ومن ضمنهم وزير سابق برز اسمه قبل يومين كرئيس مرتقب، بعد وعود تلقاها من بعض الكتل ورؤساء الاحزاب، إلا انه عاد خائباً بعد تلقيه ما قاله موفدو الخارج، والاصرار الثلاثي السعودي- الاميركي- الفرنسي على انتشال لبنان من قعر الهاوية بعد مضي اكثر من سنتين على الفراغ الرئاسي، وعلى ضرورة وصول الرئيس التوافقي الوسطي جوزف عون، الذي لا يشكل تحدّياً لأحد، اي ضمن صيغة لا غالب ولا مغلوب ، التي تصلح وحدها للسياسة اللبنانية ولا أحد سواها، وإلا لن يكون هنالك رئيس حتى أجل غير مسمّى.
وبالتالي فعودة الموفد السعودي يزيد بن فرحان مرة اخرى أكدت على هذا الإصرار، من خلال مواصلة الاتصالات واللقاءات خصوصاً مع النواب السنّة، في محاولة لتأمين فوز قائد الجيش، وقد نجح في ذلك لانّ المعطيات تؤكد حصوله على ما يقارب الثمانين في المئة من الاصوات، بعد إعلان العدد الاكبر من الكتل النيابية تأييدها له، من ضمنها الكتل المعارضة، وافيد بأنّ الموفد السعودي كان حاسماً في موقفه مع التلميح بعبارة” قائد الجيش او لا أحد”، من هنا وصلت الرسالة الى النواب المنقسمين وفهموا الرسالة بحذافيرها.
وعلى الخط الفرنسي ووفق المعلومات، فإنّ الموفد الفرنسي جان ايف لودريان حمل في جعبته اسماً واحداً لا غير هو قائد الجيش، وطرحه خلال لقاءات يوم امس في قصر الصنوبر، مشدّداً على ضرورة وصول رئيس يطبّق بنود اتفاقية وقف إطلاق النار، التي كانت فرنسا اول الداعمين لهذه الاتفاقية، كذلك الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، وإن كان بعض السياسيين قد أوضح انه لم يتناول الملف الرئاسي معهم، لكن الحقيقة مغايرة لانه طرح الاسم عينه، وقال انه الافضل لهذه المرحلة لانه وسطي وقادر على جمع الفريقين.
وعلى خط النائب جبران باسيل الذي لا يزال مصرّاً على عدم التصويت للعماد عون، فزياراته البعيدة عن الاعلام الى عين التينة ما زالت ناشطة، بهدف إفشال وصول عون الى بعبدا، وفي الوقت عينه إلتقى احد النواب المعارضين الحزبيين، وأكد له انه لن يدعم مرشحاً يزعج الثنائي الشيعي، مما يعني ان اللعب على حبليِ الفريقين قائم بقوة، وسط معلومات أنّ تكتل ” لبنان القوي” سيصوّت لزميلهم النائب فريد البستاني.
اما نواب كتلة “التنمية والتحرير” فيبدون متعاونين وسيسيرون وفق التوافق، ولا يضعون “فيتو” على العماد عون، كذلك حزب الله ، بالتزامن مع إعلان مرشحهم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية انسحابه مساء امس من المعركة الرئاسية، كما ستتجه بعض الكتل التي عقدت اجتماعاتها ليلاً في اتجاه التوافق، الذي سيجمع الاغلبية اليوم في ساحة النجمة ضمن خانة إيجابية.
في الختام لا بدّ من الاشارة الى انّ المشهد الرئاسي سيكون مغايراً اليوم، بعد طول انتظار وسيكون لبنان على موعد مع الاحتفالات بوصول العماد عون الى بعبدا، مع الامل في أن ينطلق لبنان الجديد نحو الاستقرار وتتحقق الوعود بالمساعدات العربية والغربية ، للبدء بمشروع إعماره ونهضته.