الدبلوماسية غير المتوازنة مع أميركا وإسرائيل لا تحرّر الأرض.. التحرّك السياسي فشل وتوسّع الاحتلال يُعقّد المفاوضات؟

الدبلوماسية غير المتوازنة مع أميركا وإسرائيل لا تحرّر الأرض.. التحرّك السياسي فشل وتوسّع الاحتلال يُعقّد المفاوضات؟

كتب غاصب المختار-“اللواء”:

أقرّ نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري «أن الحكومة غير قادرة على إخراج إسرائيل بالقوة العسكرية من بلادنا». وقال متري على ما نُقِلَ عنه في حديث تلفزيوني: لا نملك حالياً إلّا تكثيف الجهود الدبلوماسية للضغط على إسرائيل للانسحاب من أرضنا. وأضاف: نسعى أن تكون الدولة صاحبة قراري الحرب والسلم، وأن يكون الجيش اللبناني مسؤولاً عن تأمين الحدود والدفاع عن السيادة!!

انه كلام سياسي ودبلوماسي جميل وربما يكون مفيداً لو كان الأمر يتعلق مثلاً بإحتلال فرنسا أو ألمانيا أراضٍ سويسرية! لكن في وضع لبنان المنهك والمغلوب على أمره بالضغط الأميركي عليه وتحيّزه المطلق للكيان الإسرائيلي، وبعد التجربة المرّة الفاشلة لإتفاق آلية وقف اطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 خلال الأشهر الثلاثة الماضية وما قامت به إسرائيل خلال هذه الفترة برضى أميركي وعجز لبناني رسمي، من تدمير ممنهج لكل مناحي الحياة في قرى الشريط الحدودي، بات الكلام عن المسعى الدبلوماسي ترفاً سياسياً لا يُغني ولا يُسمن من جوع الى التحرير.

فالتوازن السياسي والدبلوماسي بين لبنان من جهة والإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي من جهة ثانية مفقود، وكل مساعي لبنان وفرنسا لوقف الانتهاكات المعادية وتطبيق آلية تنفيذ القرار 1701 فشلت نتيجة الانحياز الأميركي وضعف القرار السياسي الرسمي اللبناني واستسلامه غير المبرّر للتجاهل الأميركي. عدا استحالة تقوية الجيش اللبناني بالسلاح والعتاد الحديث الكافي الذي يمكن أن يؤهله للردّ على الاعتداءات الإسرائيلي ولو بالحد الأدنى، لكن حتى الرد برصاصة ممنوع على الجيش مقابل الباب الأميركي المفتوح أمام إسرائيل بالتسليح وللقيام بما تريده.

تسليح الجيش اللبناني ليكون قوة ردع للعدوان غير وارد في أجندة الدول الصديقة والشقيقة، إلّا بما يؤمّن حاجيات لوجستية وكميات محدودة من الذخائر والقذائف المدفعية وعشرات الآليات المستعملة قديمة العهد، التي لا تشكّل أي توازن عسكري مع قوات العدو الإسرائيلي، ناهيك عن قدرته الجوية الفائقة مقابل قدرة جوية لبنانية تكاد تكون صفرا مكعباً، فلا سلاح طيران حربي مقاتل ولا صواريخ مضادة للطائرات، ولا سلاح نوعي ضد الآليات الكبيرة. ومع هذا اللاتوازن العسكري المفرط ثمّة من لا زال يقول ويعتقد ان تحرير الأرض هي مهمة الدولة بالطرق الدبلوماسية، وان المقاومة لا تعطي نتيجة… وعلى هذا استسلم الجميع للأمر الواقع الاحتلالي القائم والذي يتوسّع تدريجيا.

هذا التوسّع الاحتلالي يعقّد أكثر لاحقاً مهمة لبنان بالتفاوض مع الكيان الإسرائيلي، وبعد ان كان الحديث قبل سنتين يدور حول 13 نقطة قديمة محتلة تحفّظ عليها لبنان في العام 2006، أصبح التفاوض أصعب مع الاحتلال مع إضافة التلال الخمس المحتلة والتوغل اليومي لقوات الاحتلال في أراضٍ جنوبية حدودية يقيم فيها نقاطاً ثابتة تضاف الى المناطق والنقاط الأخرى المحتلة. ولعل الكيان الإسرائيلي يقوم بتوسيع احتلاله ليس لأسباب أمنية فقط، بل من أجل تحسين شروط تفاوضه لاحقاً وفرض شروط جديدة على لبنان سيكون مضطراً ربما لقبولها كلها أو معظمها تحت وطأة العجز والضغط السياسي والانحياز الأميركي.

هذا الكلام لا بد أن يُقال للعهد والحكومة الجديدين طالما انهما حسما خيار الدولة بإعتماد الدبلوماسية، مع علمهما انها غير متوازنة بالمطلق مع الأميركي والإسرائيلي، وفشلت بدليل ان هذه السياسة لم تصل الى نتيجة طيلة فترة الهدنة المفترضة حيث تصرفت إسرائيل وكأنه لا يوجد اتفاق دولي لوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1702. كما هو معدوم التوازن العسكري بين لبنان وكيان الاحتلال، وصار لزاماً على الحكم والحكومة البحث عن خيارات أخرى سياسية، إذا اقتنعا بأن لبنان يمكن أن يستعمل حقه المنصوص عنه بالاتفاق لطرد الاحتلال، وان سلاح المقاومة ضرورة قصوى ولو من باب التلويح به على الأقل ووضعه على طاولة المفاوضات.

وفي هذا المجال يمكن للبنان أن يغتنم مناسبة القمة العربية في القاهرة التي ستبحث مصير قطاع غزة وستتطرق بكل تأكيد للوضع اللبناني، وأن يستفيد من العرب أكثر من الغرب، بطلب تبنّي القمة قراراً رسمياً عربياً جامعاً بدعم حق لبنان في تحرير أرضه ووضع آلية تنفيذية لذلك يفرضها العرب على الغرب كما سيفرضون موقفهم حول غزة بقرار إعادة اعمارها ومنع تهجير أهلها، وإلّا سيبقى كل الكلام العربي كما الغربي عن دعم استقلال لبنان وسيادة دولته على كامل أراضيه كلاماً لا طائل تحته كما هي بيانات كل القمم العربية.

Exit mobile version