كتبت رلى ابراهيم في “الأخبار”:
لم تكد خمسة أيام تمرّ على قرار التيار الوطني الحر فصل النائب آلان عون، حتى تقدّم نائب جبيل سيمون أبي رميا باستقالته من التيار أمس، ليكون الأول بين رفاقه الذي يغادر بقرار شخصي، والثالث الذي يغادر التيار (بعد عون والنائب الياس بو صعب، مع ترجيحات بقرب خروج النائب إبراهيم كنعان أيضاً).التعاطف مع أبي رميا بدا ضئيلاً أمس مقارنة بالحالة التضامنية مع عون. ففي حين يستعدّ بعض عونيّي بعبدا من المنسّقين والناشطين لتقديم استقالاتهم من التيار مساندة لنائبهم، ساد ترقّب في جبيل مع مطالبات لأبي رميا بالاستقالة من مجلس النواب، كونه نال أصوات العونيين بصفته مرشحاً عن التيار وليس لشخصه، فيما لم تنجح اللقاءات التي عقدها في منزله في شدّ العصب حوله، إذ تبلّغ من بعض منسّقي المناطق بأن التزامهم مع التيار أولاً.
في بيان استقالته أمس، والذي تزامن مع تاريخ 7 آب وما له من رمزية لدى العونيين، علّل أبي رميا خروجه بـ«تحوّل نظام التيار تدريجياً إلى نظام رئاسي والانتقال من التعددية الفكرية الغنيّة نحو الأُحادية والتفرّد»، متهماً رئيس التيار النائب جبران باسيل بالعمل على «طيّ صفحة التيار التاريخي الأصيل عبر إقصاء رموزه وخلق حالة جديدة موالية للشخص وليس لقضية أو برنامج»، إضافة إلى «تطهير الحزب من كوادره والناشطين المؤسّسين له».
وفيما حاولت «الأخبار» الاتصال بأبي رميا من دون نتيجة، لفتت مصادر في التيار إلى أنه كان واضحاً أن نائب جبيل ربط بقاءه في الحزب ببقاء عون، وهو «منذ خمسة أشهر قاطع الاجتماعات الحزبية بالتوافق والتضامن مع عون وكنعان وبو صعب، وباتوا يشكلون كتلة داخل الكتلة ويسيرون بأجندتهم لا أجندة الحزب». وقالت المصادر إن أبي رميا «حصل على ما لم يحصل عليه غيره، إذ تمسّك رئيس الجمهورية السابق ميشال عون به على حساب رفيق دربه شامل موزايا. ورغم الاعتراضات العونية على ترشيحه في الانتخابات الأخيرة، أصرّ باسيل على بقائه». واعتبرت أن «المشكلة الأساسية لا ترتبط بالديمقراطية ونظام التيار الداخلي، إنما بأسباب شخصية ورغبة كل منهم بترؤّس التيار، رغم أنهم حين سنحت لهم فرصة خوض مواجهة عادلة في الانتخابات الداخلية لم يترشح أيّ منهم في وجه باسيل. ففي عام 2015، انسحب عون من المواجهة وترك باسيل يتبوّأ المنصب بالتزكية، رغم الحملة التي قادها كنعان وأبي رميا وغيرهما لمصلحة عون في الأقضية. كما امتنعوا مرة أخرى عن المواجهة عندما سنحت لهم الفرصة عام 2019 وعام 2023».
يبقى أن السؤال الرئيسي المطروح هو عن مستقبل الحياة السياسية للمفصولين من الحزب والخارجين منه أو من هم على «لائحة الانتظار»، وما إذا كان هؤلاء سيشكلون مع رموز حزبية أُخرجت أو خرجت سابقاً، كتلة يكون لها وزنها السياسي، وتتسبب في إرباك باسيل. وفي هذا السياق، تقول مصادر مطّلعة إن الأمر يتوقف على مستقبل علاقة رئيس التيار بحزب الله وما إذا كان سيتحالف معه في الانتخابات المقبلة أم لا. أضف إلى ذلك، أن لكل من الخارجين حيثية مختلفة عن الآخر. ووفق المصادر، فإن التكهّنات، مثلاً، حول احتمال تحالف عون مع الثنائي الشيعي في الانتخابات المقبلة، ما لم يتم الاتفاق مع باسيل، فذلك لا يؤمّن له بالضرورة فوزاً مضموناً، إذ إن مجموع أصوات الثنائي في انتخابات 2022 لم يصل إلى حاصلين انتخابيين، في ظل اهتمام الثنائي أولاً بضمان مقعديه الشيعيين قبل ضمان مقعد ماروني لحليفهما، علماً أن عون نال في الاستحقاق الماضي 8457 صوتاً، وهذه الأصوات ستنخفض إلى النصف أو أكثر بعد خروجه من التيار.
يواجه باسيل مشكلة افتقاد شخصية عونية تملك كاريزما تخلف نائب بعبدا
في المقابل، سيواجه باسيل مشكلة افتقاد شخصية عونية تملك كاريزما تخلف نائب بعبدا الذي يحظى بتعاطف قسم كبير من العونيين معه. أما في جبيل، فيبدو الوضع مختلفاً تماماً لناحية وجود مرشحين منافسين كثر لأبي رميا، من بينهم المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران الذي بدأ منذ مدة يستقطب بعض المحسوبين على أبي رميا، وعضو المجلس السياسي في التيار وديع عقل الذي يحظى بشعبية بين الحزبيين لإمساكه بملفات الفساد، ومسؤول العلاقات الدولية في التيار طارق صادق، ونائب رئيس التيار للشؤون الخارجية ناجي حايك (يُتوقع أن يترشح في بيروت رغم تحدّره من جبيل). لذلك يبدو التيار أكثر ارتياحاً في هذا القضاء منه في بعبدا، خصوصاً أن رصيد أبي رميا من الأصوات تراجع في الانتخابات الأخيرة بنسبة كبيرة تصل إلى 3500 صوت، رغم إيلاء التيار أهمية كبيرة لهذا القضاء بعدما خصّ جبيل بالعدد الأكبر من التعيينات الإدارية، فيما لا تشكل إمكانية تحالفه مع حزب الله أزمة للتيار لعدم قدرة الحزب على بلوغ الحاصل هناك. فيما قد يكون الملاذ الأخير له هو الالتحاق بالنائب نعمت افرام الذي تمكّن من تحقيق «سكور» مرتفع في الانتخابات الأخيرة، مع فوز لائحته بمقعدين في كسروان – جبيل.