كتب مبارك بيضون
لم يزل “حزب الله” المادة الأدسم للتناول الإعلامي في ظل التشعب في علاقاته وتواجده، والتي تشكل رافدًا أساسيًا لجزء كبير من نشاطاته خارج الحدود، والتي حمت لبنان من مد تكفيري كاد أن يطيح بما بقي من دولة عاجزة عن القيام بواجباتها تجاه مواطنيها.
بداية من الحملة المسعورة التي يقودها نجوم من حزب القوات على وجود حزب الله في الكيان اللبناني، وما يمثله من ثقل شعبي واحتضان جماهري، بالتوازي مع إطلاق نداءات التقسيم التي لم تكن جديدة على هؤلاء، مرورًا بالهجوم الذي شن على حزب الله في اللقاء الكتائبي يوم أمس، والذي وصل الى حد تحميل الحزب كل موبقات الحكومات السابقة، والحفل التأبيني الذي أقيم في ذكرى اغتيال لقمان سليم في معقل حزب الله، الذي اشير الى مسؤولية الحزب المباشرة عن الاغتيال منذ عامين، وصولا الى زج اسم الحزب بتحقيقات تفجير الرابع من آب، عبر الوثائقي الفرنسي الذي سيعرض غدًا ويسلط الضوء على دور الحزب في التفجير.
هذه الحملة المتزامنة ما هي إلا جزء من سيناريو هدفه تشويه صورة الحزب داخليًا لعزله في مرحلة لاحقة من الخارج، في سبيل ضربه إسرائيليا دون إبداء أي تعاطف معه او مع القضية التي يقاتل من أجلها. وهذه الضربة تريدها إسرائيل عبر عزل الحزب عن جمهوره الذي يعد الرافد الأول للحزب.
لتكون إسرائيل بذلك المستفيد الأول من هذه الحملة، والتي تحاول إضعاف عدوه الأول في المنطقة، بهدف ضربه كما تم ضرب كل من سوريا والعراق وإيران، في سبيل تعزيز حظوظ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الذي يواجه بمظاهرات ضخمة من قبل المعارضة.
وهذه الحملة مستمرة، طالما لم تحل القضايا العالقة التي تعول على اللقاء الباريسي الذي يضم كل من الولايات المتحدة وفرنسا وقطر السعودية بشأن لبنان، وسيشارك في اللقاء المرتقب مستشار الشرق الأوسط والعالم العربي في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل ومديرة مكتب الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية أن غيغان ومساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الاوسط بربارة ليف والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا ومساعد وزير الخارجية القطري منصور العتيبي ومساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية علاء موسى.
وهذه المرة الاولى التي تشارك فيها قطر التي يمكنها الاضطلاع بدور الوسيط مع ايران ومصر في هذه المجموعة التي تعمل على مستويات عدة، وقد قدمت رؤيتها للحل المتكامل في لبنان وتصورها لمواصفات الرئيس الجديد والحكومة والعمل مع الجهات الاقليمية والدولية لتجاوز الازمة اللبنانية، من خلال المبادرة الفرنسية التي تدعو الى ضرورة الالتزام باتفاق الطائف، وإنشاء آلية مشتركة للمساعدات الإنسانية، كما التشديد على ضرورة القيام بالإصلاحات الشاملة في قطاعات المالية والطاقة وخصوصا المتعلقة بصندوق النقد الدولي لأنها ستكون مفتاح الباب أمام وصول الدعم الدولي ومكافحة الفساد والعدالة ومراقبة الحدود، والدعوة الى حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية على ألّا يكون لبنان منطلقا لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها ومصدر لتجارة المخدرات بالتوازي مع تعزيز دور الجيش في الحفاظ على الأمن والاستقرار.
وفي المحصلة، يبدو حزب الله مستمر في عين العاصفة طالما لم تأخذ الحلول طريقها الى الضوء، بالتزامن مع حلول إقتصادية تخرج لبنان من دوامة الهلاك، خاصة أن ما يجري بات واضحًا بأنه صادر من مصدر واحد في محاولة لجمع الأمم على أمة حزب الله.