كتب كمال ذبيان في “الديار”:
مضى عامان على اول جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم يحصل الانتخاب مع انعقاد 12 جلسة كان آخرها في 14 حزيران 2023 ، وعلقت تحت شعار “الحوار والانتخاب” الذي اقترحه الرئيس بري العام الماضي، واعاد التذكير به هذ العام في ذكرى غياب الامام موسى الصدر، مع مرونة في عدد ايام الحوار، فجرى تخفيضها من سبعة الى اربعة او ثلاثة، لكن حزب “القوات اللبنانية” ما زال ضد المبادرة ويصر على جلسة انتخاب مفتوحة ومتتالية.
فالحراك الداخلي متوقف باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، سوى من بعض المواقف التي تدعو الى الاسراع في انجاز هذا الاستحقاق الرئاسي، الذي يدخل الشغور فيه عامه الثاني ايضا في نهاية تشرين الاول المقبل، وقد يمتد الى فترة غير محددة ما دام لم يحصل توافق داخلي. واستمر التحرك الخارجي بعيدا عن صناعة الحل لانتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما شهدته كل الانتخابات الرئاسية في لبنان منذ العام 1943 ،الذي حصل فيه على استقلاله فلم يصل رئيس جمهورية الا بقرار خارجي، منذ اول رئيس للجمهورية بشارة الخوري حتى الرئيس ميشال عون.
من هنا التعويل على تحرك “اللجنة الخماسية” التي انشئت من اميركا وفرنسا والسعودية في ايلول 2023 ، وانضمت اليها كل من مصر وقطر، فعقدت اجتماعات عديدة في باريس والرياض والدوحة ولم تصل الى نتيجة بعد، وما زالت المشاورات واللقاءات والاتصالات مستمرة بين وزراء دول اعضاء في اللجنة او سفراء الدول في لبنان، الذين قاموا بتحرك تجاه الكتل النيابية والمراجع الرسمية والسياسية والروحية، لكنهم لم يتوصلوا الى حل بعد، اذ ما زالت لقاءاتهم التي تعقد بينهم تدور في “حلقة مفرغة”، وفق معلومات عن حراك اللجنة التي ستعاود نشاطها خلال الايام المقبلة، بعد اللقاء الذي جمع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف – لودريان والوزير السعودي المفوض نزار العلولا في حضور السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، الذي سيعود من المملكة ويطلع زملاءه في اللجنة على ما دار في لقاء العلا، وهي المنطقة التي جمعت لودريان والعلولا، وما اذا اتفقا على آلية الحل الذي لا يبدو انه قريب، وفق ما رشح من اللقاء الفرنسي – السعودي، لان الاطراف اللبنانية لم تساعد اللجنة في التقدم نحو الحل للازمة الرئاسية، الا اذا اتفق اعضاؤها وفرضوه، وهذا ما سيحصل لاحقا.
ومع اللقاء الفرنسي – السعودي في العلا وانعقاد “اللجنة الخماسية” في وقت قريب، فان الكتل النيابية تنتظر صيغة الحل الخارجي لانتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما كان اللبنانيون يترقبونه منذ عقود ومع كل استحقاق رئاسي، الذي لم يمنع اطرافا داخلية تتقصى المعلومات حول ما يجري بين اعضاء اللجنة، فتحركت الكتلة لاعادة تفعيل مبادرتها واقله التذكير بها بعد ان ادخل الرئيس بري تعديلاته على مبادرته التي تتلاقى معها الكتلة، فتحدثت عن التشاور بدلا من الحوار ويتداعى النواب اليه، وهو ما لم يوافق عليه رئيس مجلس النواب لانه صاحب الصلاحية بدعوة النواب، وهذا ما تقف ضده “القوات اللبنانية” التي وافقت على مبادرة الكتلة لانها تتفق مع طروحاتها.
وبدأت الكتلة تنشيط حركتها في اطار مبادرتها التي لم تغير فيها سوى ما يؤكد على دور لرئيس مجلس النواب، فهي وضعت نفسها في حالة تأهب قصوى كما قال النائب سجيع عطية لـ “الديار” كاشفا عن ان الكتلة ستعاود اتصالاتها مع كل الكتل، بعد ان بدأت تظهر بوادر امل في انتخاب رئيس للجمهورية ، وفسحة الامل يجب ان يستغلها اللبنانيون في اطار انجاز الاستحقاق الرئاسي.
فالمرونة التي بدأت تظهر في الداخل اللبناني من الرئيس بري وحضور حزب الله الحوار، واتساع رقعة التأييد المسيحي لمبادرة بري الا عند “القوات اللبنانية”، وتجاوب بعض النواب “التغييريين” مع الحوار، هو ما يترك عطيه يتفاءل بالحل مع زملائه في الكتلة مستندا ايضا الى عوامل خارجية، منها اللقاء الفرنسي – السعودي والانتخابات الرئاسية الاميركية، الى احتمال الوصول الى هدنة في الحرب “الاسرائيلية” على غزة والتقارب السعودي – الايراني والسعودي – السوري، وقبل ذلك دعوة سوريا الى القمة العربية حيث تشكل هذه التطورات مداخل ايجابية باتجاه الحل الرئاسي، الذي لا بد من مساعدة الداخل للخارج في انضاجه.
فالكتلة لم تدخل تعديلا على مبادرتها، بل هي رأت ان ظروفا داخلية واخرى خارجية قد تعطي ثمارها، ويتم حصد ثمرة انتخاب رئيس للجمهورية في موسم منتج، من خلال زراعة بذور الامل في حل تفضله الكتلة لبنانيا، ولا تمانع اذا ما جاء من الخارج بمساعدة الاصدقاء يقول عطية الذي يبدي قلقه اذا لم يحصل انتخاب رئيس للجمهورية بان يتواصل الانهيار لمؤسسات الدولة، التي بحاجة الى ان تعود مع وجود رئيس للجمهورية، ومن خلاله يعاد العمل في كل السلطات والمؤسسات.