الحزب يرمّم منظومته التنظيمية وانتخاب نعيم قاسم انتظام لمسار «نصرالله»
كتبت وفاء بيضون في “اللواء”:
لم يمضِ وقت طويل على الضربات التي تلقّاها «حزب لله» وخاصة في منظومة القيادة السياسية والعسكرية، لينهض الحزب مجدداً من التئام جروح ظنّها البعض أنها قاضية على الهيكلية الحزبية بدءاً من اغتيال الأمين العام الشهيد السيد حسن نصر لله، مروراً بالقادة الميدانيين، وصولاً الى اغتيال رئيس المجلس التنفيذي والخلف المرتقب والمتوقع للأمين العام الشهيد.
الكيان الإسرائيلي اعتبر أن ما جرى قد يؤهّله لخوض معركة يستبق من خلالها النتائج السياسية التي أراد تسويقها عبر مواقف قادته من جهة، أو من خلال المبعوثين الدوليين لا سيما الأميركي «آموس هوكشتاين» من جهة أخرى؛ معتبراً، أي العدو الإسرائيلي، أن كيانه بات يمتلك كل أوراق القوة التي تخوّله فرض الشروط اللاواقعية على لبنان.
من هنا، وبعد حسم مصير رئيس المجلس التنفيذي لـ «حزب لله» السيد هاشم صفي الدين، ونعيه رسمياً من قبل الحزب، والذي كان الخليفة المرجّح للأمين العام الشهيد السيد حسن نصر لله، بعد اغتياله في السابع والعشرين من أيلول الماضي بغارة كبيرة استعمل فيها العدو أكثر من ثمانين طناً من المتفجرات بصواريخ مجهزة لاختراق الترسانات الإسمنتية.
يقول المقرّبون من «حزب لله»: إن إعلان انتخاب الشيخ نعيم قاسم شكّل مفاجأة لكثيرين، كونه لم يكن مصنفاً كمرشح جديّ لمنصب الأمين العام، رغم أنه شغل منصب نائب الأمين العام منذ ما قبل وصول السيد نصر لله إلى الأمانة العامة عقب اغتيال السيد عباس الموسوي في 16 شباط 1992، واستمر فيه طيلة ولايته، حتى كان أول من أطلّ أمام الرأي العام بعد اغتيال السيد حسن نصرالله.
ومع أن أكثر التوقعات لدى المراقبين كانت تذهب في تقديراتها إلى أنّ «حزب لله» سيرجئ هذا الاستحقاق إلى ما بعد وقف إطلاق النار، بدليل اعتماده خطة القيادة الجماعية في الآونة الأخيرة، لإدراكه أن أي شخصا يعلن أميناً عاماً سيصبح هدفاً مباشراً للاغتيال، وهذا ما أكدته مواقف قادة «إسرائيل» خاصة وزير الدفاع يوآف غالانت بوضعه «قاسم» في خانة الاستهداف.
وترى المصادر المطّلعة، أنه ثمّة علامات استفهام تُطرح، حول إنجاز الاستحقاق في هذا التوقيت، وقبل انتهاء الحرب، وهل في ذلك دليل عافية فعلاً، كما قال العديد من المقرّبين من الحزب؟
من هنا تقول المصادر المطّلعة، أن مجموعة رسائل أراد «حزب لله» توجيهها شكلاً ومضموناً، وهي تستكمل ما سبقها من رسائل الطمأنة ورفع المعنويات، التي يحاول بثّها في الجمهور منذ اغتيال السيد نصر لله، بالإضافة الى رسائل الصمود والتماسك والقدرة العسكرية الموجهة للإسرائيليين، وأهمها أن سياسة الاغتيالات لم ولن تؤثر على قوته ولن تغيّر في واقع الميدان شيئاً، بل زادت من عزم المقاومة التي ارتفعت وتيرة عملياتها بشكل كبير على مستوى الوسائط الصاروخية بمختلف الأعيرة من جهة، والمديات الجغرافية من جهة ثانية.
إذن، تمكّن الحزب من ترميم ما تصدّع وبشكل سريع، ما يوحي بأن خطط الحزب تلحظ التراتبيات والتوقعات الميدانية. وهي أعدّت العدّة بشكل فعّال، وقد كشفت عن منشأة عماد خمسة في رسالة جليّة بأن قدراتها الصاروخية الاستراتيجية لم تزل في الميدان لتقبل أي مستجد قد يغيّر في واقع الصراع والمواجهة. وبهذا المعنى، فإنّ الرسالة الأساسية التي يحاول حزب لله إيصالها، هي أنّه استعاد السيطرة التنظيمية ومعها العسكرية، وبات يتطلّع إلى ما بعد الاغتيالات، على قاعدة أن الكلمة للميدان وأن الحزب جاهز لحرب طويلة الأمد، وقد هيّأ نفسه لها مهما بلغت التضحيات وفق ما حدّده الأمين العام الشهيد وطبقاً للخطط السابقة لكل احتمالات الحرب ونتائجها.