كلام الحاج محمد عفيف جاء خلال مأدبة افطار للقاء الوطني الاعلامي.
ألقى مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله” الحاج محمد عفيف مطالعة سياسية شاملة تطرق فيها الى الوضع في غزة وجنوب لبنان ومسألة رئاسة الجمهورية.
قال عفيف: “بالتحليل البسيط يوجد ما يكفي من الأسباب للذهاب الى الحرب، ويوجد ما يكفي من الأسباب لعدم الذهاب الى الحرب، والأرجح حاليا هو عدم الذهاب الى الحرب، ولكن لا يوجد رابط لغاية الآن بين ما يحصل في غزّة وفي جبهة الجنوب وبين موضوع رئاسة الجمهورية، وما قاله جبران باسيل وسمير جعجع والكتائب والبطريرك حول ربط لا نقبل أن يستخدم، ولا نقبل أن تحصل مقايضة بين رئاسة الجمهورية والحرب في غزّة”. أضاف: “إن هذا الأمر ليس مطروحا بالأصل، ولا نقبل به، ولم يحك معنا أحد في هذا الموضوع، ولا يوجد له اي أساس من الصحة بل تمّ خلقه من بنات أفكار أحدهم إذ اعتبر بأن “حزب الله” إذا تحول الى رابح في حرب غزة فسوف يأخذ مرشحه لرئاسة الجمهورية. هذا له علاقة بالصراع السياسي الداخلي، ولكن لم تأت أية مبادرة ولم تطرح أية فكرة من نوع أنه نتيجة حرب غزّة يجب مقايضة الوضع في جنوب لبنان مقابل رئاسة الجمهورية، هذا ليس مطروحا على الاطلاق”.
وتحدث عفيف عن خطورة المفاوضات السياسية وكيف يمكنها أن تقلب موازين القوى، فقال: للحرب مسارات متعددة منها العسكري والميداني والسياسي والاعلامي، فضلا عن الجوانب الاخرى كالوضع الاقتصادي والمجتمع والبنية الداخلية. بطبيعة الحال، يعتبر المسار السياسي هو أخطر المسارات. يمكن لهذا المسار أن يقلب نتائج الحرب بالمفاوضات على الطاولة ويحولك من رابح الى خاسر…والعكس صحيح، […] إن المسار السياسي خطر لأنه هو من يترجم نتائج العمل العسكري، بمعنى أنه يمكنك أن تربح الميدان، وأن تخسر المفاوضات، وربما أن يحصل العكس في حالات نادرة”. وأشار مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله”:
“إن واقع المفاوضات السياسية اليوم بين العدو والمقاومة متوقّف، لا يوجد مسار سياسي، إن الورقة المصرية هي الورقة الوحيدة التي اعتبرتها “حماس” تقريبا بمثابة صك استسلام، فرفضتها، وخصوصا “حماس” في الدّاخل، إذ اعتبرت أنه يتم التعامل معها وكأنها مهزومة، فيما هي تقاتل منذ ثلاثة أشهر، وتقول: لا يزال لدينا سلاح وذخيرة وقدرة على ارسال الصواريخ الى تل أبيب، وأنتم تجلبون لنا ورقة هزيمة. رفضت “حماس” هذه الورقة. وهذا يعكس ضمنا قدرة المقاومة، لو لم تكن المقاومة مقتدرة لكانت الورقة المصرية جاهزة: وقف اطلاق نار، مفاوضات على الأسرى اخراج “حماس” رفض حكومة لـ”حماس” في غزّة الخ…ولكن المقاومة رفضت هذا الموضوع لأنها قوية ومقتدرة، منذ ذلك الحين انتهت المفاوضات السياسية عمليا”.
ولفت الحاج محمد عفيف الى أن “الجبهة اللبنانية لغاية الآن هي أشد تعقيدا بأشواط من جبهة غزّة، لأنها جبهة تتداخل فيها الضغوط السياسية والدبلوماسية والعمل الميداني”.
وكشف عفيف:” إذا كنا نقول بأن “حماس” قادرة على الصمود بعد مرور ثلاثة أشهر على الأقل بهذا الوضع، وبعد استنفاد اسرائيل لكل الخيارات الموجودة، فحتما نؤكد ما قلناه سابقا بأننا لم نستخدم سوى 5 في المئة أو 10 في المئة من قدرة المقاومة في لبنان، وهذا أمر واقع، بل نكاد نقول بأننا لا زلنا في البدايات، نحن نتعامل مع التكتيكات القتالية الاسرائيلية بتكتيكات مضادة، ولكن عمليا لا يتم استخدام كافة انواع الاسلحة ولا كل القدرة القتالية المتوفرة للمقاومة في معركة الجنوب لاعتبارات لن نشرحها الآن”.
وروى عفيف كيف تدرجت الضغوط الاسرائيلية والاوروبية الأميركية على لبنان فقال:” دار النقاش حول جدوى هذه الجبهة، وحكى سماحة السيد بهذا الموضوع لمرتين متتاليتين، فالحديث غير موجه لإسرائيل التي ترسل الموفدين للضغط لوقف الحرب، تنقل الاسرائيلي في موضوع جبهة الجنوب بثلاثة مراحل: التهديد الاسرائيلي المباشر ثم التحذير الاوروبي عبر الوسطاء والموفدين الاوروبيين (برنار إيمييه كاترين كولونا وجوزيب بوريل وآخرين) بأن اسرائيل ستهجم على لبنان، طيّب إذا صحّ الأمر لم ارسال كل هؤلاء الموفدين؟ هل يعطوننا إنذار لكي نستعد؟ لا، يرسلون هؤلاء الموفدين حتى تحاول اسرائيل ان تحصل على نصر في السياسة في لبنان وهو ما عجزت عن تحقيقه في الميدان في غزّة. وكان الجواب لدينا أنه عندما تتوقف الحرب في غزة تتوقف الحرب في لبنان”.
وأشار عفيف:” حصل عبء كبير، من هنا جاء الموفدون ولما رأوا كم نحن متمسكين بموقفنا الصرف لأسباب أخلاقية أولا ثمّ لأسباب استراتيجية ثانيا، ثم لأسباب سياسية تتعلق بمصلحة لبنان، سحب هؤلاء الاغراء ووضعوا مكانه مجددا التهديد الاسرائيلي. ولذلك من يقف الآن خلف التهديد هم الأميركيين، وبالتالي جاء الكلام عن اعطائنا “فرصة أسابيع قد نستطيع فيها أن نؤخر الحرب على لبنان، ولكننا لا نستطيع أن نمنع الحرب على لبنان”، هذه هي العبارة التي قالها هوكشتاين [الموفد الأميركي آموس هوكشتاين] بالضبط، وبالرغم أنه كانت قد وصلته الإجابات المسبقة على هذا الموضوع”.
وتحدث عفيف “عن إمكانية تحويل التهديد الى فرصة لتحقيق المصالح الوطنية في لبنان، لأنه بعد انتهاء الحرب لن يعود سكان المستوطنات الى المستوطنات، ولن تكون هنالك حياة في المستوطنات. لذا، هو مضطر أن يعود مجددا الى لبنان ويسأل: ماذا تريدون؟ سيضع العروض على الطاولة، وسيقول أن جلّ ما نصبو اليه هو أن يعود الوضع الى ما كان عليه قبل 8 أكتوبر، وسيقول لنحك بتسوية معينة في الجنوب، في مزارع شبعا ومطالب لبنان، ولكن نحتاج الى الهدوء في الجنوب. ما يعني أنه توجد فرصة لتحقيق مصالح وطنية لم تكن لتحصل أو لتتحقق إلا عبر اشتراك المقاومة في لبنان في حرب الاسناد الى جانب اخواننا الفلسطينيين في غزّة”.
وبحديثه عن جبهة غزّة قال عفيف أن ليس لحركة مقاومة أن تنتصر في مواجهة كلاسيكية، “ولكن حسب حركة المقاومة ألا تهزم وحسبها أن تربك العدو وأن تشغله وأن تمنعه من تحقيق النصر”. أضاف:” واقعا، فإن الاسرائيلي عجز اليوم عن الحصول على صورة نصر، لا في غزّة ولا في لبنان، وبالعكس، فإن كل المحاولات الأميركية التي تحصل، هي محاولة للبحث عن صورة نصر. كتب توماس فريدمان مقالا في إحدة محطات هذه الحرب، يقول فيه للاسرائيليين، أعلنوا الانتصار فقد قتلتهم صالح العاروري. ولكن، بعد مرور 3 أشهر من التدمير والقتل المنهجي والجرائم، عثروا على الحذاء القديم ليحي السنوار. قاتل الجيش الاسرائيلي ثلاثة أشهر حتى يصل الى حذاء يحي السنوار. ومن هنا، وصف سماحة السيّد ما يحصل في غزّة بـ”المعجزة”، وهي معجزة عن حق. فمن كا ليتخيّل بأن نصل الى هذه المرحلة بعد مرور مئة يوم؟”