التهويل يسابق التصعيد
كتبت جريدة “الأخبار”:
لا يزال الجميع في انتظار النتيجة النهائية للاتصالات الجارية من دون توقف بشأن صفقة وقف إطلاق النار في غزة، بالتزامن مع تكثيف الاتصالات الغربية لاحتواء التصعيد المحتمل مع لبنان وإيران. غير أن التعثّر الواضح في المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية، رفع من منسوب الخشية من تدهور الوضع في غزة، وتوسّع المواجهات في ساحات الإسناد.وبالتزامن مع توسّع المواجهات بين المقاومة الإسلامية وقوات الاحتلال على الجبهة اللبنانية، رفع قادة العدو من مستوى تهديداتهم ضد حزب الله، وسط عملية تهويل إعلامية كبيرة في الإعلام الإسرائيلي حول «نقل قوات من غزة إلى الشمال وإيلاء أهمية أكبر لجبهة لبنان»، واستعدادات لتوجيه ضربات رداً على ما سماه الناطق باسم الجيش «قصف حزب الله منشآت مدنية». وصرّح رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بعد جولة في قاعدة «رمات ديفيد» قرب الحدود مع لبنان، بـ«أننا مستعدّون لأي سيناريو سواء في الدفاع أو الهجوم. سلاح الجو هو القبضة الحديد التي نستخدمها لضرب نقاط ضعف أعدائنا». احتمالات توسّع الحرب وردت أيضاً على لسان الرئيس الجديد للاستخبارات العسكرية شلومي بندر وسلفه المنتهية ولايته أهارون هاليفا، إذ قال الأول إن «احتمالات التوسع قائمة»، فيما أشار الثاني إلى أن هذه الإمكانية «موجودة على الطاولة».
كذلك انخرط خصوم الحزب في لبنان في حملة التهويل بالحديث عن حرب وشيكة، وحتى «خلال ساعات»، بما يظهر تجدّد رهانات هؤلاء على توجيه إسرائيل ضربة كبيرة إلى المقاومة لاستثمارها في الداخل. فيما تجاهل الحزب هذه الحملات، وبقي على موقفه الرافض للاستماع إلى أي رسائل تهديد تولّى دبلوماسيون وسياسيون نقلها في الفترة الأخيرة، وأكّد على لسان النائب إبراهيم الموسوي أن الرد على اغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر قائم بمعزل عن كل ما يقال من العدو أو غيره.
وبعدما شنّ طيران العدو غارات ليل أول من أمس على بلدات بقاعية، زعم أنها استهدفت مواقع للمقاومة وأدّت إلى سقوط شهيد و19 جريحاً من المدنيين، ردّت المقاومة أمس بإدخال مواقع جديدة على لائحة الاستهدافات في مناطق داخل العمق الإسرائيلي. وفيما كان رئيس وزراء العدو يستعرض في قاعدة رامات دافيد الجوية في محاولة لترميم شيء من صورة الردع، نشرت وسائل الإعلام العبرية مشاهد الدمار الذي خلّفته صواريخ حزب الله في مستوطنة «كتسرين» في الجولان، ووضعتها في إطار إثبات المزيد من تآكل الردع الإسرائيلي، علماً أن الإجراءات الأمنية فرضت على نتنياهو أن تقتصر جولته الشمالية على زيارة القاعدة التي تبعد عن الحدود اللبنانية نحو خمسة كيلومترات.
وأدّى وابل من الصواريخ أطلقته المقاومة على المستوطنة إلى تدمير خمسة منازل تلقّت ضربات مباشرة، وإصابة مستوطن بجروح متوسطة. وعقب ذلك، أوصت البلدية السكان الذين أصيبوا بالهلع، وآخر بجروح متوسطة الخطورة، بالبقاء في الأماكن المحصّنة وعدم التجوّل. وبعد تفقّده المستوطنة، صرّح وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير بأن «كتسرين كتل أبيب. لا حديث مع حزب الله بل توجيه فوهات المدافع، وأحد أسباب مطالبتي بدخول الكابينت المصغّر هو ما يحدث هنا». ودعا إلى بدء معركة واسعة ضد حزب الله، و«يجب أن نهاجم، وأن نفتح معركة. هذه هي الفرصة، ويجب ألا نفوّتها». فيما طُرح على النقاش في إسرائيل حول كيفية التعامل مع قصف المستوطنة، إذ نقل معلّقون بأن الجيش طلب من الحكومة أن يكون هناك رد، معتبراً أن الضربة «رد عالي السقف من حزب الله».
تعامل جيش العدو مع قصف مستوطنة كتسرين في الجولان كـ «رد عالي السقف من حزب الله»
ونقل موقع «واينت» عن المستوطن بني كوهين، الذي يسكن بجانب أحد البيوت التي احترقت بالكامل، أنه «نحو الثامنة صباحاً انطلقت صافرات الإنذار تلتها صواريخ ضربت مناطق واسعة، وتسببت بحرق منزلين مجاورين في الحي»، وأضاف: «لم يسمحوا لنا بالخروج أو التجوّل في البلدة، وقاموا بإغلاق الطرق. أشاهد أعمدة الدخان تتصاعد من المناطق المفتوحة التي سقطت فيها صواريخ»، مشيراً إلى أنه «هذا اليوم الثاني الذي نعايش فيه تأهّباً عالياً». وقال رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات الجولان، أوري كلنير، للموقع «إن معجزة حصلت هنا لأن أحداً لم يُصب بجروح خطيرة في ظل الدمار الذي أشاهده». وأضاف: «لا أحد محميّ، والصواريخ تسقط في كل مكان»، محمّلاً «حكومة إسرائيل المسؤولية، وعليها إعادة الأمن وأن تأمر الجيش بنقل المعركة إلى خارج الحدود». فيما قال رئيس بلدية المستوطنة في اتصال مع صحيفة «معاريف» إن «هناك عدداً كبيراً من المصابين بحالات الهلع وحالتهم النفسية غير بسيطة على الإطلاق، فصوت الانفجارات كان قوياً، وكثير من الشظايا تطايرت في الجو».
وشهد يوم أمس كثافة في العمليات النوعية للمقاومة التي استهدفت دبابة «ميركافا» في موقع العباسية بصاروخ موجّه أصابها إصابة مباشرة. كما استهدف المقاومون مجموعة من جنود العدو في محيط ثكنة زرعيت بقذائف المدفعية.
ورداً على الاعتداء الإسرائيلي على البقاع، قصفت المقاومة الإسلامية قاعدة تسنوبار اللوجستية في الجولان السوري المحتل بصليات من صواريخ كاتيوشا، وشنّت هجوماً جوياً بأسراب من المُسيّرات الانقضاضية على المقر الاحتياطي للفيلق الشمالي وقاعدة تمركز احتياط فرقة الجليل ومخازنها اللوجستية في عميعاد، مستهدفة مراكز القيادة وأماكن تموضع ضباطها وجنودها و«أصابت أهدافها بدقّة».
كذلك استهدفت المقاومة، رداً على الاعتداء الإسرائيلي والاغتيال في بلدة بيت ليف، موقع حدب يارون بمحلّقة انقضاضية، وقصفت ثكنة راميم (مقر قيادي كتائبي تشغله حالياً قوات من لواء غولاني) بصلية من صواريخ الكاتيوشا، كما استهدفت موقعَي المالكية وحدب يارون، وتموضعات لجنود العدو في موقع مسكفعام، والتجهيزات التجسسية في موقع بركة ريشا، إضافة إلى ثكنتَي زرعيت وراموت نفتالي بِصليةٍ من صواريخ الكاتيوشا.