التلويح الأميركي بعقوبات ضدّ بري دون مضبطة اتهام ولسحب ترشيح فرنجية
الديار- كمال ذبيان
الديار- كمال ذبيان
تهوِّل الولايات المتحدة الاميركية بفرض عقوبات على الرئيس نبيه بري اذا لم ينجز مجلس النواب انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما لمّحت اليه نائبة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى بربارا ليف، التي سبق لها وتوعّدت لبنان قبل اشهر، بانه سيشهد تفككاً داخلياً، يشمل كل مؤسساته، بما فيها العسكرية والامنية، وسيعاد بعد ذلك تشكيل نظام سياسي جديد.
فالعقوبات لجأت اليها واشنطن منذ عقود، وبدأت مع خمسينات القرن الماضي، ففرضت حصاراً على كوبا، وعلى كل دولة لا تخضع للشروط الاميركية، وتسير في مخططات ومشاريع الادارات الاميركية المتعاقبة، سواء كانت من الحزب الجمهوري او الديموقراطي، وهو ما استخدم في التاريخ القريب ضد ليبيا التي اتهمت بتفجير طائرة «لوكوربي»، ثم ضد العراق في ظل نظام الرئيس صدام حسين، وتوسع الى السودان، ووصل الى سوريا، وقبلهم ايران…
وفي كل العقوبات التي كانت تأخذها اميركا سواء في الكونغرس او مجلس النواب الاميركي، والمؤسسات الاميركية، كان العدو الاسرائيلي مستثنى منها، لا بل ان العقوبات كانت تُفرض على دول مناهضة للكيان الصهيوني، او تخوض مقاومة ضد احتلاله سواء في لبنان او فلسطين والجولان السوري المحتل.
فالانحياز الاميركي «للدولة العبرية» واضح، وتقديم امنها وحمايته، كاستراتيجية اميركية ثابتة، وهو ما يدلي به مسؤولون اميركيون دون تمييز، لكن بعد خروجهم من السلطة يعلنون الحقيقة ويكشفون عن اكاذيبهم، كما فعل وزير الخارجية الاميركية الاسبق كولن باول، الذي عاد ونفى وجود اسلحة دمار شامل، في العراق كتبرير لغزوه، بقرار من الادارة الاميركية، برئاسة جورج بوش الابن واعتبر باول ما قام به في مجلس الامن الدولي بعرض صور مزوّرة لاسلحة الدمار الشامل، كان عاراً عليه وعلى بلاده، ومثل باول خرج العشرات من الذين كانوا في موقع القرار الاميركي، يكشفون عن خداع الشعب الاميركي والعالم، حيث اعترفت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون، بان بلادها، كانت وراء ما سُمي «ربيع عربي» لاسقاط انظمة عربية ووصول «الاخوان المسلمين» الى الحكم، والذي بدأ مع تبوؤ حزب «العدالة والتنمية» (الاخواني) السلطة في تركيا عام 2002 وما زال، حيث ادى هذا الربيع الى حروب ودمار وتهجير.
وللبنان مخطط اميركي، هو جره الى «الفوضى الخلاقة»، التي بدأت تحرك قوى عام 2004، لتطبيق القرار الدولي 1559 الذي يدعو الى اخراج القوات السورية، ونزع سلاح المقاومة، فحصل في بند انسحاب الجيش السوري طوعاً بقرار من الرئيس بشار الاسد، بعد اسبوعين من اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 ووقف «السياديون» عند موضوع نزع سلاح «حزب الله»، فلم يتمكنوا فلجأت اميركا الى الحرب واعطت الضوء الاخضر لشن «اسرائيل» عدوانها في صيف 2006، لكن «الشرق الاوسط الكبير»، لم يتحقق كما ارادت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس، ولم تتمكن «اسرائيل»، من تدمير سلاح المقاومة لا سيما الصواريخ بعد 33 يوماً من الحرب.
لذلك فان لبنان تحت المرمى الاميركي دائماً، وهذه المرة من باب انتخابات رئاسة الجمهورية، واتهام مباشر من الادارة الاميركية، للرئيس نبيه بري بانه هو من يعطّل عقد جلسات لانتخاب الرئيس، يشاركه في ذلك «حزب الله» الذي يريد فرض مرشحه، وفق ما يقول مسؤولون في واشنطن التي سبق لها وارسلت رسالة للرئيس بري بفرض عقوبات على النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، ومعهما الوزير السابق يوسف فنيانوس، القيادي في «تيار المردة» الذي يرأسه سليمان فرنجية مرشح الثنائي «امل» و»حزب الله» وحلفاء لهما، واتبع ذلك فرض عقوبات على رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، لانه حليف «حزب الله»، وقد تم تغليف العقوبات بعنوان الفساد، الموجود ايضاً عند حلفاء اميركا ايضاً.
فالتلويح بالعقوبات الاميركية، للضغط على الرئيس بري لدعوة مجلس النواب للانعقاد، ليس مضبطة اتهام ضده، وفق ما يقول مصدر مقرب من بري، الذي سبق له ودعا الى 11 جلسة، ولم يتوصل النواب الى انتخاب رئيس، وكانت تجري عملية الاقتراع، وهو اعلن اكثر من مرة انه يفتح ابواب المجلس، عندما يترشح شخصان او اكثر ويتنافسون، اما ان يدعو لجلسة من اجل الدعوة، فلن يكررها، مهما كان التهويل عليه.
وسبق للرئيس بري، ان اعلن موعد 15 حزيران، ليدعو المجلس النيابي، لا سيما اذا وُجد مرشحان اقله، فكيف لا ترى الادارة الاميركية ذلك، التي تتخذ من الدعوة لعقد جلسة لمجلس النواب، ذريعة لاستهداف بري سياسياً من موقعه الحليف «لحزب الله» كمقاومة، ولحفظ الاستقرار والامن في بيئتهما الشعبية، كما يؤكد المصدر الذي يشير الى انه لو دعا الرئيس بري الى جلسة يتوقف التهديد بالعقوبات، وقد سبق وفي استحقاقات رئاسية سابقة، ان حصل الشغور الرئاسي، سنوات ولم يكن الاهتمام الاميركي بهذا الحماس، فلماذا في هذه المرحلة وما هي الاسباب الفعلية والحقيقية يقول المصدر، هل لسحب ترشيح فرنجية؟
فما تريده اميركا من التلويح بالعقوبات الامــيركية، على رئيس مجلس النواب، هو حجز لها موقع في الاستحقاق الرئاسي، كطرف اســاسي في عملية الترشيح، وهذا هو دورها منذ العام 1958، عندها حصلت تسوية مصرية ـ اميركية اتت بقائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، وهذا ما كاد يحــصل عند اتفاق الرئيس السوري حافظ الاسد مع الموفد الاميركي ريتشارد مورفي على اسم النائب الراحل مخايل الضاهر، فرفضته القوى المسيحية، وحصلت «الفوضى» السياسية والدستورية والعسكرية، بعد انتهاء ولاية امين الجميل في 23 ايلول 1988.