كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:
شكّل البيان المشترك الأميركي- القطري- المصري الذي أعلن أنّه “حان الوقت لإبرام إتفاق لوقف إطلاق النار في غزّة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين”، نافذة أمل في الصراع الدائر في لبنان والمنطقة. غير أنّ التصعيد الأخير من قبل العدو الاسرائيلي في غزّة الذي استهدف مدرسة التابعين، وأدّى الى استشهاد أكثر من 100 شخص من الأطفال والنساء، من شأنه تقويض الجهود الرامية لوقف إطلاق النار وتبادل المعتقلين.
ما جعل البعض يعتبرون أنّ هذه الدعوة لاستكمال المفاوضات الخميس المقبل في 15 آب الجاري، ستكون كسابقاتها أي من دون نتيجة عملية وملموسة..
وإذ تحدّث البيان عن “عدم إضاعة المزيد من الوقت، وألّا تكون هناك أعذار لمزيد من التأجيل”، لا سيما من قبل طرفي النزاع المعنيين أي حماس و “إسرائيل”. كما أكّد الأميركي والقطري والمصري في بيانهم أنّهم كوسطاء “مستعدّون، إذا اقتضت الضرورة لطرح مقترح نهائي لتسوية الأمور المتعلّقة بالتنفيذ”، لا يبدو أنّ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يريد إنهاء الحرب في غزّة، أو الذهاب الى تسوية للصراع والى صفقة لتبادل الأسرى والرهائن. فالمواجهات العسكرية المستمرة بشكل تصاعدي، إن في قطاع غزّة أو عند الجبهة الجنوبية، لا تشير الى قرب التوصّل الى الهدنة المرجوة. إلّا أنّ الدول الثلاث الوسيطة، بحسب المعلومات، تصرّ هذه المرة على المساهمة في إبرام هذا الاتفاق.
وهذا الاتفاق المرتقب منذ فترة، يهدف الى التوصّل الى هدنة طويلة الأمد، على ما تقول مصادر سياسية مطلّعة، في حال نجحت الدول الوسيطة في إبرامه من خلال استئناف المفاوضات يوم الخميس المقبل، فلا بدّ من ان ينعكس على الجبهات وأن يؤثّر ذلك في ردّ جبهة المقاومة على عمليتي اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والمستشار العسكري للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله فؤاد شكر، في حال لم يأتِ الردّ قبل البدء بالمناقشات العاجلة في الدوحة أو في القاهرة بشأن وقف إطلاق النار.
ولكن كيف؟ تُجيب المصادر بأن أي اتفاق سوف يُتخذ جرّاء البيان المشترك بشأن وقف إطلاق النار في غزّة وفي جنوب لبنان، لن يغيّر موقف إيران وحزب الله من الردّ على اغتيال هنيّة على أراضيها، وعلى اغتيال شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، إنّما قد يكون له تأثير في حجم وزمن أي توقيت الردّ. فالمطلب الأول لطهران اليوم هو وقف المجازر “الإسرائيلية” في قطاع غزّة، والاتفاق على هدنة توقف القتال وتتيح لصفقة تبادل الأسرى والرهائن، بدلاً من الاستمرار في القتال، أو تحوّل الحرب الى شاملة في المنطقة. كذلك فإنّ حزب الله، ينادي بضرورة الانسحاب “الإسرائيلي” من الأراضي المحتلّة لا سيما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر.
ولو كانت الإدارة الأميركية والرئيس جو بايدن يريدان فعلاً وقف إطلاق النار في غزّة، ووقف المجازر الحاصلة في القطاع ضدّ المدنيين، والتصعيد عند الجبهة الجنوبية، على ما تابعت المصادر، لكانا فَعَلا سيما أنّ نتنياهو لا يمكنه الاستمرار في حربه ، من دون التمويل والدعم الأميركيين. أمّا مواصلة هذه الحرب، والمجازر اليومية التي تستهدف المدنيين من دون أي تحرّك دولي ضدّها، فهي وصمة عار لعهد بايدن الذي يتحدّث عن أنّه لا يريد الحرب ولا يريد التصعيد، في حين أنّ “الإسرائيلي” ماضِ في مجازره البشعة ضدّ المدنيين من دون أي رادع قانوني وأخلاقي وإنساني.
وكشفت المصادر نفسها أنّ الدول الثلاث الوسيطة تعمل على إيجاد المقترح النهائي لتسوية الأمور المتعلّقة بتنفيذ الهدنة. وهذا المقترح سوف يتمّ بحثه خلال المناقشات العاجلة التي وافقت الأطراف المعنية على استئنافها الخميس المقبل… ويستند، بحسب معلومات الوسطاء، إلى المبادئ التي طرحها بايدن في 31 أيّار الفائت، وتمّ اقرارها في قرار مجلس الأمن رقم 2735. وقد أشار القرار المذكور الى أنّ تنفيذ هذا الاقتراح سيمكّن من تحقيق النتائج الموزّعة على 3 مراحل:
– الأولى: تتعلّق بالوقف الفوري والكامل والتام لإطلاق النار مع إطلاق سراح الرهائن، وإعادة رفات الذين قُتلوا، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب القوات “الإسرائيلية” من المناطق المأهولة بالسكّان في غزّة، وعودة المدنيين الى ديارهم. فضلاً عن التوزيع الآمن والفعّال للمساعدات الإنسانية.
– الثانية: وقف دائم للأعمال العدائية باتفاق من الطرفين، مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الذين يظلّون في غزّة، وانسحاب كامل للقوات “الإسرائيلية” من القطاع.
– الثالثة: تنصّ على الشروع في خطة كبرى متعدّدة السنوات لإعادة إعمار غزّة، وإعادة ما يبقى في القطاع من رفات أي رهائن متوفين الى أسرهم.
وترى المصادر أنّه في حال جرى الاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى، فإنّ ذلك سيكون كافياً في الفترة الراهنة. علماً بأنّ الاقتراح يشير الى أنّه في حال استغرقت المفاوضات أكثر من 6 أسابيع للمرحلة الأولى، فإنّ وقف إطلاق النار يظلّ مستمرّاً طالما استمرّت المفاوضات.
وكان لبنان، عبر وزير خارجيته الدكتور عبد الله بو حبيب قد أعلن أنّ حكومة بلاده “تعتزم دعم وتقديم مقترح جديد لاستكمال تنفيذ البنود الأخرى (في ما خصّ اتفاق الهدنة في غزّة) بطريقة تُرضي جميع الأطراف المعنية”، ولكنه لم يشرح تفاصيل هذا المقترح. وذكرت المصادر عينها أنّ الجهود تنصبّ بهدف سدّ الثغر المتبقية وبدء تنفيذ الإتفاق على النحو الذي يلبّي توقّعات جميع الأطراف، من دون أي تأجيل جديد. علماً بأنّ والد أسير “إسرائيلي” أعلن أنّه “كلّما اقتربنا من إبرام صفقة تبادل، يُفشّلها نتنياهو بعملية لإرضاء وزيرين متعطّشين للدماء”.