الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

التشييع وتنظيمه أثبت حضور الحزب في المعادلة الداخلية.. كان رهانٌ على جمهور المقاومة وقاسم حدّد ماذا بعد

التشييع وتنظيمه أثبت حضور الحزب في المعادلة الداخلية.. كان رهانٌ على جمهور المقاومة وقاسم حدّد ماذا بعد

كتب غاصب المختار في “اللواء”:

كانت التساؤلات تدور خلال الأيام الماضية حول ما يمكن أن يحشده حزب الله وحلفاؤه في تشييع الأمينين العامين للحزب الشهيدين الكبيرين السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وهل ان شعبية الحزب تدنّت فعلا بعد الحرب نتيجة الدمار الذي لحق بالقرى الجنوبية والبقاعية وبعض قرى الجبل وفي الضاحية الجنوبية وطال جمهور المقاومة بشكل أساسي.

لكن تباشير المشاركة الشعبية بدأت منذ نهار السبت، بتوافد قوافل المشاركين من البقاع والجنوب برغم العاصفة الثلجية والثلوج وموجة الصقيع التي ضربت المناطق كافة، حتى ان بعض مقاطع الفيديو أظهرت توافد مشاركين سيرا على الأقدام تحت المطر من قرى منطقتي الزهراني وصيدا وصور، ليبيتوا ليلتهم في بيروت أو الضاحية ويكونوا على مقربة من مكان التشييع. حتى فاق عدد المشاركين من المواطنين صبيحة التشييع نحو مليون و400 ألف شخص حسب تقدير منظمي التشييع، بينهم 200 ألف من البقاع وحده.

كما انه برغم الحصار الجوي على المشاركين، وصل مشاركون من تونس عبر تركيا، ووصل إيرانيون عبر العراق ووفود عربية من العراق وموريتانيا واليمن وغيرها… وهكذا اكتمل عقد المشاركين من خارج لبنان. فيما المشاركة اللبنانية الرسمية والسياسية والحزبية خضعت لمقاييس الموقف السياسي من الحزب، فقاطع التشييع معارضوه وخصومه لا سيما من القوى المسيحية، وبعضهم لم توجّه إليه الدعوات أصلا، ومنهم من قال لـ «اللواء» انه حتى لو تلقّى دعوة لن يشارك نتيجة الموقف المعلن من مشاركة الحزب في «حرب الإسناد لغزة» ومن قضية سلاح المقاومة.

وقد تفهّم الحزب هذا الموقف غير الجديد والمعروف من سنوات طوال، لذلك لم يراهن على مشاركة خصومه أو المختلف معهم على قضايا داخلية إجرائية أو حتى قضايا كبرى، بإستثناء التيار الوطني الحر الذي شارك في التشييع بوفد نيابي من ستة نواب وأكثر. لكن رهان الحزب لم يكن فقط على المشاركة الخارجية، والمشاركة الرسمية اللبنانية التي مثّلها الرئيس نبيه بري بإسمه وبإسم رئيس الجمهورية فيما تمثّل رئيس الحكومة بوزير العمل محمد حيدر، لكن كان رهانه على حجم المشاركة الشعبية، وما أراده حزب الله من هذا التشييع المهيب والذي وُصف بالتاريخي حقّقه عبر الرهان على جمهوره أكثر من الرهان على الموقف السياسي، وقد قالت مصادره لـ «اللواء»: ان الرهان على جمهور المقاومة كان في محله وهو لم يخذلنا.

أثبت حزب الله وحليفته حركة أمل التي شارك مناصروها بكثافة أيضا في التشييع، ان حضورهما في الحياة العامة السياسية والشعبية ما زال قوياً، وانه لا يمكن للضغوط الأميركية والإسرائيلية أن تشطبهما من المعادلة الرسمية والسياسية والشعبية الداخلية. وإذا كان للرئيس بري وضعية خاصة ضمن التركيبة اللبنانية السياسية لا يمكن تجاوزها، فإن حزب الله أثبت بحضوره الشعبي الحاشد غير المسبوق انه غير قابل للإلغاء، وان على جميع الأطراف في الداخل والخارج أن يأخذوا هذا الأمر بعين الاعتبار، وإلّا إذا استمر هذا التجاهل والمكابرة واعتباره مهزوماً ولم يعد له تأثير، فسيعتبر ذلك موجّهاّ نحو طائفة كاملة مؤسسة للكيان وفاعلة ومؤثرة فيه يمثلها ثنائي الحزب وأمل.

لا شك ان الأنظار تتجه بعد التشييع الى ما سيفعله الحزب على مستويين: الأول دوره في اللعبة السياسية الداخلية، ودوره الى جانب الدولة في تحرير الأرض المحتلة، بعدما ثبت ان العدو الإسرائيلي المستقوي بالأميركي وبتراخي لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار، لا سيما بعد أدّى ولبّى الحزب وجمهوره الواسع نداء «إنّا على العهد… كلنا مقاومة»، ولهذا الشعار له ما له من خلفيات تؤكد ان الاحتلال الى زوال ولو طال فترة من الوقت، وان الحزب وجمهوره لم يستنفذا بعد ما عندهما لمواجهة الاحتلال، ولعل مشاهد حضور التشييع وزحف الجنوبيين الى قراهم وبيوتهم المدمرة دليل على إرادة تحدّي الاحتلال وطرده.

هذا إضافة الى ما أعلنه الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم خلال التشييع من مواقف حول التعاطي مع المرحلة المقبلة، تؤكد استمرار المقاومة، وقوله: نحن اليوم في مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها. أبرز خطوة أن تتحمّل الدولة مسؤوليتها. التزمنا ولم تلتزم إسرائيل. صبرنا لإعطاء الفرصة لانسحابها. واليوم بعد انتهاء مهلة الاتفاق لم نعد أمام خروقات أصبحنا أمام احتلال وعدوان. لا تستطيع إسرائيل. المقاومة لم تنتهِ وهي مستمرة بحضورها وجهوزيتها. وسنشارك في بناء الدولة القوية العادلة وسنساهم في نهضتها تحت سقف اتفاق الطائف. ومتمسّكون بطرد الاحتلال وإعادة الإعمار وحريصون على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى