كتب كمال ذبيان في “الديار”:
يقترب موعد التجديد للقوات الدولية في الجنوب، في شهر آب المقبل، ويتزامن ذلك مع اشتعال مواجهة عسكرية بين العدو الاسرائيلي و”حزب الله”، الذي فتح جبهة اسناد لغزة، في 7 تشرين الاول 2023، وهي مستمرة منذ تسعة اشهر، ولم تتوصل الاتصالات الديبلوماسية والمطالب الدولية، واخرى الداخلية، الى وقف الاعمال العسكرية من جانب واحد في الجنوب، بتطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 12 آب 2006، اثر شن الجيش الاسرائيلي حرباً على لبنان ومقاومته فيه، رداً على عملية خطف جنود اسرائيليين، في 12 تموز بعملية نفذها “حزب الله” في خلة وردة ببلدة عيتا الشعب المتاخمة للحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، والتي هي من اكثر البلدات في الشريط الحدودي تعرضاً للقصف والمواجهات مع العدو الاسرائيلي، وسقوط شهداء وجرحى.
فالقرار 1701، اوقف الاعمال العسكرية، ولم يوقف الحرب، بين لبنان وتحديداً “حزب الله”، والعدو الاسرائيلي، وقضى بانتشار الجيش اللبناني مع قوات الطوارىء الدولية، على كل المساحة الجغرافية شمال نهر الليطاني، وهو ما فعله، وتصدى اكثر من مرة، لجيش الاحتلال عند كل محاولة خرق الحدود اللبناني عند الخط الازرق المرسّم في العام 2000، بعد تحرير الجنوب في 25 ايار منه، وتحفظ لبنان عن 13 نقطة ممتدة من الناقورة الى شبعا.
فالشق اللبناني من القرار منفذ، ويبقى عدم وجود سلاح في شمال الليطاني، وهو ما لا يعترض عليه لبنان، لكن اسباب وجوده، تتعلق باستمرار احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي لبلدة الغجر، اضافة الى ان عدوانية الكيان الصهيوني قائمة، وهو يخرق السيادة اللبنانية، فسجل الاف الخروقات له.
ووقف الحرب في الجنوب، مرتبط بتوقفها في غزة، وليس بتطبيق القرار 1701، الذي له آلية لم تلتزم بها “اسرائيل”، وفق ما يقول قيادي حزبي في محور المقاومة، الذي يشير الى ان ليس “لاسرائيل” الحق في التدخل بما سيرسمه اللبنانيون في الدفاع عن بلدهم، وهذا شأن يجري بحثه منذ طاولة الحوار في مجلس النواب في مطلع آذار 2006، وما اصطلح على تسميتها الاستراتيجية الدفاعية، لانه لا يمكن للبنان، ان يعود الى سياسة “قوته في ضعفه”، ورفض تسليح الجيش، اذ تشترط اتفاقية الهدنة عام 1948، الا يتعدى السلاح مع الجيش الفردي والبندقية وناقلات جند، لان من تولوا السلطة في لبنان، رفضوا تسليحه وتزويده بعقيدة قتالية، لانهم عملوا على ان لبنان يحميه حياده عن الصراع مع العدو الاسرائيلي، الذي هجّر حوالى 150 الف نازح عام 1948 الى لبنان، وضم سبع قرى لبنانية الى كيانه الغاصب، وكان يمنع لبنان من استثمار ثروته المائية، ويصل الى بيروت بغارات اضافة الى عمليات اغتيال، وقصف يومي لبلدات الجنوب ومدنه، ونزوح اهله عنه.
فما يحصل في الجنوب، من مواجهات عسكرية، لن يكون ثمنه امناً “لاسرائيل”، يقول القيادي، لان قواعد الاشتباك ستبقى على ما هي عليه، وتعود الى سابق عهدها، بتوقف اسباب اندلاع الحرب جنوباً، وهي انتجت معادلات جديدة، ومنها ان المقاومة باتت في موقع الهجوم، بعد ان ثبّتت ردعها للجيش الذي لا يقهر، وحققت اهدافها بابعاد حوالى 100 الف مستوطن، وتدمير نحو 1025 منزلا والحاق اضرار متنوعة في حوالى 27 مستوطنة شمال فلسطين المحتلة، كما تضرر مؤسسات وتوقف اخرى عن العمل، مع سقوط المواقع والثكنات والمقرات وابراج المراقبة.
وحاول الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، وبعد ترسيم الحدود البحرية، ان ينتقل الى البرية، فجوبه برفض لبناني، وقبل مواجهات الجنوب، لان الحدود مرسمة دولياً منذ العام 1923، وان “اسرائيل” ما زالت محتلة لارض لبنانية، عليها الانسحاب منها وفق القرار 1701، وهي سبق ولم تنفذ القرار 425 الصادر في آذار 1978، ومنعت الجيش من الانتشار في الشريط الحدودي المحتل، فاقامت حزاما امنياً، تعود للحديث عنه، باجتياح لمنطقة شمال الليطاني، وهو امر صعب تحقيقه، لان المقاومة بالمرصاد.
فمع طرح التجديد للقوات الدولية، والذي كان يحصل على مدى 18 عاماً، بشكل عادي، هناك من يفكر ان ينقله الى الفصل السابع من نظام الامم المتحدة، كما طلبوا في 2006، اثناء المفاوضات بين لبنان والامم المتحدة، لكن تم تعطيل هدفهم وهم من 14 آذار بصمود المقاومة العسكرية، بعد 33 يوماً على الحرب التي لم تحقق اهدافها بالقضاء على “حزب الله” بقتل قيادته او اسرها ونزع سلاحه، فانتزع لبنان القرار 1701، الذي غير مطروح التعديل عليه، يقول عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم لـ “الديار”، فما لم تحصل عليه “اسرائيل” في حرب تموز 2006، لن تتمكن منه، وهي مهزومة في غزة ومردوعة في لبنان، حيث بدّلت المقاومة من اساليب المواجهة مع العدو الاسرائيلي وبات هو في مأزق عسكري وسياسي، ولم يعد كما كان يهدد لبنان، وكأن لا قوة بوجهه.
فدور القوات الدولية، مساعدة الجيش، سيبقى كما هو، مع انضباط في حركتها، ولا تخرج عن الطرق التي تسير عليها، كيلا يقع صدام مع الاهالي، وهي عليها ان تساعد لبنان في استرجاع اراضيه المحتلة، عبر تطبيق القرارات الدولية، وهي لم تقم بذلك، فوجودها هو لمساعدة لبنان، لا لحماية “اسرائيل”.