أوجه الشبه بين “#أندرويد” و”آي أو إس” كثيرة، لكن الاختلاف بين نظامي التشغيل الأكثر شهرة للهواتف الذكية لا يزال قائماً، وتجربة المستخدم تختلف بين نظامٍ وآخر. ويتّضح المأزق بشكل أكبر عند التبديل من نظامٍ لآخر، إذ إن التأقلم مع التغييرات الطفيفة يكون صعباً لدرجةٍ تفوق ما نتخيّله. هذا ما تناوله أحد مستخدمي “آي أو إس” لمدة ١٤ عاماً في مقالٍ في صحيفة “نيويورك تايمز”.
قام الكاتب بتجربة التحول إلى هاتف أندرويد لمدة أسبوع. وكانت هذه الخطوة بمثابة اختبار لقضية احتكار كبيرة ضد شركة “أبل” رفعتها وزارة العدل الأميركية، التي تتهم الشركة باستخدام سيطرة احتكارية على “#أيفون” لإلحاق الضرر بالمنافسين وعرقلة انتقال العملاء إلى هواتف أخرى.
فوجئ الكاتب في البداية بسهولة نقل بياناته من “أيفون” إلى هاتف “أندرويد” من صنع “غوغل”. فبمجرد تثبيت تطبيقٍ على “أيفون” مصمم من “غوغل” لمساعدة الناس على التحول، تمكّن من نسخ قائمة جهات الاتصال وألبوم الصور والتقويم إلى حساب “غوغل” الخاص به. ثم ظهرت كل تلك البيانات على هاتف “أندرويد” الخاص به.
كاد ينهي مهمته، ولكنّه بعد إجراء مكالمة مع شركته المقدّمة للخدمة الهاتفيّة لنقل رقم هاتفه إلى جهاز أندرويد، اكتملت المهمّة، وأصبح رسميا مستخدمًا جديدًا لنظام أندرويد.
في البداية، كان سعيدًا باختياره حيث قام بالترقية إلى هاتف “غوغل بيكسل” فاخر. ولكن بحلول اليوم السادس، أصبح راغباً في العودة إلى “أيفون” مرة أخرى.
تراكمت مجموعة من الإزعاجات. على الرغم من أنه لا يزال بإمكانه استخدام معظم منتجات “أبل” الخاصة به، فإنه بدأ يفتقد ساعة “أبل واتش” التي تتطلب هاتف “أيفون” للعمل بكامل طاقتها. بالنسبة إلى البرامج، تمكن من العثور على بدائل “أندرويد” لجميع تطبيقاته المفضلة، باستثناء تطبيق الملاحظات Notes. وبينما لم يكن تبديل الهواتف صعباً من الناحية الفنيّة، فإن قبضة “أبل” ظلّت قويّة عليه.
تركّز دعوى مكافحة الاحتكار، التي رفعتها الحكومة ضد شركة “أبل”، على كيفية الحفاظ على ولاء العملاء لأجهزة أيفون، وعلى احتمال تأثير ممارساتها في منافسات السوق.
رفضت كلتا الجهتين، شركة “أبل” ووزارة العدل الأميركية، التعليق.
وتطرقت الدعوى المكوّنة من 88 صفحة إلى أن عدداً من منتجات “أبل” تحمي الميزة التنافسيّة للشركة مع هاتف “أيفون”، بما في ذلك تطبيق “آي مسج” وتطبيق “أبل واليت” وساعة “أبل واتش”. فإلى أي مدى تجعل هذه الميزات التخلي عن هاتف “أيفون” صعباً؟ هذا ما وجده المستخدم:
خسارة “آي مسج”
في الأغلب، يمكن لمستخدمي “أيفون” ومستخدمي “أندرويد” التواصل مع بعضهم البعض بسهولة عبر البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية وتطبيقات مثل “سلاك”. ولكنهم عندما يتعلق الأمر بالرسائل النصية، يجدون انقساماً واضحاً يعرف باسم “تباين الفقاعة الخضراء مقابل الفقاعة الزرقاء”.
عندما يرسل مستخدمو “أيفون” رسائل نصية إلى “أيفون” أخرى، تظهر الرسائل باللون الأزرق، ويمكنها الاستفادة من ميزات حصرية مثل تحريك رسوم تحية عيد الميلاد. ولكن إذا قام مستخدم “أيفون” بإرسال رسالة نصية إلى مستخدم “أندرويد”، يتحول لون الفقاعة إلى اللون الأخضر، ويتوقف العديد من الميزات عن العمل، وتتدهور جودة الصور ومقاطع الفيديو.
قبل نقل رقم هاتفه إلى هاتف “بيكسل، استخدم هاتف “أيفون” الخاص به لإرسال رسائل “آي مسجز” إلى زملائه مستخدمي الفقاعة الزرقاء ليحذرهم من أن محادثاتهم ستتحول قريبًا إلى اللون الأخضر. رد أحد الأصدقاء “إيه!”. ولكن بعد العديد من التعليقات الممازحة، لم يبدِ أحد أي اعتراض، واستمر في تجربته.
بعد ذلك، اضطر إلى فصل رقم هاتفه من “آي مسج” على موقع “أبل” الإلكتروني للتأكد من أن رسائله النصية لم تعد تمر عبر خوادم “أبل” ووصلت إلى هاتفه، وإلا فلن يتلقى رسائل نصية من أجهزة “أيفون” أخرى. في النهاية، تحولت المحادثات إلى اللون الأخضر، ولم يسخر منه أحد. ومع ذلك، لاحظ أن العديد من الأصدقاء توقفوا فجأة عن إرسال الصور له، ربما لأنهم كانوا يعلمون بأن الصور لن تبدو جيدة بعد الآن.
لعدة سنوات، قام بعض من أقرب أصدقاء المراسل بالدردشة معه فقط من خلال “سيغنال”، وهو تطبيق مراسلة الطرف الثالث الذي يتمتع بحماية قوية للخصوصية والعديد من الميزات نفسها الموجودة في “آي مسج”. ويتوفر تطبيق “سيغنال” أيضًا على نظام التشغيل “أندرويد”، مما يحافظ على هذه العادة.
أعلنت شركة “أبل” أنه في وقت لاحق من هذا العام، ستحسن الرسائل النصية بين مستخدمي “أيفون” و”أندرويد” عن طريق اعتماد خدمات الاتصالات الغنية (RCS)، وهي معايير قامت “غوغل” وشركات أخرى بدمجها في تطبيقات المراسلة الخاصة بها منذ سنوات. ستظل النصوص المرسلة بين أجهزة “أيفون” وأجهزة “أندرويد” خضراء، لكن جودة الصور ومقاطع الفيديو ستكون أعلى.
خسارة محفظة “أبل واليت”
بالنسبة إلى أجهزة “أيفون”، فإن تطبيق “أبل واليت” هو الخيار المناسب لإجراء المدفوعات الجوّالة في المتاجر. أما بالنسبة إلى مستخدمي “أندرويد”، فإن تطبيق “غوغل واليت” هو التطبيق البديل. وكانت تجربة استخدام كل من تطبيقات المحفظة متطابقة: فقد قام المراسل بشحن بطاقات الائتمان وبطاقة “كليبر” الخاصة بخدمة النقل السريع في منطقة خليج سان فرانسيسكو.
ينصب انتقاد وزارة العدل الأميركية على “أبل واليت” في كيفية منح “أبل” لتطبيقها فقط حق الوصول إلى شريحة الدفع الخاصة بهاتف “أيفون”، مما يمنع خدمات المحفظة المتنافسة من استخدام تلك الشريحة لإجراء المدفوعات. ولكن الطريقة، التي صممت بها “أبل” تطبيق “واليت” الخاص بها، لم تؤثر على قدرة المراسل على التحول إلى نظام التشغيل “أندرويد”.
خسارة ساعة “أبل واتش” ومنتجات أخرى
بالنسبة إلى مالكي أجهزة “أيفون”، فإن الحافز الرئيسي لشراء المزيد من منتجات “أبل” هو أنها تعمل معًا بسلاسة. على سبيل المثال، يستخدم الكمبيوتر المحمول “ماك” العديد من التطبيقات نفسها للمراسلة وتدوين الملاحظات والتذكيرات مثل “أيفون”، وتتم مزامنة البيانات بين الأجهزة باستخدام “آي كلاود” من “أبل”.
نظريًا، كلّما زاد استثمارك في نظام “أبل” البيئي، وكلّما زادت قيود “أبل” على عمل منتجاتها مع الأجهزة المنافسة – وفق ما تقول وزارة العدل – كان من الصعب التحوّل من جهاز “أيفون”.
بعد أن تحول المستخدم إلى هاتف “أندرويد”، تقلّبت مشاعره حيال استخدام منتجات “أبل” الأخرى بين الضيق والإحباط الشديد:
* عمل “أيباد” بشكل مستقل عن “أيفون”، لكن لم يعد بإمكانه رؤية رسائله النصية على الجهاز اللوحي بعد الآن. كان هذا أمرًا ثانويًا لأنه لا يرسل الكثير من الرسائل النصية على “أيباد”.
*
* كانت سماعات “إيربود برو” تعمل بشكل جيد حيث تمكنت من الاتصال بسرعة بهاتف “بيكسل” لتشغيل الموسيقى. لكن الجانب السلبي هو أن “إيربودز” تستخدم “أدابتيف إي كيو”، وهي تقنية تضبط جودة الصوت وفقًا لشكل أذنك، وهي تعمل فقط مع البرنامج على “أيفون”. لذلك لم يكن الصوت جيدًا.
* لم يكن بإمكانه استخدام هاتف “أندرويد” الخاص به لتحديد موقع أجهزة “إيرتاغ”، وهي أجهزة تتبع صغيرة من “أبل” يستخدمها للعثور على محفظته ومفاتيحه على الخريطة. ولكن عندما كانت أجهزة “إيرتاغ” في جيبه، أظهر هاتف “أندرويد” تنبيهًا يفيد بأن “جهاز تتبع غير معروف” يتحرك معه، وهي ميزة أمان لمكافحة الملاحقة.
واجه المستخدم إزعاجات أخرى لم يتم تحديدها بشكل خاص في الدعوى القضائية، ووصل أخيرًا إلى ذروة الإحباط عندما حاول العثور على بديل لتطبيق الملاحظات من “أبل”، والذي يستخدمه بانتظام على أجهزة “ماك” و”أيباد” والهاتف للعمل والمشاوير الشخصية. لقد استخدم تطبيقات بديلة لكن أياً منها لم يعجبه. وعند دمج ذلك مع المشكلات المذكورة أعلاه، أصبح الأمر لا يطاق.
في المحصلة، ومن وجهة نظر المستخدم، فإن التبديل بين الهاتفين قد يبدو سهلاً، لكن هناك العديد من الأمور التي قد تدفعك للندم على الخطوة.