ارتفع منسوب المواجهة. ليس الأمر كما يظن بني غانتس، حين قال: “الجيش جاهز للحرب على جبهتي غزة ولبنان”. يرد عليه الفدائيون في جنين: “أنت لا تستطيع وقف العمليات في الداخل أو اقتحام مخيم جنين من دون عبوات متفجرة، فكيف ستقوى على جبهات متعددة؟”. تغير المشهد قبل عام، بعد ربط القدس بصواريخ غزة وتثبيت معادلة ردع أخرى: الاعتداء في القدس يعني الحرب. الآن معادلة جديدة: اقتحام جنين يعني الحرب أيضاً. هكذا ترتبط الجغرافيا الفلسطينية بصاعق تفجير واحد؛ وعليه الحرب هي ردة فعل على أفعال الاحتلال.
الجميع ينتظر يوم الجمعة وذبح المستوطنين القرابين داخل المسجد الأقصى، وهذا ضمن معادلة الصواريخ الجاهزة. لكن هناك بديل آخر عن سيناريو المعركة وهو أن يحتوي الاحتلال هؤلاء المستوطنين ومنعهم من تدنيس الأقصى. الا أنه مقابل ذلك ستكون التكلفة السياسية والمعنوية كبيرة. هذا يعني أن الاحتلال رضخ لتهديدات الفصائل في غزة، وربما لا تستطيع حكومة نفتالي بينت، المتفككة أصلاً تحمل هكذا رهان.
ولذلك تبدو الأجواء ضبابية، لأن الجميع لا يريد الحرب وفي الوقت نفسه لا يستطيع الهروب منها. فالفصائل ربطت القدس بغزة، لا يمكنها التراجع. والاحتلال لا يريد الظهور بثوب الضعيف الراضخ للتهديدات لا سيما بعد عمليتي بني براك وشارع ديزنغوف. هكذا تضيق الخيارات، والتدخلات الاقليمية والدولية بطيئة ولا أوراق في يدها تقنع الأطراف. والأهم أن الاحتلال يخشى معركة يكون فيها ضعيفاً إعلامياً ودبلوماسياً، فالاكيد أن الرأي العام العالمي سيقارن بين اوكرانيا وفلسطين، وكيف يدعم الغرب الأوكرانيين المظلومين بنظره بينما يرى بعين عوراء ما يفعله الاحتلال. لذلك هذه النقطة ستكون هامة في اتخاذ قرار الحرب عند بينت وغانتس وتقديم الغطاء الاميركي الغربي لها.
أما في حال وقعت الحرب، فكل الظن أن تكون مثل معركة “سيف القدس” أي لأيام معدودة. لكن من يضمن كيف تتوقف؟ وإذا كانت الخسائر الاسرائيلية كبيرة لا يمكن وقفها. ومن يضمن ألا تتحول الى إقليمية بعد وضع معادلة “حزب الله”: الاعتداء على القدس يعني حرباً إقليمية؟. ومن هنا، بدأ عض الأصابع ومن يصرخ أولاً يكون خاسراً، ولطالما كان الفلسطينيون يتألمون ولا يستسلمون.