تتحضر الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية بكل قوة للإنتخابات النيابية المقبلة في الخامس عشر من أيار ، وعلى قدمٍ وساق يجري العمل على الحشد الطائفي وإثارة النعرات المذهبية، دون أي حسيبٍ أو رقيب، ناهيك عن استمرار الخطابات العالية السقف و التحالفات والتباينات، فيما تستمرُ «القوات اللبنانيةُ» بحملتها التحريضية على كلٍ من التيار الوطني الحر والعهد من جهة ، وعلى حزب الله من جهةٍ أخرى .
الحديثُ يطولُ عن الإنقسامات الإنتخابية والتحالفات ، فالشارع المسيحي المنقسم الى قسمين بين «التيار الوطني الحر» و»القوات» ، يعرفُ تمام المعرفة أن الصناديق الإنتخابية تحملُ الكثير من المفاجآت في أيار القادم ، رغم الشعارات الرنانة و تبادل الإتهامات والتراشق الكلامي المستمر ، خصوصاً المتعمدِ من قبل «القوات» .
وأمام هذا السيناريو بات من المؤكدِ أولاً ، خسارة المقعد الماروني ل «القوات» في دائرة بعلبك الهرمل، و الذي يشغله النائب أنطوان حبشي ، حيثُ النفوذ الشيعيُ في تلك المنطقة والتأييد الكبير للثنائي الشيعي، ما يعني حتماً خرق هذا المقعد وخسارته .
ومما يزيدُ الضغط على «القوات» أن المقاعد المارونية في كسروان حسمت بنسبة كبيرة لصالح ندى البستاني وفريد هيكل الخازن وشوقي الدكاش ونعمة افرام ، أما المقعد الخامس فهو المتنازعُ عليه ، ما يعني المزيد من الصفعات .
وفي هذا السياق، تغيبُ الأصوات السنية في منطقة البترون بعد إنسحاب «تيار المستقبل» ، وتحديداً في المقعد الماروني الثاني ، و المقعد الماروني الثالث في زغرتا .
وفي نفس السياق، حسم المقعد الماروني الأول والثاني في بعبدا ، لصالح بيار أبو عاصي وآلان عون ، فيما بقي المقعد الماروني الثالث محط أنظار أمام الجميع .
وفي المعلومات، فإن التيار الوطني الحر يمتلكُ في دائرة بعبدا أكثر من ١٦ ألف صوت، إضافةً إلى ١٠٠٠ صوت من خارج التيار لصالح المرشح الماروني الثاني في اللائحة العونية، و ٢٠٠٠ صوت من الطائفة الدرزية لحليف الوزير طلال إرسلان الذي سيترشح إلى جانبه، و يستطيع حزب الله تجيير قرابة ٢٠٠٠ صوت لهذه اللائحة، وهو ما يؤكد الفوز بالمقعدين المارونيين، و فوز لائحة الثنائي الشيعي بمقعدين شيعيين .
و بحسب مصدرٍ سياسي ، فإنه من المتوقع أن يصل السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً بعد إقفال باب اللوائح منتصف ليل الإثنين في وزارة الداخلية، علماً أن العدد يفوق العدد الاجمالي للوائح انتخابات ٢٠١٨ ، ويعتبر المصدر أن عودة السفير السعودي ما هو إلا عملية تدخل سياسية انقاذية ، بعد توفر معطيات بأن الأجواء الإنتخابية تميلُ الى المكوّن السياسي المتمثل بالثنائي الشيعي وكل من التيار الوطني وحلفائهم ، لذلك جاءت عودة السفير البخاري الى بيروت للعمل على دفع المزيد من المعطيات بإتجاه تعويم الحلفاء والمجموعات المنضوية تحت رايةِ السعودية وبعض القوى الخارجية الأخرى .
واشار المصدر الى ان كل ما قامت وتقوم ُ به السفارات من حربٍ إعلامية وسياسية وحتى طائفية ومالية زاد من خسارتها، وحسم فوز تكتل لبنان القوي ب ١٩ مقعد ، مع إمكانية ارتفاع العدد نتيجة التحالفات مع القوى الأخرى إلى ٢٥ مقعد ، وهذا ما يُزعجُ السفارة الأميركية والسعودية ، أما الثنائي الشيعي فهو مرتاح على وضعه الإنتخابي ، و سنياً سيستفيدُ حزب الله من حلفائه بعد انسحاب «تيار المستقبل» من المعركة الإنتخابية ، وهو بذلك حسم التمثيل الشيعي وحليفه البرتقالي المسيحي ، وانتقل ليدعم حلفاءه في الطائفة السنيّة ، ولا يزال يتقدمُ بشكلٍ خجولٍ لناحيةِ التمثيل الدرزي ، ما يعني الفوز على كافة الصعد .
وعليه، ورغم كل التحريض والصراخ والتهويل والضغوطات التي مورست على حزب الله والتيار الوطني الحر، والتي لم تثمر إلا المزيد من القوة ، إضافةً الى كل الشعارات التي أطلقت للماكينات الإنتخابية في لبنان والتي كلها تصبُ ضد حزب الله ونزع سلاحه ، بدايةً من «القوات» مروراً بالمستقلين وبعض «القوى التغييرية» ، تُشيرُ الى أن الصورة أكثر من مريحة .
و لا شك أن الإنتخابات البرلمانية اللبنانية لعام ٢٠٢٢ ستكون مفصلية ، و ستمكنُ اللبنانيين من إحداث خرق وتجديد على الصعيد الداخلي، وستكون لها انعكاساتها على الداخل والخارج، فالعديد من الدول تنتظرُ هذا الإستحقاق بفارغ الصبر، كي ترسم شكل العلاقة في المستقبل مع لبنان .